مقالات

لبنان تحت رحمة «فيدرالية الساعة».. المسلمون توقيتهم شتوي والمسيحيون صيفي

المثل الشائع في لبنان يقول ان «القلة تولد النقار»، اي انه عندما تنعدم اسباب العيش الكريم ويعاني الشعب من الضائقة المعيشية تكثر المشاكل بسبب وبلا سبب. والذي يغذيها أكثر تحلل بعض القيادات السياسية والدينية من روح المسؤولية الوطنية، بحيث يأخذون بمواقفهم البلاد الى توتير غير مبرر وهذا ما حصل مع الاجراء المتصل بتأخير العمل بالتوقيت الصيفي حتى انتهاء شهر رمضان المبارك.

ما صدر من مواقف قسم لبنان الى قسمين، بحيث أصبحنا امام ما يمكنه تسميته «فيدرالية الساعة»، ففي المناطق ذات الغالبية المسلمة لازال التوقيت الشتوي ساريا، وفي المناطق ذات الغالبية المسيحية تم اعتماد التوقيت الصيفي، علما ان القرار جاء نتيجة تشاور بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهو ليس القرار الاول المتخذ اذا سبقته قرارات مماثلة يوم كان يتزامن حلول شهر رمضان في فصل الربيع.

اذ يكفي التذكير بقرارين سابقين، الاول اصدر رئيس الحكومة العسكرية العماد ميشال عون عام 1989 مرسوما قضى بتأجيل العمل بالتوقيت الصيفي الى ما بعد نهاية شهر رمضان، والثاني تمثل بمذكرة اصدرتها رئاسة مجلس الوزراء في العام 1989 ذكرت بموجبها بمذكرة رئيس الحكومة سليم الحص والقاضية بتأخير اعتماد التوقيت الصيفي حتى نهاية شهر رمضان.

الاخطر في ردود على المذكرة التي اصدرتها الامانة العامة لمجلس الوزراء والتي أخرت اعتماد التوقيت الصيفي الى نهاية شهر رمضان وذلك بعد اجتماع الرئيسين بري وميقاتي، انها اخذت منحى طائفيا مقيتا، وبدل الاعتراض من قبل المرجعيات الدينية المسيحية وفق القنوات الرسمية المعتمدة، خرجت بيانات الى العلن تماهت مع المواقف الشعبوية للاحزاب المسيحية، وأبرزها البيان الذي صدر عن البطريرك الماروني بشارة الراعي والذي قال: «إن القرار المفاجىء بتأجيل العمل بالتوقيت الصيفي لمدة شهر، الصادر عن رئيس حكومة تصريف الأعمال السيد نجيب ميقاتي ارتجاليا ومن دون التشاور مع سائر المكونات اللبنانية، ومن دون أي اعتبار للمعايير الدولية، وللبلبلة والأضرار في الداخل والخارج، يحول دون إمكانية البطريركية المارونية والأبرشيات والمؤسسات التابعة لها، الالتزام به. وبالتالي، تلتزم بتقديم الساعة ساعة واحدة منتصف ليل السبت-الاحد 25-26 مارس 2023».

هذا التطور في الموقف المسيحي، دفع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى تصويب المسار من خلال وضع الإصبع على أصل المشكلة وهي عدم انتخاب رئيس للجمهورية. واعلن انه «ونظرا للظروف المستجدة المتعلقة بمحاولة البعض جر البلاد الى انقسام طائفي لتأجيج الصراعات، ولأننا نتحمل المسؤولية الدستورية بقناعة وطنية ولكن من دون ان نسمح بجرنا الى الانتحار او الى ما لا يشبه قناعاتنا، لكل هذه الأسباب نعلن الغاء جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة الاثنين».

وختم بالقول «أمام السادة النواب والقيادات السياسية والروحية المعنية مسؤولية انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة.. فليتحمل كل طرف مسؤوليته.. وللبحث صلة».

ولم تستبعد مصادر مطلعة لـ «الأنباء» ان «يتوقف ميقاتي عن دعوة مجلس الوزراء للانعقاد»، ورأت في مضامين بيانه «اعتكاف ضمني عن القيام بالمهام الحكومية الا ما خص تسيير الأمور الضرورية جدا للمواطنين، كما وضع المعرقلين في مواجهة المطالب الشعبية، لاسيما مطالب موظفي القطاع العام والأسلاك العسكرية والأمنية التي كانت ستبحث جلسة اليوم الاثنين تعديل رواتبهم بما يتناسب مع الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار».

المصدر
الأنباء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى