مقالات

فرنسا والمفوضية الأوروبية من الصين: الاستقلال الاستراتيجي تجاه أميركا والدولار

أنهى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان دير لاين زيارة تاريخية إلى بكين، توّجتها إعلانات ماكرون بمشروع الاستقلال الاستراتيجي عن السياسات الأميركية والعملة الأميركية، واستقلال أوروبا الآتي من بكين يرتبط مباشرة بالشعور الأوروبي بالخراب السياسي والاقتصادي الناجمين عن الالتحاق بواشنطن، خصوصاً في ضوء حرب الطاقة التي تفرّعت من الحرب الأوكرانية، والتداعيات العسكرية المقلقة الآتية من ساحات الحرب في أوكرانيا. وتقول مصادر فرنسية إن ماكرون ما كان ليذهب بهذه القوة في موقفه من السياسات الأميركية خصوصاً في شأن الدولار، لولا حصوله على ضمانات بدعم صينيّ اقتصاديّ وماليّ. فالصين التي تشتري المخزون النفطي وفائض الغاز الروسي قادرة على بيعه لفرنسا بسعر مختلف عن الأسعار المضاعفة التي تعتمدها واشنطن لبيع النفط والغاز لأوروبا، والصين وحدها قادرة على ضمان تفعيل مبادرة تنهي الحرب في أوكرانيا تقبل به روسيا، ويمنع هزيمة كاملة للغرب في أوكرانيا. وتضيف المصادر أن القدرة المالية الصينية النقدية، تتيح للصين تقديم الديون للاقتصاد الأوروبي والاستثمار بسندات خزينة باليورو، مقابل خروج أوروبي من مظلة الدولار خصوصاً في مجال الطاقة والتبادل التجاري مع الصين، حيث تستورد أوروبا ما يزيد عن 865 مليار دولار من الصين وتصدّر إليها بقرابة 250 مليار دولار سنوياً.
وأعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن اجتماعاً لوزراء خارجية دول روسيا وإيران وتركيا وسورية سوف يُعقد مطلع الشهر المقبل، تمهيداً للقمة الرئاسية بين سورية وتركيا، وكلام أوغلو يأتي بعد فشل اجتماع نواب وزراء خارجية دول الرباعية في التوصل إلى مسودة سياسية ترفع للوزراء لإقرارها تمهيداً للقاء القمة، بسبب التعنت التركي برفض أي التزام بالانسحاب تشترط سورية تضمينه لكل بيان سياسي يصدر عن الرباعية، وهو ما دفع مصادر متابعة لاجتماعات الرباعية إلى الاعتقاد بأن تغييراً طرأ على الموقف التركي لصالح قبول مبدئي بالطرح السوري والسعي لتخفيض سقفه في الصياغة بصورة تساعد على حفظ ماء وجه الرئيس التركي عشية الانتخابات الرئاسية.
وفقاً للمصادر المتابعة يسابق المسار التركي نحو سورية المسارات العربية المتسارعة نحوها، وفي مقدّمتها المسار السعودي السوري الذي سيشهد بعد عيد الفطر أول زيارة لوزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان إلى دمشق، فيما تتركز عيون المنطقة نحو اليمن لمتابعة التطورات المتسارعة التي رافقت زيارة الوفد السعودي العماني المشترك الى صنعاء ولقائه بالرئيس مهدي المشاط، وسط أجواء تفاؤلية أرخت بظلالها مع الكشف عن خطة للحلّ تتضمن تجديد الهدنة لستة شهور، تتضمن فتح المطار والموانئ ورفع كل أنواع الحصار وسحب القوات السعوديّة والإماراتيّة من اليمن، تليها مرحلة انتقالية يمنية تتضمّن حواراً بين الأطراف اليمنية حول شكل الحل السياسيّ وصولاً للانتخابات النيابية والرئاسية، ووفق مصادر يمنية متابعة تبدو السعودية متمسكة بالخروج من الحرب وضمان أمنها عبر الحدود وفي الممرات المائية بضمانات عُمانية إيرانية، ومن ورائها الصين، ولا تمانع بالإشارات التي أوحت بالاعتراف بشرعية حكومة صنعاء وعدم إخضاع خطواتها لحسابات الفريق السياسي المحسوب عليها تقليدياً، خصوصاً أن المجلس الرئاسي على خلاف عميق مع قيادات الجنوب التي تتمسّك بصيغة أقرب للانفصال وإعلان دولة مستقلة وحدّها الأدنى صيغة فدرالية للحكم.
في المنطقة كان الحدث في القرار الذي أصدرته حكومة الاحتلال بمنع المستوطنين من دخول الحرم القدسي خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، وهذا يعني البدء بالمنع من اليوم، والمنع يعني إسقاط كل دعوات التيارات المتطرّفة دينياً وقومياً لاعتبار هذا العام فرصة مختلفة لتطبيق الوعود التوراتية في ظل حكومة تشكل القوى الدينية والقومية المتطرفة بيضة القبان فيها. واللافت بقرار حكومة الكيان الإشارة الى أن القرار جاء بتوصية من المؤسسات الأمنية، والقرار يأتي على خلفية المواجهات التي شهدها المسجد الأقصى بين المعتكفين وشرطة الاحتلال، رافقها انفجار إقليمي وضع المنطقة على شفا حرب، لا يكفي لتفاديها عدم الرد على صواريخ المقاومة الآتية من لبنان وسورية وغزة، ما لم يتم إبطال صاعق التفجير المتمثل بالتصعيد الوحشيّ ضد المصلين والمقدسات في المسجد الأقصى، ويعتقد الخبراء المتابعون للمشهد أن القرار انتصار كبير لمحور المقاومة الذي ترجم معادلة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، سواء بإظهار وجود محور ممتدّ من فلسطين إلى سورية فالعراق واليمن ولبنان، أو بإثبات أن العبث بالأقصى يعادل تفجير حرب إقليمية.
فيما خيّم الهدوء على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة بعد جولة تصعيد صاروخي خلال الأيام القليلة الماضية، سيطرت حالة من الاسترخاء السياسي على المشهد الداخلي بسبب عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويمين الشرقي والغربي، لتعود السياسة من بوابة استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية المفترض أن تجري الشهر المقبل وسط ارتفاع احتمال تأجيلها لستة أشهر أو سنة والتمديد للمجالس البلدية والاختيارية بقانون يصدر من مجلس النواب وفق الأصول القانونية والدستورية، بحسب ما أشارت مصادر مطّلعة لـ»البناء»، نظراً لوجود تعقيدات عدة قانونية ومالية ولوجستية تحول دون تمكن الحكومة والأجهزة من إنجاز هذا الاستحقاق بالمواعيد الدستورية المحددة.
ولهذه الغاية دعا رئيس مجلس النواب نبيه برّي لجان المال والموازنة، الإدارة والعدل، الدفاع الوطني والداخلية والبلديات، الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط، إلى جلسة مشتركة الساعة 11 من قبل ظهر اليوم لدرس جدول الأعمال وأبرز وأوّل بنوده: اقتراح القانون الرامي الى فتح اعتماد في الموازنة عام 2022 بقيمة 1500 مليار ليرة لتغطية نفقات إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية لعام 2023 المقدّم من النائب علي حسن خليل.
إلا أن مصادرلفتت إلى أن حزبي القوات اللبنانية والكتائب وأغلب نواب التغيير يرفضون اقتراح خليل القاضي بفتح اعتماد من احتياط الموازنة لتمويل الانتخابات، كما يرفضون أي جلسة تشريعية لاعتبارهم أن مجلس النواب هيئة ناخبة حصراً في ظل الفراغ الرئاسي، فيما ترفض الحكومة تمويل الانتخابات من حقوق السحب الخاصة بلبنان من صندوق النقد الدولي لأسباب سياسية ومالية عدة.
من جهته، أوضح مصدر نيابي في التيار الوطني الحر لـ«البناء» إلى أن التكتل لم يقطع خيار المشاركة في جلسة تشريعية لمناقشة ملف الانتخابات البلدية والاختيارية بل يترك مشاركته مفتوحة على كافة الخيارات ومرهونة بالمصلحة العليا للدولة. ولفت الى أن «موقفنا المبدئي هو رفض المشاركة في جلسات مجلس الوزراء ومجلس النواب في ظل الفراغ في رئاسة الجمهورية، لكن هناك ظروف قاهرة واستثنائية تتعلق باستمرارية عمل المرافق العامة لا سيما تلك المتعلقة بحياة المواطنين المعيشية ومعاملاتهم الشخصية، الأمر الذي قد يدفعنا للمشاركة في جلسة تشريعية ببند وحيد هو الانتخابات البلدية فقط وهذا ما سنبلغه للجميع خلال جلسة اللجان المشتركة اليوم».
وعلمت «البناء» أن مصير الانتخابات البلدية والاختيارية سيحسم اليوم في جلسة اللجان المشتركة، وسيتبين ما إذا كان النواب سيوافقون على بنود جدول الأعمال وفي حال تمّ ذلك سيدعو الرئيس بري الى جلسة تشريعية خلال اليومين المقبلين أو الثلاثاء المقبل على أبعد تقدير.
وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ«البناء» عن مسعى واتصالات مكثفة أمس، بين الكتل النيابية لإنجاز الترتيبات القانونية والسياسية لتأجيل الانتخابات والتمديد للمجالس البلدية والاختيارية لمدة عام، مشيرة إلى أن أغلب القوى تريد التأجيل وهذا هو الخيار المرجّح حتى الساعة.
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اجتمع مع وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي قبل الظهر في السراي، في حضور المدير العام للأحوال الشخصية في وزارة الداخلية والبلديات العميد الياس الخوري. وجرى في خلال الاجتماع بحث التحضيرات للانتخابات البلدية والاختيارية.
وأشارت مصادر مطلعة في حركة أمل إلى «أننا كحركة موقفنا واضح مع إجراء الانتخابات وبدأنا بتشكيل لجان وأمس الأول كان هناك لقاء تنسيقي مع حزب الله وجاهزون لخوضها»، مشيرة إلى أن «من يريد الانتخابات عليه أن يسهّل انعقاد جلسة تشريعية لفتح اعتمادات تؤمن تمويل العملية الانتخابية لا أن يعطل الدور التشريعي للمجلس، وبالتالي على من يدّعي حرصاً على الانتخابات البلدية عليه أن يؤمن كل المناخات والمستلزمات لإجرائها لا أن يلجأ الى الشعبوية في الفضاءات الافتراضية ويتباكى في العلن على هذا الاستحقاق في حين في السر يستجدي التأجيل أو التمديد، وهكذا تتصرف القوات اللبنانية».
من جهته، شدّد عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب الدكتور بلال عبدالله على ضرورة إنجاز الانتخابات البلدية وإصراره على ذلك لأسباب عدة أولها أنه استحقاق دستوري أساسي وثانياً يعزز مبدأ اللامركزية الإدارية، وثالثاً أن المجالس الحالية دخلت في السنة السابعة بعد التمديد الأول، وبالتالي نرفض منطق رمي المسؤولية بين الحكومة ومجلس النواب»، ولفت الى أننا «ننظر الى هذا الاستحقاق من منظار إنمائي لا سياسي».
على الخط الرئاسيّ لم يسجّل أي جديد على المستوى الداخلي رغم بعض الاتصالات التي انطلقت بعيداً عن الأضواء بعد خلوة بكركي للتوفيق بين الأطراف السياسية المسيحية. وعلمت في هذا الصدد عن تواصل غير معلن بين التيار الوطنيّ الحر والقوات اللبنانية على مستوى نيابي لمحاولة تأمين توافق الحد الأدنى للتنسيق بالملف الرئاسيّ، لكن تبقى العيون ترصد تطورات الإقليم لا سيما خط طهران الرياض دمشق، وتوقعت أوساط سياسية لـ«البناء» انعكاساً إيجابياً قريباً للتقارب الإيراني السعودي على لبنان يترجم بتسوية سياسية قد تكون بعد القمة العربية المزمع عقدها في السعودية في أواخر أيار المقبل والمرتقب أن يحضرها الرئيس السوري بشار الأسد.
وتستمرّ الجهود الفرنسية على خط الرئاسة اللبنانية، وعلمت أن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية قدّم الضمانات اللازمة للفرنسيين خلال زيارته الأخيرة الى فرنسا والتي نقلت بدورها للمسؤولين السعوديين هذه الالتزامات على أن يجري بحثها في اللقاء الخماسي المتوقع أن يحصل بعد عطلة عيد الفصح وسيحاول الفرنسيون إقناع السعوديين برؤيتهم وأخذ أجوبة شافية من الرياض بالنسبة لترشيح فرنجية ومن الاستحقاق الرئاسي عموماً».
وإذ أكدت مصادر مطلعة على موقف حزب الله تمسّك الحزب بدعم فرنجية وعدم التخلّي عنه على الأقل في المرحلة الحالية لأنه المرشح الأوفر حظاً ويتناسب مع ضرورات المرحلة المقبلة محلياً وإقليمياً ودولياً، لفتت أوساط كتلة «التنمية والتحرير» الى أن «الملف الرئاسي على حاله ولا جديد يذكر ولا مبادرات والجميع بحالة ركود وجمود وانتظار، والرئيس بري يراقب التطورات والمواقف والحراك الخارجي ليبني على الشيء مقتضاه بعد عطلة الأعياد». وأوضحت أن «الحراك الفرنسيّ يقتصر على الحوار مع القيادات السياسية اللبنانية لاستطلاع آرائهم وينتظر تحوّلاً في الموقف السعودي أو الأميركي ليستكملوا جهودهم». ونفت الأوساط الحديث عن «انتقال ثنائي حركة أمل وحزب الله الى الخطة ب أي الى مرشح توافقيّ في حال طال أمد الفراغ واستمرّت قوى المعارضة برفض فرنجية وانسدت أفق التسويات الخارجية».
على مقلب آخر، جدّدت مصادر القوات اللبنانية رفضها ترشيح سليمان فرنجية، معتبرة لـ«البناء» أن موقفها لا يستهدف شخصاً بعينه بل أي مرشح من فريق حزب الله و8 آذار، مؤكدة تمسك القوات بترشيح النائب ميشال معوض طالما لا توافق على مرشح آخر أكان بين المعارضة وقوى التغيير والمستقلين أو بين المعارضة وقوى 8 آذار، مشددة على «أننا سنقاطع أي جلسة يمكن أن تؤدي الى انتخاب فرنجية، ولا علاقة لموقفنا بأي توجه سعودي».
ولا ترى المصادر في الأفق أي تسوية إقليمية – دولية للملف اللبناني ولا تغيّر في الموقف السعودي الذي يرفض استمرار سياسة المنظومة السياسية الحالية.
وعن موقف القوات من لائحة الأسماء التي أعدّتها بكركي، لفتت المصادر إلى أننا لا نركز على الأسماء بقدر ما تتوافق صفات المرشح وبرنامجه مع المواصفات التي وضعناها للمرحلة المقبلة، لكن في حال توافقنا مع قوى المعارضة على اسم من اللائحة سنسير به بالتفاهم مع معوّض، لافتة إلى أننا نسير بقائد الجيش العماد جوزاف عون إذا تمّ التوافق حوله.
ونفت المصادر كل ما ينقل عن جفاء في العلاقة بين السعودية والقوات اللبنانية أو ما ينقل عن امتعاض رئيس القوات من السفير السعودي في لبنان.
وعن استثناء مساعدة وزير الخارجية الأميركي باربرا ليف القوات اللبنانية من جولة زيارتها على القيادات اللبنانية، قالت المصادر: «هي لم تزر كل الأطراف المسيحية وليس فقط القوات، وهذا لا يحمل اي مؤشرات على الموقف الأميركي من الملف الرئاسي».
وأشارت مصادر نيابية اشتراكية الى «أننا متمسكون بمعوض لكن مع انفتاحنا على كافة الخيارات بمن فيها الأسماء التي طرحها جنبلاط على حزب الله والرئيس بري. وهي قائد الجيش العماد جوزاف عون والوزير السابق جهاد أزعور وصلاح حنين وأضفنا إليها شبلي ملاط ومي الريحاني، ومصرّون على لبننة الاستحقاق الرئاسي، لكن لا مانع من دعم خارجيّ سياسيّ وماليّ لأي تسوية رئاسية».

المصدر
البناء

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى