مقالات

تريدون رئيساً للجمهورية..؟! إذهبوا الى اليمن

في قديم الزمان كان يُقال: «اطلب العلم ولو في الصين».. أما اليوم فقد تغيّرت تلك المعادلة.. إذ يجب أن يُقال للبنانيين الذين لا يلتقي اثنان إلاّ ويكون السؤال: هل سينتخب رئيس جديد للجمهورية ثالثهم. أما السؤال الثاني فهو: من هو هذا الرئيس؟

بالنسبة للسؤال الأول: الاجابة بسيطة جداً… فإذا كان أي لبناني يريد أن يعرف من هو الرئيس المقبل.. وإذا كانت عملية الانتخاب ستتم ومتى… فلننظر الى الخارج إذ يجب أن يعلم اللبنانيون أنّ رئيس الجمهورية يتم انتخابه عندما يكون هناك اتفاق خارجي بين الدول التي تقرّر مصير لبنان.. وهنا أعني أولاً أميركا وثانياً إيران وثالثاً السعودية… وكي لا نكون منحازين للسعودية أو إيران أقول: لا فرق بين المملكة وإيران… من هو الأول ومن هو الثاني.. المهم أن يتم الاتفاق بين هذه الدول.

قد يتساءل بعض المواطنين… كيف تتم عملية انتخاب رئيس جمهورية لدولة خارج لبنان؟ ومن دون رأي اللبنانيين؟

بكل بساطة لأنّ لبنان لم يحصل على استقلاله الحقيقي عام 1943 كما هو مفترض.. لأنه وفي ذلك الوقت كان التأثير الفرنسي بارزاً، ولنكن أوضح كان هناك صراع فرنسي – بريطاني، وفي خمسينات القرن الماضي انتقل التأثير الى أميركا، ومع ظهور نجم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر صار القرار اتفاقاً بينه وبين الاميركيين، وبعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر وتسلم الرئيس أنور السادات، وبعد اتفاق وقف اطلاق النار وذهاب السادات في رحلته التاريخية الى القدس، تخلّت مصر عن دورها في لبنان وأصبحت الساحة فارغة في حقبة السبعينات ومع وصول الرئيس الراحل حافظ الأسد الى الرئاسة في سوريا بدا واضحاً ان الساحة الفارغة سيملأها رئيس ما، فكان هذا الرئيس هو حافظ الأسد. هنا أتذكر ما قاله لي الرئيس صائب سلام في جنيڤ، حيث كنت مع الرئيس حافظ الأسد هناك، ومعنا الزملاء الاستاذ وليد الحسيني والاستاذ شارل ايوب والاستاذ طلال سلمان. ذهبت برفقة الاستاذ طلال كي نزور الرئيس صائب سلام فبادرني بسؤال: ماذا تفعل في جنيڤ؟ قلت له: «جئت مع الرئيس حافظ الأسد الذي سيجتمع مع الرئيس بيل كلينتون». وبالمناسبة كان الرئيس حافظ الأسد هو الرئيس العربي الوحيد الذي لم يذهب الى أميركا والذي جعل اللقاء في جنيڤ.. أي «نصف الطريق»، قال لي: «يا عوني أنا لا أحب الرئيس الأسد وهو لا يحبني، وقد كنت رئيساً للحكومة واستطاع إسقاطي، وهو لا يحبني لأنه كما قلت أسقطني، ولكن يا عوني أحب أن أقول لك إنّ الأسد هو رئيس غير عادي، وهو داهية، وكلمة داهية لا يوجد لها أي رديف في أي لغة لا باللاتينية ولا بالصينية ولا الهندية ولا الباكستانية ولا الافريقية، وأزيد وأقول لك لو جاء الاسد في بلد مثل مصر لحكم العالم».

بالعودة الى سيطرة سوريا على لبنان منذ وصول الرئيس حافظ الأسد عام 1970.. بقي لبنان حتى وفاته تحت الوصاية السورية، إذ كان الأسد وبالاتفاق مع أميركا يقوم بتحديد اسم رئيس للجمهورية.

ولكن عندما تسلم الحكم ابنه بشار وفي لقاء تم بين بشار ونائب وزير خارجية أميركا وكان اسمه ريتشارد أرميتاج تم الاتفاق على ان يقدّم الرئيس بشار ثلاثة أسماء يتم اختيار واحد منهم.. وفي اليوم الثاني تم الاجتماع في الساعة 11 صباحاً وأعلم الأسد انه يتمسّك بإميل لحود، وذلك بعد اجتماع بين بشار ونائب الرئيس عبد الحليم خدام ووزير الخارجية فاروق الشرع… خدام نصح الاسد أن يختار ثلاثة أسماء ولكن الشرع أصرّ على بقاء إميل لحود، للأسف الاسد سار برأي الشرع. فكان جواب الوزير الاميركي ريتشارد أرميتاج: سيدي الرئيس سيكلفك هذا القرار الكثير وسوف تدفع أثماناً باهظة.

فعلاً هذا ما حدث حيث خرجت سوريا من لبنان بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وصدور قرار في الأمم المتحدة رقمه 1559 يجبر جميع القوات السورية على الانسحاب من لبنان. وهكذا خرجت سوريا ولم يعد لها أي تأثير.

اليوم أميركا ومعها إيران والمملكة العربية السعودية هي التي تقرّر من هو رئيس جمهورية لبنان..

لذلك علينا أن ننتظر ماذا سيحصل في اليمن وعلى ضوء ذلك يُبنى على الشيء مقتضاه.

المصدر
عوني الكعكي - الشرق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى