مقالات

هل نحن أمام انتداب اقتصادي – قضائي فرنسي؟!

يتماهى الاهتمام الفرنسي منذ فترة ليست قصيرة بالملفات اللبنانية المتعددة المجالات من سياسية واقتصادية واستثمارية ومالية، مع البرودة اللبنانية التي تخفي “قبّة باط” حزبية ذات قدرة متمكّنة على السيطرة على الساحة الداخلية، بما يشي بحياكة تسويات على مختلف المستويات تعزّز المطامع وتُقصي باقي المكوّنات اللبنانية، ودائماً على حساب مصلحة الوطن والمواطن…

عقب انفجار 4 آب تجلّت “المَونة” الفرنسية على مفاصل الدولة اللبنانية، وتظهّرت بدايةً بجولات الرئيس إيمانويل ماكرون على المسؤولين اللبنانيين لتخفيف وطأة الفاجعة، واعداً بإجراء تحقيق فرنسي يُظهر الخيط الأسود من الأبيض… فكانت النتيجة أن ذاب ثلج الحماسة الفرنسية لكشف المتوّرطين في الانفجار، وبان مَرج المساعي الفرنسية الحثيثة إلى طرح خططها لإعادة إعمار مرفأ بيروت…

واليوم، تسمّي الدولة الفرنسية مرشحها لرئاسة الجمهورية لإيصاله إلى قصر بعبدا برعايتها وموافقتها، ساعيةً إلى إقناع المملكة العربية السعودية به… كما أنها دخلت على خط تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان بعد انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة، طارحة إسمين اثنين لخلافته… هذا معطوف على فوز الائتلاف ما بين شركة “ميريت إنفست” و”Colis Privé France” المملوكة من مجموعة CMA CGM الفرنسية في مناقصة إدارة قطاع البريد، بعدما حصلت الأخيرة على عقود إدارة قسم الحاويات في مرفأي بيروت وطرابلس… ذلك، من دون إغفال قيادة مجموعة “توتال إنرجي” الفرنسية لمشروع التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية…

وها هي الدولة الفرنسية أخيراً عبر سلطتها القضائية، تقاضي رئيس مجلس الإدارة المدير العام لبنك “الموارد” مروان خير الدين على أراضيها…

“هل نحن اليوم أمام انتداب اقتصادي – قضائي فرنسي؟!” يسأل مصدر مالي عبر “المركزية” ليقول: لقد تم حجز جواز سفر خير الدين في فرنسا فيما هو مواطن لبناني، كما أنه لا يملك مصرفاً في فرنسا، ولم يقم بأي تحويل إلى الأراضي الفرنسية، فالتحاويل حصلت في الداخل اللبناني. كان الأجدى بالسفارة اللبنانية في باريس التحرّك لمعرفة حيثيات الحجز كونه مواطناً لبنانياً… فعلى سبيل المثال لا الحصر، لو دَهَس فرنسيّ متواجد في بيروت مواطناً لبنانياً في الشارع أمام مرأى الجميع، هل كانت الدولة اللبنانية سحبت منه جواز سفره؟!

ويُضيف: لم يتم الاكتفاء بحجز جواز سفر خير الدين، بل ارتفع منسوب التهويل بإقفال مصرفه (“بنك الموارد”) وتهديد مصير المودِعين فيه… والأكثر استغراباً، طلب كفالة بقيمة مليون يورو! إنه رقم يُفرَض على مُرتَكبي أكبر الجرائم على الإطلاق. كل ذلك والدولة اللبنانية في منأى عما يجري وكأنها غير معنية بالموضوع!

ويسأل المصدر: لقد سحب القضاء الفرنسي جواز سفر خيرالدين استناداً إلى أي تهمة؟ ماذا ارتكب هناك في حق الدولة الفرنسية؟ وإذا كان ما ارتكبه حصل في لبنان، فبالتالي على القضاء اللبناني محاكمته وليس الفرنسي!

ويستغرب “كيف أن الدولة اللبنانية لم تحرّك ساكناً عبر سفارتها عند تلقيها خبر حجز جواز سفر مواطن لبناني في فرنسا”، وهنا استشهد بحادثة “تدخل الولايات المتحدة لسحب المواطن الأميركي من لبنان وهو أحد المتّهمين بتفجير مرفأ بيروت، وأخرجته من السجن ليستقلّ طائرة خاصة إلى الأراضي الأميركية!”.

في خلاصة العرض، هل يجوز القول إن لبنان يخضع اليوم لانتداب فرنسيّ من البوابة الاقتصادية والمالية والاستثمارية؟! انتدابٌ مجرّد من أي دعم مالي واجتماعي للشعب اللبناني الذي لم يعد ينتظر الفَرَج لا من “دولة أمّ” ولا من “دولة شقيقة”… سوى من الله وحده.

المصدر
ميريام بلعة - المركزية

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى