مقالات

فضْحُ “المنظومة”… نزاهة المعيار أولاً

نحتفل طبعاً بصفعة صفقة التراضي في المطار، وبخسارات “فائض الفساد”. لكن “اليوم خمر وغداً أمر”. فلا حادثة “الساعة” ستتكرر لأنها درس وطني وطائفي أبلغَ “الثنائي” ومَن ناصره في “غزوة التوقيت الشتوي” وجوب التزام حدود العضلات، ولا “موقعة اللجان” النيابية قابلة للإجترار بعدما انتهت باعتذار عن “لغة الأحذية” والابتذال.

يجب تحقيق انتصارات إضافية عنوانها الحقوق الأساسية لمواطني لبنان. الحرب ضد قوى “الثورة المضادة” لا تحتمل هدنة “أشهر حُرُم” لأن المواطنين يستغيثون للخلاص فيما تتعامل “المنظومة” الحاكمة بانعدام مسؤولية ولا ترعوي عن محاولات نهب ما تبقى ومنح العقود بالتراضي الى سماسرة وشركات الفساد والإفساد.

هذه الحرب سجال، ولا يمكن ربحها إلا بالنقاط. أساسها بالنسبة الى الإعلام الموضوعية لا الانحياز، و”كلن يعني كلن” تحت سقف القانون والغربال. أما شرطها الشارط فهو النزاهة. فلا يتحول علي حميّة “أضحية العيد” فيما معروفون بالأسماء والعناوين وأنواع السيكار مَن تسببوا بانهيار القطاعات التربوية والصحية والاتصالات وتآمروا لتذويب الودائع وتحويل المودعين متسوّلين على أبواب البنوك… ثم ان علي حمية، رغم فداحة المخالفات، مستجد على ممارسات وارتكابات عمرها من عمر “الجمهورية الثانية” وحكم “الترويكا”، وصولاً الى “الشريك المضارب” بامتياز الذي توَّج “متعة” زمن الممانعة بـ”عهد” لا تشتهيه للأعداء.

لا جدل في أن إسقاط “صفقة المطار” كان معركة انتصرت فيها وسائل الإعلام الحرة، وكنا شركاء في خوضها ضد “التهريبة” الموصوفة، في وقت غاب مُدَّعو الإصلاح، ولم تتحرك “لجنة الأشغال” إلا بعدما نهزناها بـ”المسَّاس”. لكن أهمية الحملة تكمن بتحوُّلها قضية “رأي عام” تجاوزت الاصطفافات ولعبت فيها “وسائل التواصل” دوراً شلَّ قدرة الدفاعات الحزبية والمذهبية وجيوشها الالكترونية على طمس الارتكاب. ولا شك أن الظروف الموضوعية السياسية والاقتصادية الطاحنة ساهمت في تسجيل “هدف ذهبي” في مرمى مَن كان يقدِّم نفسه “كْريمَا فرنسية” لدى الحزب “صانع الألعاب”.

أسوأ من وسائل الإعلام التي دافعت عن الصفقة من باب “انصر أخاك ظالماً أم مظلوماً”، أو التي تطبل للحزب أو الزعيم، تلك التي يفترض ألا تنحرف عن أدنى واجبات الصحافة، وهي الوقوف الى جانب المال العام والناس وعدم التبرع بالتبريرات الفاقدة للصدقية لمجرد الالتزام بالمصلحة الضيقة أو الولاء.

تقتضي النزاهة أن تتفق وسائل الاعلام على “ميثاق شرف” حقيقي. تلتزم به وتدافع عنه. يكون مبنياً على الدستور والقانون لا أكثر ولا أقل. خلافها السياسي سيبقى بارزاً في ظل انقسام عمودي على الخيارات الاستراتيجية وخصوصاً السلاح غير الشرعي وانتماء لبنان وصيغة الحكم فيه. لكن لا يجوز الخلاف على إدانة “الجريمة المنظمة”، وحق ضحايا تفجير النيترات، وأسس دولة القانون والمؤسسات. وهكذا، من المفارقات المؤسفة التنديد اليومي بالفساد والتهليل لنكبة علي حمية في المقدمات النارية، ثم تناغم التلفزيونات يومياً ومنذ شهور بفاصل إعلاني مُروّج لطهارة المصارف الحارمة مودعيها حفنة دولارات. وبديهي انطباق المعيار نفسه على “الحاكم” أداة “الدولة العميقة” الفعلية العابرة للطوائف والشركات والعائلات والأصهار والأبناء وصاحب أقوى حزب إعلامي في لبنان.

المصدر
بشارة شربل - نداء الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى