محلي

“التيار الوطني الحر” يلوّح بالعودة إلى الشارع…

تصرَّف “التيار الوطني الحر” في الايام القليلة الماضية كأنه استعاد موقعه المتقدم في بيئته بعدما نجح حراك استثنائي لرئيسه النائب جبران باسيل في شد عصب تنظيمه الداخلي ورفع معنوياته وتحسين صورته من شريك في لعبة الحُكم الى معارض شرس، من خلال أمرين:

  • التصدّي لكسر قرار رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي وجد غطاء من رئيس مجلس النواب نبيه بري في ابقاء العمل بالتوقيت الشتوي.
  • ومن خلال الاستمرار في عملية الاشتباك الكلامي الذي تحوّل الى يوميّ، خصوصا بعد تعارض وجهات نظرهما حيال الاستحقاق الرئاسي الداهم.

نهجٌ بدا ترجمة لقرار بالتصعيد وتكثيف الحراك، شاء هذا التيار السير على هديه وهو الذي خرج قبل فترة قصيرة من تجربة حُكم مثخناً بالجروح وبالاخفاقات والخيبات.

عموماً، بدا “التيار البرتقالي” بحسب العالِمين بأحواله في حالة متقدمة بعد نحو ثلاثة اعوام ظهر فيها بمظهر المتراجع والمحاصَر بالتّهم من جانب خصومه المتعددين على نحو لم يخفِ معه شعوراً بان ثمة جهداً يُبذل لإقصائه عن صدارة الفعل السياسي في بيئته توطئة لإلغائه واعتباره نسياً منسياً. و”التيار” لا يكتم شعوراً بـ”الفوز المبين” حققه بعدما قرر الرئيس ميقاتي التراجع عن اجرائه الاداري، وهو كان حافزاً ليتوعد السلطة والطبقة الحاكمة بخطوات أكثر ضراوة في تحدّيها ومواجهتها من خلال التهديد الصريح بالعودة الى الشارع وقيادة حالة اعتراض على أداء الحاكمين.

لاريب ان ثمة من يجد في هذا الجنوح من جانب “التيار” نحو العودة الى خنادق المعارضة جزءاً من مسعى منه بغية تنزيه نفسه وتبرئة ذاته عن حقبة ليست بالقصيرة كان فيها مشاركاً في تجربة حكومات متعددة منذ عام 2008 الى اليوم. وهذه تهمة “يطلقها الأعداء”، وفق رأي “التيار” الذي له رأي آخر فحواه “أننا عدنا الى قواعدنا الاساسية وحققت إرادتنا انتصاراً أوّل على مشيئة القابضين على زمام الحكم والادارة يديرون الامور فيها وفق نمط ساقط”.

ومع ذلك فان لـ”التيار” رؤيته المختلفة ووجهته الصريحة، اذ يرفض القيادي فيه وعضو تكتله النيابي غسان عطاالله الزعم بأن “التيار” منتشٍ بانتصار حققه اخيرا بفعل قيامه بمواجهة مع ثنائيّ الحكم (ميقاتي وبري)، ويقول: “بالنسبة الينا ليس هناك من انتصارات وخسائر في السياسة. ما حصل اخيرا ان هناك مَن اخطأ التقدير والحسابات فكان عليه ان يدفع الثمن. وبمعنى آخر هناك مَن تصرَّف بفوقية وعجرفة وحاول ان يتحدى منطق الامور وضرب عرض الحائط بكل الاصوات الداعية الى التزام العمل بالتوقيت الصيفي لضرورات يعلمها الجميع، فكان لا بد من ان يلقى ردة فعل على هذا الفعل الخاطىء”.

وما زاد الوضع احتداماً، يستطرد عطاالله، ان هذا الاجراء “المنطوي على تحدٍّ وعدم مراعاة قد تلازم مع اجراءات اخرى من النوع الخاطىء إنْ من خلال تسريب فيديو لقاء عين التينة الذي غطّى القرار، أو لجهة خفض ملحوظ لرسوم الجمارك على السيارات، الى مشروع توسعة المطار عبر الاتفاق بالتراضي، وهي كلها خطوات أفضت تلقائيا الى رفع منسوب الغضب والاعتراض عند الناس المخنوقة أصلاً بفعل التردي الحاصل”.

واضاف: “المسألة ايضا ليست فقط اعتراضا على قرار او اجراء اداري مطعون بشرعيته، بل انه انتفاضة على طريقة حكم وادارة اعتاد البعض عليها وتنطوي على تفرّد ومراعاة لمصالح حفنة من الناس من دون اعتبار لارادة الغالبية”.

والمفارقة، يضيف عطاالله، انه “بدل ان يتنبّه اصحاب القرار الخاطىء ويكفّوا عن ممارساتهم، نراهم قد توسّلوا لغة الاثارة الطائفية من خلال الزعم بان هذا القرار اتُّخذ لمراعاة الصائمين، علما ان الحرص على مصالح الصائمين وغير الصائمين كان يفترض ان يكون في العمل لإعادة مدخراتهم في المصارف واعتبارها عيدية لهم”.

ورداً على سؤال قال: “يظهر ان بعض المتمرسين بالحكم والسلطة لم يستوعبوا بعد ان ثمة مرحلة قد انتهت وثمة مرحلة مختلفة قد وُلدت على يد جيل من الشباب رافض بالمطلق للنمط السابق من الحكم والذي ادى الى نتائج كارثية. واعتراض هذا الجيل ينطوي ايضا على الاعتراض على محاولات اعادة انتاج السلطة برموز التجارب الماضية عبر الاتيان برئيس وحكومة وفق التقاليد السائدة سابقا. وعليه ان اهمية ما حصل اخيرا انه اثبت ان هناك من يبدي حرصاً على لبنان ومستقبله”.

وعن أبعاد تهديد رئيس “التيار” بالعودة الى خيار الشارع اجاب عطاالله: “جوهر هذه الدعوة انها تعني عودة التيار الى مكانه الطبيعي، فهو حركة شعبية وُلدت من رحم انتفاضة على واقع مناف للطبيعة كان قائما منذ زمن وتشكو منه شريحة واسعة من المواطنين. والآن نجد ان ثمة ضرورة وظروفا قاهرة تستدعي العودة الى الشارع لكي نثبت بالبرهان اننا مهتمون بقضايا الناس وهمومها وعذاباتها”.

ثم قال: “رغم ضيق الاحوال المعيشية وبلوغها حدّ الاختناق، ورغم انسداد أفق الحلول السياسية، نجد ان بعض الحاكمين ما برحوا مصرّين على سلوك سابق يعتبرون من خلاله ان الدولة دجاجة بيّاضة وهذا ظاهر من خلال مشاريع بلا مناقصات واصول قانونية، ومن خلال تجديد العقود باسعار تعدّ رمزية، فضلاً عن التلاعب بعائدات الجمارك. لذا كان لا بد من رفع مستوى الاعتراض لإفهام هؤلاء ان الزمن الاول تحوّل”.

وخلص: “ونحن اذ نعلن عودتنا الى خيار الشارع فان هاجسنا ان تكون عودة سليمة لا يستغلها الآخرون من خلال تحويلها الى فتنة طائفية حمايةً لمصالحهم واجهاضاً لمطالب الناس المحقّة. وهذا ما لمسناه أخيراً ابان معركة التوقيتين”.

المصدر
ابراهيم بيرم -النهار

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى