بين غيبوبة الحكومة ومزايدات المنظومة!
ثمة خلل فادح في الإدارة الحكومية والسياسية للأزمات التي يتخبط فيها البلد، والتي تتناسل بسرعة غير مسبوقة، نتيجة العجز المتفاقم عن إتخاذ الخطوات الضرورية لوقف التدهور على الأقل، طالما أن الحلول الناجعة مازالت بعيدة المنال في الوقت الحاضر كما هو معلوم.
حالة الضياع على مستوى قيادات القرار تُضاعف من أخطار واقع إنعدام الوزن في البلد، وتهدد ما تبقى من مقومات الدولة والكيان، سيّما وأن الإضرابات التي تشل الإدارات الرسمية، من موظفين ومعلمين وأساتذة الجامعات والعسكريين المتقاعدين، بدأت تخرج إلى الشارع، وترتفع معها وتيرة المواجهة، بما يُنذر من إقترابها من دائرة العنف، وما قد يترتب عليه من فوضى عارمة، تهز حبال الأمن الهش أصلاً، على إيقاع الضغوط المعيشية التي ترزح تحتها الأكثرية الساحقة من اللبنانيين.
والمفارقة المفجعة أن هذه الإضرابات تؤدي إلى تعطيل الجبايات المالية للخزينة بمئات المليارات من الليرات يومياً، في وقت أحوج ما تكون فيه الدولة إلى المال اللازم لدفع الرواتب لحوالي نصف مليون من الموظفين، العاملين والمتقاعدين، ومجاراة التضخم المستمر شهراً بعد شهر، مع التراجع المستمر بسعر الليرة، وإنعكاساته السلبية على قيمة الرواتب المتلاشية.
ورغم كل هذه المخاطر المحدقة بالوضع المالي للدولة، والإنعكاسات الحرجة على الظروف المعيشية والإجتماعية، تبدو وزارة المالية عاجزة عن إيجاد الصيغة المناسبة التي توفق بين حقوق موظفيها، والحفاظ على نوافذ تحصيل الإيرادات المالية المستحقة، من ضرائب ورسوم عقارية، والتي يحار المواطنون في إيجاد الطرق الملائمة لتسديدها، تجنباً لتحمل المزيد من الأعباء، مع الإرتفاعات المضطردة لسعر الدولار على منصة «صيرفة».
كما أن إقفال مصلحة السير ودائرة الميكانيك بقرار عشوائي، حرم الخزينة من عائدات مليارية محرزة يومياً، فضلاً عن الإضرار بمصالح الناس، وعرقلة أعمال التجار والمستفيدين في قطاع السيارات.
كل ذلك، وحكومة تصريف الأعمال في غيبوبة، والمنظومة السياسية غارقة في خلافاتها المصلحية، وتتلهى في المزايدات الشعبوية!