أمن وقضاءمحلي

إئتلاف إستقلال القضاء لنقابة المحامين: ألغوا هذا القرار!

علق “ائتلاف استقلال القضاء” على “قرار مجلس نقابة المحامين في بيروت في تاريخ 3/3/2023 بتعديل نظام آداب مهنة المحاماة ومناقب المحامين، في اتجاه إخضاع حرية المحامين في التعبير بأي وسيلة كانت للرقابة المسبقة لنقيبهم”.

وأشار إلى أن “التعديل نص على أنه ليس للمحامي أن يشترك في أي ندوة أو مقابلة ذات طابع قانوني تنظمها إحدى وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي أو المواقع الإلكترونية أو المجموعات، إلا بعد استحصاله على إذن مسبق من نقيب المحامين، بمعنى أن حرية المحامي تبقى وقفا على هذا الإذن وأنه يفقدها تماما في حال حجبه عنه”.

ولفت إلى أن “المجلس عاد ليؤكد وجوب استئذان نقيب المحامين للتداول في القضايا القضائية الكبرى، على أن يمنع تداول المحامين بالقضايا التي لا تعتبر كذلك”، وقال: “كل ذلك من دون أي تعريف علميّ للمفاهيم المبهمة المستخدمة فيه أو وضع أي ضوابط منعا لتعسف النقيب في ممارسة سلطته المستجدة. لا بل ذهب المجلس إلى منع نشر التحقيقات أو الملفات القضائية قيد النظر بشكل كامل. وبرر نقيب المحامين ناضر كسبار قرار المجلس بحالة الفوضى السائدة، والانتقادات التي يوجهها المحامون إلى نقابتهم”.

واعتبر الائتلاف أن “هذه القرارات تعد واضح على جوهر حرية التعبير للمحامين”، وقال: “إن قرارات المجلس، إنما تنتهك حرية المحامين، بحيث تجردها من كونها حرية ملازمة لكل من هؤلاء ومضمونة دستوريا لتجعلها حرية تمنح ويؤذن بها، حرية خاضعة للرقابة المسبقة، وذلك خلافا للدستور والإعلان العالمي لحقوق الإنسان (م. 19). وما يزيد من قابلية الأمر للانتقاد هو أن ممارسة هذه الرقابة تتم بصورة استنسابية بدليل أن المجلس لم يضع أي آليات أو معايير أو مهل لها، إنما ترك للنقيب سلطة مطلقة في تحديد شروطها في غياب أي رقابة قضائية فعلية عليه. ومن شأن هذه القرارات أن تحول هذه الحرية إلى امتياز لمحامين مرضى عليهم وأن تمنح في المقابل سلاحا للنقيب لإسكات المحامين الذين يعبرون عن وجهات نظر وآراء يود حجبها أو لا يحبذ نشرها ومنها أي رأي ينتقد النقابة أو النقيب نفسه. بمعنى أن حرية المحامين تصبح برمتها وقفا على ما يحبّه النقيب الرقيب أو يكرهه، أو أيضا، وهذا هو الأخطر، وقفا على أي قوّة تنجح في إحكام نفوذها عليه، وكلّ ذلك بمعزل عن أي تبرير. وعليه، تكون القرارات مست بفعل ذلك من جوهر الحرية تحت غطاء تنظيمها مما يجعلها غير قانونية وغير دستورية وغير مبررة، عدا عن كونها مخالفة لمبدأي التناسب والضرورة”.

وأشار إلى أن “هذه القرارات هي استهداف لاستقلالية المحامين ودورهم”، وقال: “عدا عن أنّ القرارات تؤدي إلى المساس بحرية المحامين المضمونة دستوريا ودوليا، فإنها تمس علاوة على ذلك باستقلالية المحامي في ممارسة حق الدفاع عن موكله، وهي ممارسة باتت تفرض بعد 17 تشرين وأكثر من أي زمن آخر الاحتكام إلى الرأي العام في العديد من القضايا البالغة الأهمية، وأهمها قضايا المرفأ والمصارف وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع، كرد على جسامة التدخّلات في أعمال القضاء والمساعي الحثيثة لتعطيله”.

أضاف: “من هنا، تسمح قرارات المجلس بإمكان تحصين ممارسات الإفلات من العقاب بإسكات المحامين وتجريدهم من وسائل مشروعة وديموقراطية وفي بعض الحالات الوسائل الوحيدة المتبقية لأداء مهام الدفاع المقدس عن موكليهم. ويضاف إلى ذلك أن أي حد لحرية التعبير للمحامين، إنما يشكل في الآن نفسه حجبا للمعلومة عن العامة، وهي مخالفة أخرى للإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

وتابع: “من المرتقب أن تفتح السلطة المستجدة للنقيب الباب أمام ضغوط تمارس عليه من كل الجهات النافذة المستاءة من أداء محام ما للتدخّل لإسكاته تحت طائلة تحميل النقيب مسؤولية كل ما يقال أو لا يقال”.

وأردف: “إن تبرير مجلس النقابة قراراته بضرورة وضع حد للفوضى، إنما يستعيد الحجة التي باتت تستخدم بشكل مطرد لإرغام الهيئات القضائية على التدخل لكف يد قضاة تجرأوا على المساس بالنظام السائد أو بحصاناته، بل أيضا لتبرير تدخل السلطة التنفيذية للحؤول دون تنفيذ قرارات قضائية. هذا المفهوم الذي شكل حصان طروادة لانقلاب النائب العام التمييزي على مساعي المحقق العدلي طارق البيطار لإعادة تحقيق المرفأ إلى السكة بعد تجميد سنة وشهر ولانقلاب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على مبدأ فصل السلطات في أول مسعى قضائي لرفع السرية المصرفية. ولا نبالغ إذا قلنا إنّ مفهوم الفوضى بات تهمة تلصق بكل من يتجرأ على خرق نظام الإفلات من العقاب السائد بكل بشاعته وصلفه وعراقيله. وها هو مجلس النقابة يستخدمه اليوم للانقلاب على الدور الذي تؤديه مجموعات نشطة من المحامين للدفاع عمّا بقي من القانون والانتظام العام. وليس أدلّ على ذلك هو مسارعة مجلس النقابة إلى إجراء هذه التعديلات الفجة والمتطرفة من دون أن يبادر من قبل إلى أي إجراء أو مسعى لوقف ما يعدّه فوضى عارمة، فكأنما معالجة الفوضى لا تتم وفق المجلس بالتصدي لمخالفة هذا المحامي أو ذاك، بل فقط في التحكم بحريات المحامين”.

وإذ أعلن الائتلاف “دعمه أي جهد للطعن في هذه القرارات”، طالب “مجلس نقابة المحامين بالعمل فورًا لإلغاء قراراته المتخذة في 3/3/2023 والعمل على تعديل آداب المهنة على النحو الذي يفعل دورها في خرق جدار الإفلات من العقاب وإعادة الانتظام العام”.

وحذر من “مغبة ملاحقة أي محام على خلفية مخالفة أي من هذه القرارات المخالفة بطبيعتها للقانون أو ممارسة حقه المشروع في انتقاد مجلس النقابة أو نقيبها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى