سياسةمقالات

بعد الإدعاء عليه.. الحواط : يُريدون إسقاط كلّ صوت حرّ!

قَلَّما صودف أن يتقدّم أحدهم بدعوى ضدّ نائب عطفاً على موقف إعلاميّ أدلى به، وهذا ما حصل تحديداً مع عضو تكتل الجمهورية القوية النائب زياد الحواط نتيجة تعبيره عن “رفض الأداء التدميري للقطاع المصرفي”. لطالما تواجد الحواط أمام أدراج قصر العدل للإضاءة على ملفات متعطّشة إلى المعالجة، فإذا به يتقدّم بأكثر من إخبار أمام النيابة العامة التمييزية عام 2020 بشأن المعابر غير الشرعية والتهريب عبر الحدود السورية. وأعدّ إخباراً في تشرين الثاني من السنة نفسها بُعَيد التخزين السيئ للطحين في المدينة الرياضية.

وتقدّم الحواط باقتراح قانون معجّل مكرّر في تموز 2022 بإطار الجهود الهادفة إلى إحقاق العدالة في تفجير مرفأ بيروت على مقربة من مصادفة الذكرى الثانية للمأساة. وقدّم إخباراً إلى النيابة العامة في شباط 2023 عن ضرورة تعميم التحقيقات في ملفات فساد في الدوائر العقارية على كافة المحافظات.

ثمة علامات تعجّب جمّة معبّر عنها في مجالس سياسية وشعبية لناحية أنه وفيما العدالة لا تزال تذرف الدموع في زوايا البلاد في شتّى القضايا، اعتاد المتحكّمون بالدولة اللبنانية تعزيز المرتكبين وقهر الناصعين الضحايا فـ”وصلت مواصيلهم” إلى أهالي شهداء المرفأ! وهل عولجت تلك المواضيع، أو أنّ الغاية تعمّد قهر المطالبين بها؟

وتقدّم النائب جورج عقيص أمس بصفته الممثل القانوني للنائب حواط بمذكرة دفوع شكلية سنداً إلى المادة 39 في الدستور التي تمنح النائب حصانة مطلقة على كلّ ما يبديه من آراء وطلب كف التعقّبات عن الحواط وردّ الشكوى بعد ادّعاء القاضية غادة عون عليه بتهمة القدح والذم والتشهير وتهديد قاضٍ. وفي قراءة للأسباب المؤدية إلى خطوة الادعاء عليه، يقول الحواط “إنهم يريدون إسقاط كلّ صوت حرّ في لبنان وتحديداً أولئك الذين يتحدّثون بصوت الناس ووجعهم ويتناولون مشاكل البلاد والأطر الضرورية لاستعادة استقامتها ووقوفها على رجليها. هناك قرار واضح يراد منه إخضاع الناس وإسقاطهم، وهذا ما لن أقبل به وسيبقى صوتي مرتفعاً كلّما أخطَأَت الادارات أو القضاء أو الحكومات أو الرؤساء أو مجلس النواب… وسأقول الحقيقة من دون مواربة أو ارتداء قفّازات”.

ويشير الحواط لـ”النهار” إلى أن “خطوتنا اليوم ليست خوفاً أو تردّداً بل تشكّل بمثابة انتصار وقوّة من خلال مواجهة قاضية مسيّسة في عقر دارها. وقد أكّدت أنني لا أريد الاختباء خلف حصانة، بل أتعامل مع المسألة في ارتياح كما أي مواطن لبنانيّ يعمدون إلى محاصرته وإخافته”. وعن دقّه ناقوس خطر استهداف النظام المصرفي برمّته وتغيير هوية لبنان، يؤكد الحواط أنه “بقدر ما نريد محاسبة المرتكبين في القطاع النقدي والمالي ومساءلة المساهمين في الافلاس الذي وصلت اليه البلاد، بقدر ما نبدي كلّ الحرص على استمرار النظام المصرفي اللبناني. ويتمثل أسهل ما يمكن فعله في إفلاس المصارف بما يعني تطيير الودائع”. ووفق المقاربة التي يعبّر عنها الحواط أيضاً، فإن “القرار أبعد من القاضية ويرتبط بالسياسة ولن نقف مكتوفي الأيدي. بدأت المواجهة بالطريقة المباشرة ولن تكون من خلف شاشات التلفزيون، بل من غرفة إلى غرفة ومن إدارة إلى إدارة. ولا يتمثل دور النائب في التغريد على مواقع التواصل الاجتماعي بل المواجهة في كلّ إدارة ومؤسسة. وإذا كنت نائباً ويجري التصرّف معي بطريقة مماثلة، فماذا عن كيفية التصرّف مع المواطن الأعزل؟”.

وفي الاستنتاج العام الذي يرسّخه الحواط، فإن “ما يحصل سببه الخوف من الأصوات الحرّة التي ليس لديها ما تخافه. أستمرّ في الملف حتى النهاية ولا بدّ للتفتيش القضائي ومجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة التمييزية التحرّك في مواجهة تدمير ثقة اللبنانيين بالقضاء”، لافتاً إلى أنه “يتوجّب علينا المواجهة بالشكل المباشر وسنواجه محاولة ترهيب المواطنين بغية منع التطرّق إلى سير المرتكبين. ولن نسمح بتدمير ما تبقى من سلطات في البلاد فيما يشكل القضاء آخر معاقل قيام الدولة اللبنانية؛ ولا اقتصاد أو إعادة بناء للجمهورية إلا عبر قضاء عادل ونزيه”.

من جهته، واستناداً إلى المنحى الدستوري القانوني، ينطلق أمين سرّ تكتل “الجمهورية القوية” سعيد مالك، من القول إنه “من الثابت عملاً بأحكام المادة 39 من الدستور اللبناني أن النائب يتمتّع بحصانة كاملة عن الأفكار والآراء التي يبديها أثناء ولايته النيابية. ويُمثّل النائب وكيلاً عن الأمة خصوصاً بالنسبة إلى أحكام المادة 27 من الدستور التي تعتبر البرلمانيّ ممثلاً للأمة ومن واجبه الرقابة وإبداء رأيه بأيّ مخالفة يلحظها ضمن إطار أداء المؤسسات والأفراد. وما أقدم عليه النائب الحواط لناحية إبداء الرأي في ما يخصّ أداء القاضية عون وسلوكيّتها، في مكانه، سيما وأن حصانته النيابية التي يتمتع بها وتتعلق بالانتظام العام لا يمكن التنازل عنها عملاً بأحكام المادة 89 من النظام الداخلي في مجلس النواب بتاريخ 18 تشرين الأول 1994″.

ويقول مالك لـ”النهار” إن “الحواط قام بإبداء رأيه حول تصرّفات وتجاوزات تقوم بها القاضية عون ولم يكن يفترض بها مواجهة هذه الآراء والأفكار بهذه الطريقة عن طريق الادعاء عليه أمام حضرة قاضي التحقيق الأول. الجميع يحترم القضاء ومثول الحواط أمام قاضي التحقيق إثبات على أنه ومَن يُمثّل ينصاعون إلى أحكام القانون والدستور؛ ويفترض التنبّه إلى أن في استطاعة القاضي نقولا منصور، وعليه، أن يرد الدعوى شكلاً، سيما وأن النائب يتمتع بحضوره وهذه المسألة مصانة دستوراً ولا يمكن تجاوزها”.

ويوضح مالك، “ربما كان الهدف من الادعاء على الحواط إرسال رسالة إلى كلّ من يريد مهاجمة أداء القاضية عون وجعله مثالاً ينطبق على سواه، وهذا التصرف سيما مع نائب عن الأمة لا يمكن أن يثمر لأن أحكام الدستور واضحة وصريحة ولا يمكن تجاوزها بأي شكل. ويمكن أن يكون ما يحصل مصدراً للقلق لجهة حرية التعبير وقمع حرية النائب في أداء مهامه، وهذه مسألة غير مقبولة ويجب التنبه لها كي لا تكون طريقاً للاجهاز على الحريات العامة التي يجب أن تبقى مصانة بأحكام الدستور والقوانين المرعية الاجراء”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى