مقالات

عودة النازحين مرتبطة بالتسوية النهائية في سوريا وكل حراك داخلي دون نتيجة!

صراع ضمني بدأ على قطف ثمار محادثات لقاء الوفد البرلماني اللبناني مع الإتحاد الأوروبي في ملف عودة النازحين السوريين إلى ديارهم وكأن خارطة العودة أنجزت يبقى تحديد تواريخها.

مما لا شك فيه أن الجهود التي قام بها الوفد البرلماني إلى الإتحاد الأوروبي تمهد وتساهم إلى حد كبير في تحريك هذا الملف من خلال عرض تداعياته الكارثية على المستويات السياسية والأمنية والإجتماعية والإقتصادية في لبنان على طاولة الدول الأوروبية، وإن كانت تعمل حتى الساعة على تثبيت بقاء النازحين في لبنان من خلال المساعدات المالية والإجتماعية والصحية التي تمنحها لإقفال الطريق أمام احتمال إعادة توزيعهم على دولها مما يضعها أمام مأزق جديد يضاف إلى همها وانشغالاتها إزاء الحرب في أوكرانيا.

ولكن… القصة لا تتعلق مطلقا بالمحادثات والوفود و” وأي فريق سيقطف ثمار العودة”.لأن ملف النازحين يرتبط حصرا بالتسوية المقررة في سوريا وبالتقارب الحاصل بين السعودية وسوريا.

من هنا يبدأ مستشار الإتحاد الأوروبي في منطقة الخليج – قطر جورج أبو صعب قراءته لـ”المركزية” التي ترتكز على اللقاءات والمشاورات التي يشارك فيها ويقول” أولا، ليست هناك من تسوية أو إتفاق بين الرياض وسوريا. وكل الكلام عن تسوية بين القيادة السعودية وبشار الأسد فيه الكثير من التضخيم لدور ومكانة ومستقبل الأسد ومبالغ فيه أقله حتى الساعة. فالأولوية لدى المملكة العربية السعودية للشعب وليس لنظام بشار الأسد”.

وفي ما يخص ملف النازحين السوريين يتابع أبو صعب “هو ليس سعوديا وحسب إنما دولي-إقليمي، ومرتبط بأكثر من حسابات النازحين وتأمين عودتهم إلى مدنهم وقراهم وبيوتهم.فهذه العودة تأتي من ضمن تسوية سياسية تشمل إنتشار قوات عربية في سوريا لحماية الشعب من النظام، ودفع اموال لإعادة ترميم ما تهدم خلال الحرب من منازل ومؤسسات وباقي القطاعات.

هاتان الأولويتان تشكلان تمهيدا للمضي في التسوية السياسية التي لا يزال يرفضها بشار الأسد ضمنا لأنه يعلم أنها بمثابة التوقيع على نهاية نظامه، في حين يرحب بها علناً. من هنا يضيف “أن السعودية بدأت اتصالاتها مع كل من روسيا والصين وتركيا لمعالجة ملف النازحين من ضمن سلة متكاملة للتسوية المقترحة وهي ترفض قطعا أي حلٍ مجتزأ كشرط من شروطها، وأي كلام مغاير لهذه الوقائع المطروحة من قبل السعودية يكون مضيعة للوقت”.

وعن مفاعيل زيارة الوفد البرلماني من كتل نيابية معارضة ولقائه أعضاء في الإتحاد الأوروبي يؤكد أبو صعب “أنه يندرج في سياق دفع إقرار ما يلزم لعودة النازحين .لكن مطلق أي زيارة يقوم بها وفد برلماني لبناني إلى أي دولة ومطلق أي لقاء لن يأتي بنتيجة لأنه –أي الوفد- يمثل دولة لا رئيس جمهورية فيها ولا حكومة .من هنا تأتي هذه الزيارة في سياق فتح باب العلاقات العامة وتسريع البت بملف النازحين السوريين لكنها لن تحمل الحلول التنفيذية لأن هذا الأمر يحتاج إلى هيكلية دولتية، وهذا ليس متوافرا في لبنان. بالتوازي يتعمّد فريق الممانعة إلى تضخيم كل حدث بهدف رفع موقع ومستقبل بشار الأسد إلى مرتبة النصر. وهذا مغاير للحقيقة”.

الكلام الذي يتم تداوله في الداخل اللبناني عن إمكانية إدراج ملف النازحين السوريين ضمن شروط الإتفاق السعودي-السوري، يستوقف أبو صعب لكن ثمة حقيقة مفادها أن ” ليس هناك اتفاق سعودي سوري إنما تقارب بدليل أن المملكة قررت فتح قنصلية وليس سفارة في سوريا مما يؤكد أن التقارب ليس ديبلوماسيا بالمعنى السياسي والتواصل ليس مباشرا مع بشار الأسد” . وإذ يلفت إلى أن حفل “التطبيل والتعظيم” بدور الأسد في الداخل اللبناني ليس إلا مجرد أوهام يؤكد أن ” سوريا لن تعود إلى الحضن العربي ما لم يستجب بشار لشروط التسوية السياسية”.ويذكِّر في السياق بثلاث محطات للأسد تثبت أن أي محاولة للعودة إلى الحضن العربي باطلة، من دون موافقته على شروط التسوية.

المحاولة الأولى تمثلت بالزيارة التي قام بها إلى سلطنة عمان وعاد منها بجواب واضح وصريح” ما فينا نساعدك” ، واستتبعها بزيارة إلى الإمارات التي طلبت منه القبول بشروط التسوية التي تطرحها السعودية وهي لن تتفرد بأي اتفاق معه.

وفي روسيا حيث كانت المحطة الأخيرة اذ التقى الراعي الروحي للنظام فلاديمير بوتين، لم يكن الوضع أكثر إيجابيا إذ سمع منه كلاما مفاده عدم استعداد روسيا لمد يد المساعدة لسوريا بسبب انشغاله بالحرب الدائرة مع أوكرانيا وطلب منه الإستدارة نحو الإمارات والسعودية والدول العربية. وعاد بشار إلى دمشق بخفيّ حنين”

هذه الزيارات وفق قراءة أبو صعب تدل على أمر واحد ” الخشية من أن تكون عودة النازحين “معززة ومكرّمة”. عبارتان يخشاهما الأسد لأنه بذلك ستكون العودة ضمن شروط إقليمية –دولية وليس وفق شروطه. وإذا ما وصلت الإتصالات القائمة إلى نهاياتها يكون موعد التسوية قد حان، وبالتوازي يكون اقترب موعد نهاية نظام بشار الأسد. ولمن يعوّل على الدور الإيراني فالأمل انقطع بعد الإتفاق السعودي-الإيراني إذ تضمنت الشروط وقف الأخيرة مد بشار الأسد بالأوكسيجين والقبول بالتسوية في سوريا”.

من يراقب عن بعد التطورات الحاصلة في المنطقة سواء في سوريا وتركيا وإسرائيل والإمارات يدرك أن ثمة شبكة تقاطعات عنكبوتية “من هنا لا يجب التعويل كثيرا على التقاطع السوري-السعودي واعتباره خشبة خلاص للنظام “ويختم أبوصعب بالتأكيد على أن ملف عودة النازحين السوريين مرتبط بالتسوية السياسية النهائية لسوريا. وأي حراك داخلي على غرار لقاء الوفد البرلماني أعضاء الوفد الأوروبي لا يخرج عن إطار تسريع البت في مصير هذا الملف.وكل مسعى مماثل مشكور لكنه لن يصل إلى أي نتائج عملية”

المصدر
المركزية - جوانا فرحات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى