مقالات

“العرب” يُمسكون الملف اللبناني: محاولة لوضع أسس التسوية قبل القمة العربية

عندما تم الإعلان عن الاتفاق الإيراني-السعودي من بكين، استنفرت دوائر القرار في فرنسا، خاصة تلك المعنية بالملف اللبناني وملفات المنطقة، وحاولت الدفع باتجاه تبنّي نظرية المقايضة بين رئاستي الجمهورية والحكومة، وحاولت الضغط على المملكة العربية السعودية للقبول بطرحها، لأنها تُدرك أن الدور الفرنسي سيتقلص مع كل اتفاق عربي-عربي، أو عربي-إيراني.

لا تزال فرنسا تحاول تمرير تسوية سياسية لبنانية قبل فوات الأوان بالنسبة إليها، ولو أن البعض يعتبر أن الأوان قد فات مسبقاً عندما عادت الحياة الى العلاقات السياسية بين سوريا والسعودية، وتُشير مصادر سياسية متابعة إلى أن التقارب السعودي السوري والسعودي الإيراني سيأتي بكل تأكيد على حساب الدور الفرنسي التي حاولت فرنسا لعبه بعد انفجار مرفأ بيروت، وما الهجوم القاسي من قبل قوى سياسية مسيحية في لبنان على باريس سوى دليلاً على ضعف هذا الدور.

خلال السنوات الأربع الماضية، عندما عادت فرنسا بيروت، كان دورها كبيراً لسبب رئيسي وهو قدرتها على الحوار مع كل المكونات اللبنانية، بمن فيها حزب الله، وهي كانت الدولة الأجنبية الكبرى الوحيدة التي تُحاور الحزب بالعلن، وتزور سفيرتها في بيروت حارة حريك بشكل طبيعي ودائم، كما كانت الدولة الكبرى الوحيدة التي لها علاقات حسنة مع طهران، وهذا ما جعل دورها يكبر لأنها شكلت صلة الوصل بين طرفي الصراع في المنطقة، واليوم مع تقارب أطراف الصراع تخسر دورها الأساسي، وتتقلّص قدرتها على التأثير، ويحل البديل بالدور العربي الذي تُرجم من خلال الزيارة القطرية الى بيروت والتي ستكون عنوان المرحلة المقبلة.

اليوم، الكرة اللبنانية بيد الدول العربية وإيران بشكل أساسي، دون نسيان الدور الأميركي الذي عاد ليؤكد حضوره من خلال سيف العقوبات، لذلك سيكون للفريق العربي تحرك قريب في لبنان خلال شهر أيار بحسب ما تكشف المصادر في محاولة لاستباق المرحلة المقبلة من الانهيار، المحددة بانتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وتُشير المصادر الى أن القطريين لديهم التصور الكامل لمصير لبنان بحال وقع الفراغ في حاكمية المصرف، ويتشارك معهم العرب بالرؤية، لذلك هناك سعي لمنع الوصول الى فراغ في هذا المركز لأنه سيكون الأخطر على البلد، فهو أخطر من الفراغ الرئاسي ومن الشلل الحكومي.

التحرك العربي بحسب المصادر سيسبق القمة العربية التي ستُعقد بالرياض في 19 أيار، وتسعى قطر لأن تكون القمّة مناسبة للإتفاق على الحلّ اللبناني، وتؤكّد المصادر أنّملف بيروت سيكون حاضراً خلال القمة العربية التي ستشهد لقاءات ثنائية وثلاثية في هذا الإطار، لكن بطبيعة الحال فالنتيجة النهائية لكل مسعى هي بيد اللبنانيين، علماً أن الوضع في المنطقة لا يُبشّر بالخير، فهناك محاولات اسرائيليّة لهزّ الاستقرار، وهو ما سيكون وقعه كارثياً اقتصاديا واجتماعيا في لبنان بحال استمرار الوضع على ما هو عليه.

تمكنت القوى السياسية اللبنانية من التفاهم والإتفاق على تأجيل استحقاق الانتخابات البلدية ويتم الآن التفاهم على تبادل الأدوار لتشريع التأجيل، لكنهم غير قادرين على الجلوس على طاولة واحدة للتفاهم على ملف رئاسة الجمهورية والحكومة، لمحاولة إخراج لبنان من ورطته!.

المصدر
محمد علوش - النشرة

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى