مقالات

زيادة جديدة للرواتب… على حساب المودعين

يبدو أن زيادات جديدة على رواتب القطاعين العام والخاص في طريقها لأن تصبح واقعاً، مع رفع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل إلى رئاسة مجلس الوزراء مسودة مشروعي المرسومين التي اعدتهما الدوائر المعنية في وزارة المال. ويتضمن الأول تعويض انتاجية لموظفي الإدارات وسائر المؤسسات العامة، ومقدمي الخدمات الفنية والأسلاك العسكرية عن أيام العمل الفعلي، ويعطى وفق سعر منصة “صيرفة” للدولار الأميركي، لاحظاً تدابير بشأن معاشات المتقاعدين.

أما المرسوم الثاني فيتعلق بتعديل بدل النقل الذي يحتسب بليترات البنزين، وفق معدل وسطي لسعر يحدّد بقرار يصدر عن وزير الطاقة شهرياً. على أن تُعرض مسودة المشروعين على مجلس الوزراء في جلسته المقررة الإثنين المقبل لمناقشته واتخاذ القرار بشأنه.

هذه التطورات على صعيد زيادة الرواتب والمساعدات، لا تلغي حقيقة مرة وهي أن هذه الزيادات قد تجر في أذيالها المزيد من التدهور في سعر الليرة اللبنانية مقابل دولار السوق السوداء، والمزيد من الكلفة والخسائر التي سيتكبدها مصرف لبنان من الاحتياطي الالزامي. لأنه، ببساطة، حتى ولو تم منح هذه المساعدات بالليرة اللبنانية الا ان على مصرف لبنان أن يستمر في التدخل على منصة صيرفة للحفاظ على حد ادنى من الثبات في سعر الصرف حتى لا تتآكل تلك الزيادة، وهذه كلفة باهظة من اموال المودعين الباقية في مصرف لبنان والذي يصنفها احتياطي عملات وهي بالحقيقة ما تبقى من اموال للمصارف وبالتالي للمودعين. وفي حال لم يفعل ذلك فانه سيعود مصرف لبنان لطلب الدولار بقوة من السوق السوداء، فيعاود الدولار الارتفاع ليأكل مفعول هذه الزيادة على غرار ما حصل في المرات الماضية، والغرق في موجة جديدة من التضخم وصولاً الى التضخم المفرط.

الرئيس بري يضغط على الحكومة

أكدت مصادر متابعة ان ما تقوم به الحكومة بضغط من رئيس مجلس النواب نبيه بري هو وصفة جديدة للترقيع الذي فشل مراراً وتكراراً منذ بداية الأزمة، وكان ثمنه الهبوط المتواصل لقيمة الليرة. فالاستقرار النقدي المطلوب لتبقى في الرواتب بعض القدرة الشرائية لا يأتي بقرار منفرد عشوائي مرتجل كما يحصل الآن، بل في سياق جملة اصلاحات سريعة وحاسمة لا سيما تلك التي تم التوافق عليها مع صندوق النقد الدولي في نيسان الماضي ولم يطبق منها شيء. خلاف ذلك، واذا كان لا بد من الحفاظ على استقرار نسبي لليرة فان ذلك سيكون عبر تدخل مصرف لبنان في اسواق القطع والصرافة ضاخاً الدولارات التي ترجح مصادر انها ستكون هذه المرة من “الاحتياطي” المتناقص الرصيد شهراً بعد شهر في مؤشر ينذر بخطر كبير عندما تنضب الدولارات وتجد البلاد نفسها وجهاً لوجه امام الكارثة الكبيرة والمفجعة.

مصادر أخرى تساءلت عن الدراسات العلمية التي اعتمدت للوصول الى ما وصلت اليه وزارة المالية من اقتراحات لزيادات الرواتب، وما هي مصادر التمويل؟ وأكدت ان التعويل على زيادة الجباية يعتبر “نكتة” حالياً في وزارة عاجزة عن التحصيل على نحو مخيف. كما ان اي زيادة يفترض ان تمر في مجلس النواب ليقابلها تمويل مناسب مستدام لها.

جلسة الاثنين

في جلسة الاثنين المقبل، من المتوقع أن يقر مجلس الوزراء مجموعة اجراءات تطال رواتب القطاع العام. حيث سيتم تخصيص بدل انتاجية للموظفين بمعدل 300 دولار لموظفي الفئة الاولى (على سعر صيرفة)، 250 دولاراً للفئة الثانية، 200 دولار للفئة الثالثة، 150 دولاراً للفئة الرابعة، و100 دولار للفئة الخامسة. وبما ان الموظفين لم يحضروا هذا الشهر، فسيحصلون على راتب اضافي على سعر صيرفة. أما بدل النقل فسيكون خمسة ليترات يومياً للموظفين، وليترين ونصف للعسكريين ما دون رتبة الضباط.

وسيخصص للعسكريين المتقاعدين راتبان في الشهر، على ان تتم تغذية صندوق الطبابة لقوى الامن الداخلي.

أما منح التعليم، فسترتفع في التعليم الرسمي من مليون ليرة على التلميذ، الى 3 ملايين بالحد الادنى و9 ملايين بالحد الاقصى. وفي القطاع الخاص فستنص المراسيم التي ستصدر على ان تكون الزيادات من خلال زيادة التعويضات العائلية من مليون ونصف الى ثلاثة ملايين و425 ألفاً، وزيادة مليون و900 ألف على الاجر الشهري و87 ألف ليرة على الاجر اليومي. وفي التعليم الخاص سترتفع المنح من مليونين الى 6 ملايين بالحد الادنى و16 مليوناً بالحد الاقصى، على ان يرتفع بدل النقل من 95 ألفاً الى 125 ألف ليرة لبنانية يومياً.

رواتب بالدولار الأميركي؟

وقال النائب فؤاد مخزومي “إن ما يتم تداوله عن أن مجلس الوزراء سيقر الأسبوع المقبل إجراءات تطال رواتب القطاع العام وبالدولار الأميركي، يدفع لطرح تساؤل حول ما إذا كانت هذه الأموال ستسحب مما تبقى من حسابات المودعين لإرضاء الطبقة الحاكمة التي كان يجب عليها أن تقوم أولاً بإعادة هيكلة القطاع العام وإجراء الإصلاحات”.

وأضاف: “هذا الأمر مرفوض تماماً لأنه لا يستند لأي دراسات ومن شأنه أن يسبب المزيد من التضخم ويفاقم الأزمة المالية، فيما المطلوب بشكل عاجل ومُلحّ إجراء الإصلاحات خدمةً للبنان ولاتفاقه مع صندوق النقد الدولي كي لا نعزز الانهيار ونعمّق الهاوية”.

وأشار الى انه “من الضروري أيضاً إنصاف موظفي القطاع العام وتلبية احتياجاتهم وإيجاد حلول واقعية لأزماتهم التي تتحمل مسؤوليتها الحكومة ومجلس النواب، الذين أقروا موازنة غير منطقية زادت العجز الذي عزز انهيار الليرة وحمّل الخسائر لموظفي القطاع العام وكل موظف يحصل على راتبه بالليرة التي فقدت قيمتها”.

المصدر
باسمة عطوي - نداء الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى