مقالات

إمتحانات رسميّة ودمج مدارس و”محاسبة” المقاطعين!

منذ نحو شهر استأنفت رابطات #التعليم الثانوي والأساسي والمتعاقدين التدريس في المدارس والثانويات بعد مقاطعة استمرّت شهرين، وذلك بعد تحقيق جزء مهم من مطالب المعلمين أبرزها دفع بدل الإنتاجية عن الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الحالية، ومبلغ 125 دولاراً شهرياً حتى حزيران المقبل، إضافة إلى بدلات النقل بـ5 ليترات بنزين يومياً. استندت الرابطات في قرار العودة الى الصفوف إلى أن وظيفة الإضراب لم تعد مجدية وأن ما تم تحصيله يمكن البناء عليه مع استمرار المطالبة بتحسين الرواتب وإقرار حوافز إضافية للتمكن من انهاء السنة وإجراء الامتحانات. لكن قسماً من الأساتذة المعترضين خصوصاً في الثانوي استمروا في المقاطعة والإضراب مطالبين بإقرار كل المطالب شرطاً لاستئناف التدريس، الأمر الذي أدّى إلى بعض الفوضى في الدراسة على الرغم من معاودة بعضهم الالتحاق خوفاً من ضياع العام الدراسي على قسم كبير من التلامذة.

مع استئناف التدريس تسابق التربية الوقت لتعويض الخسائر في المنهاج والوصول إلى إنجاز الحد الأدنى من البرامج التعليمية كي تتمكّن من إجراء الامتحانات، خصوصاً أن المدارس الرسمية خسرت العديد من تلامذتها بفعل المقاطعة والأوضاع الصعبة، الأمر الذي طرح أسئلة على الأساتذة المقاطعين عن جدوى استمرارهم في الإضراب ما دام التعليم الرسمي مهدّداً بوجوده، ولم يعد ممكناً في الوقت الباقي من السنة تحقيق ما عجزت عنه المقاطعة لنحو شهرين، في ظل إفلاس الدولة وعدم اكتراثها لهذا القطاع الذي يوظفه أهل السلطة أو ينظرون إليه كمكان للتنفيعات. أدى هذا الوضع إلى خسائر صافية للتعليم، وتحولت بعض المدارس إلى ساحات أشباح بعدما استغلت الأمر مدارس خاصة تجارية وأخرى تابعة لجمعيات عدة استوعبت عدداً كبيراً من التلامذة وأفرغت المدارس الرسمية، حتى أصبح عدد المعلمين يفوق أعداد التلامذة. والأمر نفسه يحدث في الثانويات إذ إن آلاف التلامذة انتقلوا إلى الخاص ويجري الحديث عن أن ثانويات بأكملها قد تقفل أبوابها بعد هجرة تلامذتها.

يمكن مع عودة التدريس تعويض جزء من الفاقد التعليمي، لكنه لا يحل مشكلة التدريس وإنجاز المنهاج، وهو أمر دفع وزارة التربية إلى التركيز على استغلال ما بقي من أيام دراسية للسنة الحالية بخفض أيام التعطيل في الأعياد وصولاً إلى إجراء #الامتحانات الرسمية التي حسمتها الوزارة للمرحلة الثانوية على رغم المقاطعة، فيما إلغاء امتحانات البريفيه مسألة قابلة للبحث وفق المعلومات، لكن أمرها لم يحسم في انتظار تقييم تحصيل التلامذة ومستوى التدريس بعد المقاطعة. كذلك حسمت التربية إجراء الامتحانات النصفية للثانوي، تحضيراً للرسمية، وهي في صدد اتخاذ إجراءات بحق الممتنعين عن التدريس بعدما تبيّن أن جزءاً كبيراً منهم يحضرون إلى ثانوياتهم ويوقعون على جداول الحضور من دون تدريس، فيما يدرّس حوالى 2000 معلم في المدارس الخاصة. ووفق المعلومات، ستتخذ وزارة التربية إجراءات مسلكية ومالية وإدارية بحقهم من خلال مجلس الوزراء، وإلحاق تلامذتهم بمدارس عاملة بما يعني الدمج وزيادة ساعات الكادر التعليمي المدفوعة لتعويض الفاقد عليهم.

قرار إجراء الامتحانات الرسمية حاسم بالنسبة إلى التربية، إذ إن أي محاولة لإلغائها سيرتب عواقب كبيرة على السنة الدراسية المقبلة وعلى التعليم عموماً، وسيؤدي إلى نتائج كارثية على الجميع، خصوصاً أن المدارس الخاصة بدأت تستوفي أقساطها بالدولار النقدي وبعضها يتحايل على القانون رغم تحذيرات التربية، ما يطرح تساؤلات عن وظيفة مقاطعة بعض المعلمين، التي تلتقي مع سياسات تربوية للحكومات المتعاقبة دمّرت التعليم الرسمي.

التصعيد وصل إلى طريق مسدود، والتعليم أصبح على المحك، ولم يعد متاحاً إلا التسوية لحل الأزمة وإنقاذ تلامذة الرسمي ومدارسهم وثانوياتهم.

المصدر
ابراهيم حيدر - النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى