إقتصاد

إمتحان صعب أمام الـ”online shops”: خسائر وإقفال حتميّ بفعل الأزمة

صفعة كبيرة سيتلقاها تجّار “الأونلاين” في حال استمرار تدهور قطاع الاتصالات والانترنت في لبنان، فالعصب الأساس لهؤلاء يتأثر بشكل مباشر بأعطال “أوجيرو” التي لا تحصى ولا تنحصر بمنطقة محددة، ومع كل إضراب لموظفي الشركة “المحتكرة” للقطاع، تتعاظم مخاوف أصحاب “المتاجر الالكترونية” ويتجدد القلق من الاتجاه الواضح لمسار الأمور في ظلّ الانهيار، فهم وان تحسّن وضع الانترنت في البلاد تبقى التحديات أمامهم كثيرة.

“بلا لفّ”
سجّل قطاع التجارة الالكترونية نموّاً قياسياً وبات التسوّق “اونلاين” بما يوفّره من خيارات كثيرة بأسعار متعددة بلا جهد التنقل في الأسواق، الخيار الأمثل للبنانيين. فبعد الإغلاق القسري للمتاجر في فترة انتشار فيروس كورونا، أتت أزمة الدولار لتثقل يوميات هؤلاء وباتوا يبحثون عن سبل التوفير.. هنا وجدت “تجارة الاونلاين” فرصة للسيطرة على الأسواق وحلّت مصدر التسوّق الأول.

وتخبر ميريم، 35 عاماً، أنها تفضّل التبضّع “أونلاين”، فهي ومن غرفتها أو مكان عملها، تختار ما تحتاج من ملابس وأمتعة وحاجات أساسية بلا عناء التجوال في السوق. وتقول لـ”لبنان 24”: “مع استمرار ارتفاع أسعار المحروقات، أفضّل عدم الذهاب الى السوق والتبضّع الكترونياً، فكلفة التوصيل لا تتخطى المئة ألف ليرة لبنانية في حين قصد المتاجر وإيجاد موقف و”اللّف” طوال الوقت سيكلف وقتاً وعناء وكلفة بنزين أكثر”.

تتابع الشابة متحدثة عن إيجابيات ما اعتبرته أفضل ما أحدثه التقدم التكنولوجي “بكبسة صغيرة أتنقل من صفحة الكترونية الى اخرى ومن متجر الى آخر، أقارن الأسعار والبضائع ثم أختار ما يناسبني”.

ليا، صديقتها، ثلاثينية أيضاً، لا تحبّذ هذا النوع من التسوّق، فتجربتها معه لم تكن “مشجّعة” بحسب قولها. وتروي أنها حصلت في إحدى المرّات على “طلبية لا تشبه صورة المنتج الذي اختارته”، ومنذ تلك الحادثة فقدت ثقتها بكل ما تروّج له وسائل التواصل الاجتماعي، وإن أعجبها منتج تطلب من القيّم على الصفحة الناشرة له بتزويدها بمكان “المتجر”، إن وجد، لتفحّص البضاعة قبل شرائها.

صفعات من كل نحو وصوب
صحيح أن التسوق “اونلاين” خيب ظنّ الكثيرين بما نالوه من بضائع “قريبة الى حد ما” مما تطلبوه، إلّا أن هذا النوع من التجارة أعاد “الصفعة” الى التاجر ووضعه بمهب ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية، ان لم “يدولر سلعه”، و”المرتجع قسراً” من ميل وأزمة الانترنت من ميل آخر.

ويشكو شربل، صاحب “صفحة تجارية” عبر “فايسبوك” من الزبائن التي تطلب البضائع ولا تستلمها. ويخبر عن معاناته اليومية مع الزبائن و”التوصيلات”، قائلا: “تحضّر الطلبية وتأخذها الشركة التي نتعامل معها لايصالها الى الزبائن، غير أن بعض هؤلاء وخاصة في الفترة الأخيرة يتهرّب من الاستلام، وبين الأخذ والرد نتكلّف كثيراً ونتكبّد خسائر لم تكن في الحسبان”. ويبرر لزبائنه معتبراً أن “الارتفاع المفاجئ لسعر الدولار والغلاء المستمر للسلع، أجبر البعض على التخلي عن بعض الكماليات، ان افترضنا ان المأكل هو الهم الأوّل للبنانيين”، ويتابع: “لكن التهرب من استلام الطلبية يضرّ بالتجار، فنحن ندفع كلفة الشحن اولا، وفي كل مرة يتوجه فيها الشاب المكلّف بايصال البضائع للزبون الى مكان الاستلام، “تشرّج” على الجهة المرسلة كلفة النقل. لذا على الزبائن التعامل مع “التسوق الالكتروني” بجدية أكثر، فكبسة الزر ليست بلعبة مجانية”.

وعند سؤاله عن أزمة الانترنت وتأثيرها على القطاع، يتنهد ليستهلّ كلامه ساخراً: “منيح بعد في انترنت!”، ثم يقول: “نظراً لعدم وجود متجر فعليّ يمكن اتيان الزبائن اليه، انقطاع الانترنت سيشكّل الصفعة الكبرى لتجارتي”، مضيفاً: “حتى الآن ماشي الحال، نتأخر قليلاً في تلقي الطلبيات أو الرد على الزبائن لكن الأمور لا تزال مقبولة”.

شربل يشاطر قلقه من مصير “متجره” في ظل ما يواجهه من صعوبات، ويقول إنه يبحث عما يساعده في تأمين الاستمرارية لعمله “مهما كان ذلك الامر”، فالغاية برأيه تبرر الوسيلة و”الحاجة غلّابة”.

الحلّ قد يتسببّ بأزمة أمنية

لأزمة الإنترنت تأثير كبير على قطاع التجارة وبالأخص الالكترونية، هذا ما يؤكّده نائب الرئيس الأول لشؤون البحث والتطوير في شركة “إنتاليو” وخبير التحول الرقمي رامز القرا، موضحاً في حديث الى “لبنان 24” أن “انقطاعها سيمنع التجار من عرض ما لديهم من سلع، أي أن عملية الترويج ستتعثر وبالتالي الايرادات ستنخفض نظراً لعدم قدرة الزبائن على الوصول للمنتجات وشرائها”.

كما يشير الى انه “لا خيارات كثيرة أمام أصحاب الـ”online shop” فالانترنت عصب هذه التجارة”، لافتاً الى أنه “في حال تجفيف مصادر الانترنت في لبنان، يبقى امام أصحاب هذه المحلات خيار التوجه للأسواق الخارجية والحصول على الخدمة ولو بأسعار مرتفعة لمتابعة أعمالها وإلا فمصيرها سيكون الإقفال”.
وعن الاستعانة بـ”ستارلينك”، يؤكد القرا لـ”لبنان 24″ أن “اللجوء لخدمة الانترنت عبر الاقمار الصناعية، يساعد لحل أزمة الانترنت في لبنان خصوصاً في ظل غياب البنى التحتية والتخطيط الواضح لاستمرارية القطاع”، لافتاً أن “السماح لهذا النوع من الانترنت سيتسبب بمشكلة السيطرة على مصادر المعلومات، ما قد ينتج مشاكل أمنية، لذا نحن بحاجة لتشريعات مع وضع إطار لإدارة القطاع”.

بديل للتجار “غير شرعي”.. معتمد؟!
لا يخلو قطاع الانترنت من “الفوضى” بالرغم من السعي الدائم لضبطه، إذ لمّحت مصادر مطلعة الى قيام بعض موزعي الانترنت بتأمين الخدمة لزبائنهم عبر مزود خدمة نقل معلومات (DSP) غير “أوجيرو”، أي بطرق غير شرعية، ما يفسّر عدم تأثر بعض المؤسسات التجارية بانقطاع الانترنت عند حصول أي عطل لدى المزوّد “الشرعي”.

ووفقاً للمصادر، لا تعتمد معظم الشركات التجارية على خدمة “اوجيرو” للانترنت بل تلجأ لموزّع (ISP) آخر وهو شركة خاصة تحصل على خدمة نقل المعلومات من “اوجيرو”، وذلك لضمان عدم التوقف بسبب غياب أعمال الصيانة، إذ أن هذه الشركات الموزعة تحرص على تأمين الصيانة الدائمة لأجهزة التوجيه الخاصة بها في السنترالات.

و تشير المصادر الى وجود شركات كـ”vizocom” أو “vsat” وهي تزوّد خدمة الاتصالات والانترنت عبر الأقمار الصناعية، لافتة الى أن هذه الشركات العالمية تعلن عن تقديم خدماتها في لبنان وتغطي بشبكتها منطقة الشرق الأوسط.

المصدر
لبنان 24

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى