محلي

مكاري : إننا بحَاجَةٍ إِلى ثَقافَةِ سَلامٍ وتَربِيَةٍ على السَلام

لبّى وزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال الإعلام زياد المكاري دعوة رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران أنطوان نبيل العنداري الى لقاء صحافي في المركز الكاثوليكي للإعلام في جل الديب بعنوان “دور وسائل الإعلام وشبكات التواصل في بناء ثقافة السلام”، اليوم الإثنين , وشارك فيه مدير المركز الاب عبده أبو كسم , نقيب الصحافة عوني الكعكي، نائب رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام الأخت ندى طانيوس وأعضاء اللجنة واعلاميون.

بدايةً، رحّب المطران العنداري بالحضور وبالمكاري وقال: “نَوَدُّ أَن نُرَحِّبَ بِكُم جَميعَاً في هذا اللِّقاءِ الصحَافي، وخصوصاً الوزير زياد المكاري، إبنُ العَميد تيودور المكاري قائد الدرَك الذي تَمَيَّزَ بِالعُنفوانِ وَالفُروسِيَّة في رِسالَتِهِ الوَطنِيَّة. ولَكُم مِنَّا صاحِبَ المَعالي كُلَّ الشُكرِ والتَقدير على تَلبِيَةِ الدَعوَة تَحتَ عُنوان: “دَورُ وَسائلِ الإِعلام وَشَبَكاتِ التَواصُل الإِجتِماعي في ِبِنَاءِ ثَقافَةِ السَلام”.

وأضاف: في رِسالَتِهِ العامَّة السَلامُ على الأَرض – سنَة 1963 قالَ البابا القديس يوحنا الثالث والعشرون: “قِوامُ السَلامِ في كُلِّ مُجتَمَع، ألحَقيقَة والعَدالَة وَالمَحَبَّة وَالحُرِّيَة”. وفي رِسالَتِهِ الأُولى لِحَبرِيَّتِه، بِمُنَاسَبَةِ اليَومِ العالَمي لِلسَلام سَنَة 2014، قالَ قَداسَةُ البابا فرَنسيس: “ألأُخُوَّة هِيَ ألأَساسُ والطَريقُ إِلى السَلام”.

وتابع: تَعَوَّدَ الأَحبارُ الأَعظَمون دَعوَةَ المُؤمناتِ والمُؤمنين إِلى الصَلاةِ مِن أجلِ السَلام، إِنطِلاقَاً مِن وَصِيَّةِ وعَطِيَّةِ السَيِّدِ المَسيح: “سَلامي أَترُكُ لَكُم، سَلامي أُعطيكُم”. ونَحنُ اليَومَ، عَشِيّةَ عيدِ الأُمّ أَلمُرَبِّيَة على الحُبِّ والسَلام، بِإِمكانِنَا القَولَ أَنَّ الوَطَنَ لَهُ قَلبُ أُمٍّ، لا بَل إِنَّهُ الأُمّ، فَهوَ البَيتُ الذي يُبصِرُ الإِنسانُ النورَ تَحتَ سَقفِه، والأرضُ التي يَتَغَذّى بِثِمارِهَا، والعَائلَةُ التي يَطيبُ لَهُ العيشَ في كَنَفِهَا. وَهُوَ قَلعَةُ الإِيمانِ بِاللّه، وَحُصنُ الحُرِّيَة، وعَلَمُ الأَرزِ الدائمِ الإِخضِرار، وَعثنوانُ الكَرامَة. وَهُوَ تُربَةُ الآباءِ وَالأَجداد المُضَمَّخَة بِعَبيرِ الذُكرَيات الضَارِبَة في أَعماقِ التَاريخ. وما كانَ التَاؤيخُ ذاكِرَةَ الأَحداثِ وَحَسب، بَل هُوَ الحاضِرُ النَابِضُ بِالحَياة وَالحَامِلُ في طَيّاتِهِ صُورَةَ المُستَقبَل الذي نَرجوه، بِالرُغمِ مِنَ الجُلجُلَة التي نَمُرُّ بِهَا، مُثقَلاً بِغِلالِ الخَيرِ والسَلام”.

ورأى أنَّ “العَولَمَة، كما أَكَّدَ البابا الراحِل بندكتوس السادِس عَشَر، في رِسالَتِهِ العَامَّة “ألمَحَبَّة في الحَقيقَة” سَنَة 2009 تُقَرِّبُنَا لكنَّها لا تَجعَلُنَا إِخوَة. تُعَلِّمُنَا قِصَّةُ قَايينَ وَهابيل، في الكِتابِ المُقدَّس، أَنَّ البَشَرِيَّةَ تَحمِلُ في داخِلِهَا أَلدَعوَةَ لِلأُخُوَّة، ولكنَّهَا تَحمِلُ أَيضَاً أَلإِمكانِيَّةَ المَأساوِيَّةَ لِخِيَانَتِهَا. تَشهَدُ على ذلِكَ أَلأَنانِيَّةَ اليَومِيَّة التي تَقومُ في أَساسِ العَديدِ مِنَ الحُروبِ وَالظُلم: إِذ يُقتَلُ العَديدُ مِنَ الناسِ بِأَيدي إِخوَتِهِم الذينَ لا يَعتَرِفونَ بِهِم كَإِخوَةٍ لَهُم. إِنَّ خَبرَةَ الحُروبِ المُؤلِمَة والفَسادِ وَالهَيمَنَة وَالإِستِغلالِ وَالقَمعِ وانتِهاكِ كَرامَةِ الإنسانِ في مَنَاطِقِنَا وفي العالَم تُشَكِّلُ جُرحَاً خَطيراً وَعَميقَاً يُصيبُ الأخوَة”.

وسأل العنداري: “أَينَ نَحنُ مِن ثَقافَةِ السَلام؟ أَينَ نحنُ مِنَ التَربِيَة على السَلام ومَن مَجموعَةِ القِيَمِ وَالمَواقِف والتَقاليد وأَنماطِ السُلوك وَسُبَلِ الحَياةِ التي تَستَنِدُ إَلى احتِرامِ الحَياة ومَبادئ السِيَادَة، وحُرِّيَةِ التَعبير،واحتِرامِ حُقوقِ الإِنسان؟ أَينَ نَحنُ مِنَ التَسامُحِ والتَنَوُّعِ الثَقافي والتَعَدُّدِيَةِ؟ واللائحَةُ تَطول”.

وشدّد على “أننا بحَاجَةٍ إِلى ثَقافَةِ سَلامٍ وتَربِيَةٍ على السَلام بَعيداً من التَشهيرِ والتَجريحِ والفئويّةِ واختِلاقِ الأكاذيب من دونَ ضوابط. ما هُوَ دَورُ وَسائلِ الإِعلامِ وشَبَكاتِ التَواصُل الإِجتِماعي في بِنَاءِ ثَقافَةِ السَلام”.

وختم: “عَطفَاً على ما سَيُغنبنَا بِهِ معالي الوَزيرِ في هذا المَجال، وَحدَهَا وَصِيَّةُ الرَبِّ لَنَا: “أَحِبّوا بَعضًكُم بَعضاً كَما أنا اَحبَبتُكَم تَسمَحُ لَنَا بِبِنَاءِ ثَقافَةِ السَلام وَعَيشِ السَلام”.

ثم تحدث المكاري فشكر للمطران العنداري وللاب أبو كسم “الدعوة الكريمة الى هذا اللقاء المُفيدِ في زَمنِ التخبُّطِ على كلِ الصعد، اعلاميا وسياسيا معيشيا”.

وقال: “دورُ وسائل الاعلام وشبكاتِ التواصل في بناء ثقافة السلام. ما أحْوَجَنا الى التواصُلِ وما أبعدَنا عنِ السلام. ما أحوَجَنا الى التواصلِ ونحنُ في عصرِ التواصُل. معادَلُةٌ شديدةُ الغَرابَة في زَمَنٍ كثُرَ فيه الكلامُ على كلِّ المنابرِ والمِنصّاتِ، وقلَّتِ المسؤولية”.

وأضاف: “عندما يكثُرُ الكلامُ يكثرُ معه الخطأ، وقد يتأتّى هذا الخطأُ من حماسةٍ زائدةٍ أو من ردِّ فعلٍ تِلقائيّ أو حتّى من دافِعِ حُبِّ الظُهورِ والنشاطِ المُفرِط على وسائلِ التواصُل الاجتماعي. وما إنْ نقعُ في الخطأ حتى نَصلُ سريعًا الى الخطيئة، وهكذا تتحوّلُ شبكاتُ التواصُلِ الى أدواتِ انفصالٍ اجتماعيّ بفعلِ الشَّحنِ الدائمِ والّلحظَويِ الناتجِ من النَّشرِ المُتسَرِّعِ والمُرتَجَل والانفعاليّ. وهنا يبرُزُ السؤال: هل هذا من الإعلامِ في شيء؟ ومتى كانَ دورُ الإعلامِ جانِحًا الى الخِفّةِ في التَّعليقِ والبذاءَةِ في الردّ والتوتُّرُ في النشر؟ أينَ ثقافةُ بناءِ السلامِ من هذا المشهدِ المُظلِم؟”.

وقال: “أمامَ هذا الواقِعِ المأزومِ نجدُ أنفُسَنا مُنحازينَ الى القولِ القديم المأثور: إذا كان لديك كلامٌ حُلوٌ فَقُلْهُ سريعًا قبل أن يَفقِدَ حلاوتَهُ، واذا كان لديك كلامٌ مُرٌّ فاحتفظ به الى أن يزولَ مُرُّه!

إنها قاعدة بسيطةٌ تُجنِّبُ فضاءَنا الإعلامي التوتُّرَ وتُساهمُ أفضلَ مُساهمةٍ في بناء ثقافة السلام التي تُنَمّي العقولَ وتَبني الأوطانَ، بعيدًا من خِطابِ الكراهية والشحن والحِقد. وغَنيٌّ عن القول إنّ السلامَ هو وليدُ الهدوءِ والرَّصانةِ والتَّسامحِ والتّفاعُلِ الإيجابيّ، ولم يكُنْ يومًا ولن يكونَ غيرَ ذلك. أمّا خِطابُ التَّحريض والكراهية واستِثارةِ الغرائز فلا يولِّدُ إلّا الحروبَ والدمار”.

وتابع: “قد يسألُ أحدُكُم ماذا عن حُريةِ الرأي؟ وأُجيبُ بسؤالٍ استِتْباعًا: متى كانت الحُريةُ إساءةً الى الآخرين؟ متى كانت تحرُّرًا من المسؤولية والوعي والعقل والحكمة؟”.

وشدّد على أن “الحريةُ قيمةٌ يجدُرُ بنا صونُها من كلِ إساءةِ استخدام، وتنزيهُها عن كلِ إسفافٍ في التعبير أو خفّةٍ في التصريح. ولعلَّ ما ينبغي أن يُحفِّزَنا في أيامِنا هذه على التأنّي في النشر هو السُرعةُ الهائلة في تناقُل مضمونِ الكلامِ ثمَّ السرعةُ الأكبر في الردّ والردّ على الردّ والاشتباك الى ما لا نهاية، بأساليبَ لا تَرقى الى رسالةِ الإعلام الواعي والُمتَّزِن”.

وختم المكاري قائلاً: “في بدايةِ كلمتي قلتُ إن الخطأَ يكثُرُ كلَّما كثُرَ الكلام. وتماشيًا مع هذه القاعدة لن أُطيلَ عليكم، وأتركُ لإعلامِنا الرّائدِ والحكيم أن يضبُطَ ما قد يُفلِتُ من السياسة ويُصحِحَ مسارَه، فيكونَ خيرَ جُنديٍّ في بناء ثقافة السلام”.

وختاماً كانت كلمة للاب أبو كسم قال فيها: “نلتقي اليوم في رحاب المركز الكاثوليكي للاعلام مع من نذروا انفسهم في خدمة الحقيقة، لا بل في خدمة الانسان من خلال تمكينه للوصول الى الحقيقة، من خلال وسائل الاتصال والاعلام.

والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل الثورة الرقميّة، واذا صحّ التعبير، غير المنضبطة، ما هو تأثيرها على المجتمع؟ وما تأثيرها على الرأي العام؟، وفي المقابل، أين يكمن دورنا كصحافيّين واعلاميّين يمتهنون الصحافة كسلطة رابعة مسؤولة عن تنوير الرأي العام، خاصة في ظل الظروف التي نعيشها اليوم في لبنان؟”.

وأضاف: “الناشطون على وسائل التواصل، وتحت ستار الحريّة الاعلاميّة يشتمون ويحرّضون ويضلّلون الرأي العام بأخبار كاذبة لا صحّة لها، يسوّقون لسياسات ودعايات تساهم في تقبّل فكرة الانهيار وإثارة النعرات الطائفيّة والمذهبيّة”.

وسأل: “هل المطلوب ان يستخدموا هذه الوسائل لضرب صورة لبنان الرسالة؟ هل المقصود ان نسلّم ونستسلم؟ أم تحمّل مسؤوليّاتنا الاعلاميّة السامية لإنقاذ لبنان من خلال تمتين جسور التلاقي والحوار والنقاش، وبناء ثقافة المحبّة والسلام؟”.

وشدد أبو كسم على أنه “آن الاوان، واليوم قبل الغد، أن نتحمّل مسؤوليّاتنا الاعلاميّة بجرأة وإقدام لنقف في وجه من يستثمرون في وسائل الإعلام من أجل تحقيق مكاسب خسيسة.

إنها معركة البقاء، بقاء لبنان، نكون أو لا نكون”.

وختم قائلاً: “كل السلطات في لبنان تعطّلت واستقالت من دورها، تبقى السلطة الرابعة، وهي السلطة الاقوى، اذا ما حافظت على رسالتها، هي السلطة المهمّة التي تلعب دورها في الحرب والسلم، تحافظ على لبنان وطن الحريّة والسلام”.

بعد ذلك دار حوار أجاب خلاله المكاري على أسئلة الحضور، حيث قال عن الفوضى في الاعلام الالكتروني ان “هناك نوعين من الاعلام الالكتروني، وسائل التواصل التي تشمل تويتر وانستغرام وفايسبوك وتيك توك والتي يصعب ضبطها عالميا والنوع الثاني هي المواقع الالكترونية التي علينا تنظيمها من خلال الترخيص لها وفقاً لشروط محددة لتنظيم الموضوع أقله في لبنان”.

وأشار الى أن “من أحد الحلول التي يمكن أن تساعد في ضبط وسائل التواصل الاجتماعي هو ادراج كيفية استخدمها للخير وليس للشر في البرامج التربوية”.

وشدّد المكاري على “دور نقابة الصحافة أيضاً في تنظيم المهنة من خلال انتساب الصحافيين الى النقابة”، وأشار الى أن “صلاحية المجلس الوطني للاعلام انتهت صلاحيته، والدولة أصبحت أشلاء”.

وقال: “نحن نعيش في أدغال في لبنان، وفي كارثة في ظل الفراغ الرئاسي، ولكنني أؤكد أنه سيكون لنا رئيس، ولكننا نحن كوزراء نعاني من الوضع، فلا حكومة ولا مجلس نواب ولا تشريع، ولا تعيينات، لذلك الهدف الاساسي والامل الوحيد هو بانتخاب رئيس للجمهورية لان الجسم بحاجة الى رأس والسيارة بحاجة الى موتور لاعادة انتظام الأمور”.

وأضاف: “للاسف نحن في انتظار الخارج لان هناك انسدادا في الداخل، والواقع ان الكل في انتظار السعودي والايراني، ونوابنا مرتبطون بالخارج أيضاً، وهذه هي الحقيقة الجارحة”.

وعن دعوة البطريرك الراعي النواب المسيحيين الى الصلاة قال: “للاسف لن يحصل شيئاً، سيصومون ولكنهم لن يتوبوا، وستكون الصورة جميلة ولكنهم لن ينتخبوا رئيساً، ولا نتيجة من هذا اللقاء”.

المصدر
MTV

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى