مقالات

هل فشلت المرحلة الأولى من خطة إصلاح الكهرباء؟

شكل قطاع الكهرباء منذ ما يزيد على عشر سنوات عبئا كبيرا على اللبنانيين، وكان السبب الرئيسي للانهيار المالي الذي حصل، لأن القطاع استهلك ما يقارب 50 مليار دولار من الأموال العمومية التي استدانتها الدولة بواسطة سندات الخزينة من البنوك، وهذه الأموال عبارة عن ودائع للمواطنين ولبعض المستثمرين من العرب والأجانب، وهي تمنعت عن إعادتها او دفع فوائدها.

ففي 18 يناير 2023 عقدت حكومة تصريف الأعمال اجتماعا برئاسة نجيب ميقاتي، خصص لمناقشة وضع مؤسسة كهرباء لبنان، بعد إقرار مجلس إدارة المؤسسة لزيادة التعرفة على الفواتير، حينها أعلن ميقاتي أن معالجة مشكلة الكهرباء يحل 50% من مشكلات البلاد. وقد وافق مجلس الوزراء على منح الكهرباء سلفة بقيمة 62 مليون دولار كثمن محروقات للمعامل، و54 مليون دولار للصيانة والتشغيل، على أن تعتمد خطة لاحقة تبلغ تكاليفها 300 مليون دولار إذا ما نجحت المرحلة الأولى من الإصلاح.

تأكد بعد مضي ما يقارب ثلاثة أشهر أن الخطة فشلت فشلا ذريعا، ولم يتأمن التيار 8 او 10 ساعات للمواطنين كما لحظت الخطة، والتغذية مقتصرة اليوم على تزويد الشبكة العامة بما بين ساعتين الى أربع ساعات كهرباء حسب الأفضليات الاستنسابية لمسؤولي وزارة الطاقة، والمواطنون لم يتمكنوا من الاستغناء عن المولدات الخاصة وفواتيرها المرتفعة، لأن التغذية الحكومية غير كافية، ولا تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات الحياتية.

والأخطر من كل ذلك، فإن التسعيرة الجديدة لحظت صرف الفواتير على أساس 27 سنتا أميركيا كثمن للكيلوات الواحد، تدفع بالليرة وفقا لمنصة صيرفة التي وصلت اليوم الى ما يزيد عن 90 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد، ووزارة الطاقة تفاوض المتعهدين من القطاع الخاص لشراء الكيلوات الواحد بـ 5.5 سنتات، وهي كانت ستدفع 10 سنتات ثمن الكيلوات للأردن فيما لو نفذ اتفاق استجرار الطاقة عبر سورية، وهناك مفاوضات سرية تجري مع شركات قطرية وفرنسية لشراء كهرباء منتجة من قبلهم بأسعار مشابهة. وهذا يؤكد أن تسليم الدولة للكهرباء على سعر 27 سنتا مرتفعة جدا وظالمة، وهي تحتسب على سعر صيرفة بتاريخ اصدار الفواتير، وليس بتاريخ استهلاكها، وهو ما قد يضاعف الكلفة على المواطنين.

والأخطر من كل ذلك، فقد رصدت خطة الإصلاح دفع رسم تأهيل على كل مشترك تصل الى 800 ألف ليرة شهريا، بينما لا يوجد أي أعمال تأهيل للشبكة حاليا، وهذا الرسم كان قد فرض بعد انتهاء الحرب، لأن الشبكة كانت مدمرة او معطلة بمعظمها. كما لحظت الفاتورة دفع رسم اشتراك يصل احيانا الى ما يزيد عن مليون ليرة شهريا وفقا لحجم الساعة، وهو ما كان ملحوظ سابقا عندما كانت التغذية تصل الى ما يزيد عن 20 ساعة يوميا قبل العام 2003، بينما ذات النسبة تدفع اليوم وعلى سعر منصة صيرفة، والتغذية لا تزيد على ساعتين يوميا في غالبية المناطق.

القدرة الشرائية المتهالكة للمواطنين لا تسمح لهم بدفع قيمة الفواتير التي أرسلت إليهم، وهم في ذات الوقت يدفعون فاتورة خيالية للمولدات الخاصة، ودخل غالبية اللبنانيين تراجع أكثر من 50 مرة منذ سنتين حتى اليوم.

مشروع القانون الذي تناقشه اللجان النيابية يلحظ السماح بإنتاج الكهرباء من المواطنين او من الشركات الخاصة وبيعها لمؤسسة كهرباء لبنان وفقا لأسعار يحددها السوق، لكن القانون قد لن يرى النور قريبا، بسبب عدم موافقة كتل نيابية مسيحية وازانة على المشاركة في أي جلسات تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية، وعملية انتخاب الرئيس يبدو أنها في مربع معتم ومعقد حتى الآن.

وزارة الطاقة التي يتولاها التيار الوطني الحر منذ أكثر من 13 سنة، مازالت تتعامل مع ملف الكهرباء بذات الركائز التي اعتمدتها سابقا والتي أدت الى الكارثة التي نعيشها اليوم.

المصدر
ناصر زيدان - الانباء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى