إقتصاد

الباحثة د.سابين الكك: “صيرفة” غير قادرة على التدخل في السوق

رأت الباحثة في قانون الأعمال والمصارف د.سابين الكك أن الضوابط التي يملكها المصرف المركزي للحد من الانفلات الحاصل في سعر صرف الدولار وتجاوزه الـ 100 ألف ليرة لم تعد موجودة، أي انه لم يعد يملك الملاءة المناسبة، فضلا عن انسداد الأفق السياسي وغياب المعالجات الحقيقية للجم الارتفاع المتواصل للدولار من قبل المعنيين، وفقدان الثقة بالعملة الوطنية، كل هذه العوامل تزيد من تعمق الانهيار، وتفسح في المجال أمام المضاربين للتلاعب بسعر الدولار في السوق الموازية.

وأشارت د.الكك في تصريح إلى أن احتياطيات المصرف المركزي ضعيفة جدا، ونشهد أزمة في النقد الأجنبي القابل للاستعمال، وهذا الضعف أمر طبيعي لأن يصل الى هذا المستوى المتدني جدا بعد مرور أكثر من 3 سنوات على الأزمة، معتبرة أن منصة «صيرفة» التي أوجدها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أثبتت أنه ليس لديها القدرة على التدخل في السوق، وجاء تدخلها لفترة محدودة لأنها وسيلة استثنائية وغير اعتيادية ولها مفعول مضاد وهو مفعول المضاربة على العملة الوطنية.

وأكدت أن هذه المنصة هي وهم والمصرف كان يستحصل على الدولارات من السوق، ثم يعود ويضخها فيها. وكلنا يعلم أن شركات تحويل الأموال كانت تمد المصرف بالسيولة التي تشتريها من السوق.

وتحدثت د.الكك عن الدولار المفقود، لافتة إلى أن الاستدانة كانت بالعملات الأجنبية لتسيير حاجاتنا، وهناك عجز سنوي كبير في الميزان التجاري، ونعيش على نقص الدولارات التي تقلصت، وعند حصول الأزمة المصرفية لم يعد لدينا إمكانية للاستدانة بالعملات الأجنبية. وأشارت الى أن الفرق بين الاستيراد والتصدير الذي يحصل كبير وهو الأخطر ولا أحد يلفت النظر إليه.

وأوضحت د.الكك ردا على سؤال أن الأزمة المصرفية التي نشهدها تجعل التدفق النقدي أو cach flow لا يعود الى الصمام الأساسي عبر العمليات المصرفية الطبيعية والمعتادة لتدخل في احتياطيات المصرف المركزي، بل انه يبقى بين أيدي الناس التي لم يعد لديها الثقة لوضعه في المصارف، وهو عبارة عن تحويلات فردية من المغتربين أو المقيمين في الخارج، وبالتالي فإن هذا التدفق النقدي لا يدور في القنوات الرسمية لاقتصاد الدولة، بل يشكل دورة سوق، وهو سوق فلتان ويقوم بتصحيح حر لعملية الاستهلاك.

وأكدت د.الكك أن إعادة الاعتبار للعملة الوطنية لا تتحقق الا عبر تصحيح اقتصادي حقيقي واستعادة الدولة لسيادتها الاقتصادية وقدرتها على التحكم بالتدفقات النقدية ضمن رؤية ومخطط واضح، لافتة الى انه على مدى السنوات الثلاثين الماضية كانت الدولة فاقدة أدوات السيطرة على الاقتصاد وعلى حاجات المجتمع.

ولفتت الى أن القطاع المصرفي وعلى مدى عقود من الزمن استمد بريقه على حساب الاقتصاد والمجتمع، ونجح في جذب أموال المغتربين والأجانب الى خزائنه بدلا من استثمارها في مشاريع منتجة، هذا القطاع اليوم هو أمام تحديات جمة، منها أنه يفتقد السيولة بالدولار والإضراب يغطي على عجز «صيرفة» التي أتوقع إغلاقها، كما يعاني من تراجع إجمالي ميزانياته.

ورأت د.الكك أن عودة المصارف الى الإضراب بسبب الإجراءات القضائية التعسفية ضدها كما قالت جمعية المصارف في بيانها الأخير، هو حجة من لا حجة لديه، فالأحكام القضائية جرى تنفيذها في الخارج، وفي لبنان تحاول المصارف الضغط على السلطة السياسية لتحقيق مطالب معينة تتعلق بإقرار قانون «الكابيتال كونترول» الذي ربط إقراره بإقرار القوانين الإصلاحية، المتعلقة بإعادة هيكلة المصارف.

واعتبرت د.الكك أن الانهيار يتعمق يوما بعد يوم ونحن في أزمة مالية ونقدية كبيرة، والمصارف اليوم كما مصرف لبنان ليسا في أحسن أحوالهما، كما حال اللبنانيين الصعبة، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة المسؤول عن النقد هو الشاهد على تجاوزات الطبقة السياسية الفاسدة، وبات اليوم مدعى عليه والغطاء الدولي رفع عنه، ويواجه معركة قضائية قاسية ويستعمل كل أدوات الدفوع الشكلية ويبحث عن خروج آمن، وهو كان يعتقد أنه رقم صعب وسيتخطى هذا الموضوع، لذلك إما أن يجيب عن الأسئلة الموجهة إليه أو يكذب أو يورط أناسا أكثر ويفضح، ومن الممكن ألا يفضح إذا تمت لفلفة الموضوع.

أما المصارف التي يجب إعادة الثقة بها ولا يجوز تدمير القطاع المصرفي، هي اليوم تضغط باتجاه طي صفحة المرحلة السابقة، وعفا الله عما مضى، وهذا من غير الممكن ويجب محاسبتها وتحمل مسؤولياتها في رد ودائع اللبنانيين.

المصدر
الأنباء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى