مقالات

لماذا هذا الإصرار على فرنجيّة… وما علاقة سوريا بالأمر؟

تُحمّل العديد من الجهّات “حزب الله” مسؤوليّة الفراغ الرئاسيّ، بسبب إصراره على انتخاب رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، ورفضه حتّى هذه اللحظة مناقشة أسماء جديدة تُعتبر وسطيّة، ما يُعيق الجهود الفرنسيّة والقطريّة التي دخلت بقوّة على خطّ التسويّة. وعلى الرغم من أنّ “الثنائيّ الشيعيّ” أبدى عدم حماسة في إيصال رئيس طرفٍ إلى بعبدا، قام بترشّيح حليفه المسيحيّ الذي يرى فيه الكثيرون أنّه “تحديّ”، لأنّه أوّلاً ينتمي إلى محور “الممانعة”، وثانيّاً كونه سيتغاضى عن تجاوزات “الحزب” في الداخل والخارج، ويضرب منطق السيادة والصداقة مع الدول العربيّة والغربيّة.
 
وليس غريباً أنّ يتشدّد “حزب الله” بفرنجيّة، فهو يُريد رئيساً يحافظ على “المقاومة” وسلاحها، مع بقاء أراضٍ لبنانيّة تحت الإحتلال الإسرائيليّ، وإمكانيّة إنفجار الجبهة الجنوبيّة مع العدوّ في أيّ لحظة كما حصل اخيرا ، إضافة إلى عوامل جيوسياسيّة أخرى، تُحتّم على “الحزب” أنّ يُبقي على عتاده العسكريّ حتّى إشعارٍ آخر.


ولكن بحسب مراقبين، تشهد المنطقة تحوّلاً جديداً في العلاقات الدبلوماسيّة، يتمثّل بالتقارب السعوديّ – الإيرانيّ من جهّة، وعودة الدول الخليجيّة إلى بناء جسور التواصل مع سوريا. وقد كان “الحزب” يدعو منذ فترة طويلة الدولة اللبنانيّة إلى التنسيق الرسميّ مع دمشق سياسيّاً واقتصاديّاً، بعدما خالف الرئيس بشار الأسد التوقّعات، وظلّ في منصبه بعد حربٍ دامت لأكثر من 10 سنوات.
 
ويُشير المراقبون إلى أنّ فرنجيّة وحده قادر على إعادة إحياء العلاقات اللبنانيّة – السوريّة، وهذا من أبرز أهداف “حزب الله” في المرحلة المقبلة، إذ أنّ أيّ رئيسٍ وسطيّ لن يُقدم على هذه الخطوة كيّ لا يزيد من التشنّج السياسيّ في البلاد. أمّا الخطر على طموح “الحزب”، فيكمن بوصول رئيسٍ “سياديّ” يُعادي دمشق أكثر، وخصوصاً وأنّ هناك ملفات أساسيّة لا تزال عالقة بين البلدين، وأهمّها ملف المفقودين في السجون السوريّة، والتهريب المستمرّ للمواد الغذائيّة والمحروقات والدولارات والمخدرات عبر المعابر غير الشرعيّة وترسيم الحدود البحريّة والثروات النفطيّة، إضافة إلى أنّ هناك عدم رغبة واضحة من فريق 14 آذار بالتعاطي مع سوريا، وبشكل خاصّ مع شخص الرئيس بشار الأسد.
 
إلى ذلك، هناك مسعى جديّ لإعادة إحياء دور سوريا الفاعل في الجامعة العربيّة، وإذا تعزّز موقعها العربيّ من جديد، فإنّها ستعود بقوّة إلى لبنان، بالتوازي مع الحديث عن توجيه دعوة سعوديّة مباشرة إلى الأسد لحضور القمّة العربيّة المقرّر عقدها في المملكة، أيّ أنّه وفق مراقبين، ستعود الـ”سين سين” بحضورها القويّ إلى الساحة الداخليّة اللبنانيّة.


في المقابل، ترى أوساط معارضة أنّ المعركة التي تخوضها هي الإبقاء على هويّة لبنان العربيّة وسيادته وحياده، من هذا المنطّلق قامت بترشّيح رئيس “حركة الإستقلال” النائب ميشال معوّض، وتقف ضدّ أيّ محاولة لانتخاب رئيسٍ “ممانع”، لأنّه سيأخذ البلاد إلى الشرق، ويبتعد بها عن محيطها العربيّ الصديق، كما كان الحال بالظبط خلال عهد الرئيس السابق ميشال عون.
 
وتلفت الأوساط إلى أنّ ضمّ لبنان للحلف السوريّ – الإيرانيّ – الصينيّ – الروسيّ، سيأخذه إلى محوّر جديد، ويفصله عن الدول الصديقة، ويضعه عرضة للعقوبات، فالمنطقة تشهد تحوّلاً في العلاقات، وهناك محاولة من طهران وموسكو وبكين لكسر الهيمنة السياسيّة والإقتصاديّة الأميركيّة في العالم. لذا، تعمل السعوديّة على تحييد لبنان عن هذا الصراع، عبر دعوتها لانتخاب رئيسٍ توافقيٍ لديه رؤية إصلاحيّة واقتصاديّة، وملمّ بتطبيق الدستور واتّفاق الطائف.
 
ويقول مراقبون إنّ فرنجيّة علاقته ممتازة بدمشق، وهو يُريد زيارة سوريا حكماً إنّ انتُخب لوضع اللمسات للتنسيق مع الرئيس الأسد، علماً أنّ أطرافاً كثيرة تعتبر أنّه حان الوقت لمجاراة الدول الخليجيّة، والذهاب للتطبيع مع الدولة الجارة بدلاً من معاداتها، لما لهذا الأمر من مردود إقتصاديّ وسياسيّ إيجابيّ على لبنان.

المصدر
لبنان 24

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى