فن

«ضيعة ضايعة».. أضحك الملايين وأبكاهم في الوقت نفسه

يعتبر مسلسل «ضيعة ضايعة» للكاتب د ..ممدوح حمادة من الأعمال التي أضحكت ملايين السوريين وأبكتهم بالوقت نفسه، وذلك من خلال كوميديا اجتماعية ساخرة ناقدة، وفي كثير من الأحيان أثناء عرض المسلسل هناك من كان يبكي فعلا، لكن يغض الطرف لأنه يعلم أن الاحداث حفرت أخاديد على وجوهنا كمشاهدين سوريين، وفي الوقت ذاته يشعر المشاهد بأنه يعيش حالة لا تخلو من حب ما يسمع وروعة ما يشاهد من نخبة النجوم السوريين يقدمون لنا واقعا، وليس خيالا بأن هناك أناسا نسيهم الزمن.

شخصيات المسلسل تمتلك من الجمال والروعة ما يجعلنا نتمنى للحظة أنها موجودة بحلوها ومرها ومشاكساتها وهشاشتها وعفويتها، بل ببلادتها المزمنة، أقول ببلادتها المزمنة لأن الناس بعد عرض الجزء الأول من «ضيعة ضايعة» للمرة الأولى قبل الأحداث الدامية بسورية، سارع الكثيرون بشكل جنوني للسفر إلى قرية «السمرة» التي اختيرت كمكان لتصوير المشاهد، وهم على قناعة تامة بأن «عادل الفساد» سيستقبلهم عند مدخل الضيعة وسيخبر عنهم رئيس المخفر «أبو نادر» والشرطي «حسان» والـ«يا هما لالي»، وأن «ديبة» ستطبخ لهم «مجدرة» على الحطب بنكهة «الجيجة» التي سرقها «جودي» من قن جاره «أسعد»، وأن «بديعة» ستقدم لهم صحن المكدوس الذي خبأته لأخيها «سليم»، وأنهم سيتغامزن ويتهامسون فيما بينهم على «سلينغو» و«عفوفة» وهما خلف صخرة حبهما يشربان المتة، مختبئين من سليل الإقطاع المختار «البيسة»، وغارقين في قصيدة غزل عذري مكررة مائة مرة من دون أن تفقد عذوبتها، وأنهم سيحققون أمنيتهم الأكبر برؤية «جودي أبو خميس»، وأن «أسعد خرشوف» سيطلق في استقبالهم مائة طلقة تحية من «بارودته الصدئة»، وسيعودون إلى أصدقائهم في المدينة محملين بهدايا تذكارية و«كمشة» ملبس يكسر الأضراس من دكانة «صالح وزهرة»، كل ذلك لأن جميع الممثلين في «ضيعة ضايعة»، عاشوا أدوارهم إلى أقصى درجات الصدق في الأداء، وتمثلوها في أذهانهم وأرواحهم لدرجة جعلونا نصدق الحكاية/ الوهم، ونتألم لألمهم، ونفرح معهم، بل ننتظرهم كأنهم موجودون هناك منذ الأزل كجزء حقيقي من المكان بجوار أشجار البلوط والسنديان وحجارة الجبال وأمواج البحر.

المصدر
الأنباء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى