إقتصادعربي ودولي

الجيش الليبي يعثر على اليورانيوم المفقود

يحبس العالم أنفاسه عند سماع التحذيرات من قبل القوى العظمى عن استخدام الأسلحة النووية للتهديد أو الردع، لكن مجالات الطاقة النووية أوسع واستخداماتها أشمل من حصرها في الأسلحة المدمرة.

كان اكتشاف النواة الذرية في عام 1911 من قبل إرنست رذرفورد خطوة حاسمة في تطوير الطاقة النووية، وتوالت بعدها الأبحاث حتى حفزت الحرب العالمية الثانية التنافس بين ألمانيا النازية والولايات المتحدة في أبحاث الذرة.

فر العالم الإيطالي إنريكو فيرمي من الفاشية الإيطالية وحط رحاله في العاصمة الأميركية واشنطن في نهاية ثلاثينيات القرن الماضي، واستطاع بمساعدة عالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتاين إقناع المسؤولين الأميركيين بتبني فكرة تفجير كمية من اليورانيوم التي يمكن أن تكون قوتها أكثر آلاف المرات من أي مفجر آخر.

وخلال الحرب العالمية الثانية ركزت الأبحاث في البداية على إنتاج القنابل، وبعد مشاهدة آثار الدمار الهائل الذي خلفته قنبلتا هيروشيما وناغازاكي في اليابان تحول الاهتمام في الخمسينيات إلى الاستخدام السلمي للانشطار النووي والتحكم فيه لتوليد الطاقة.

بدأت أولى محطات الطاقة النووية التجارية في العمل خلال الخمسينيات، ففي عام 1951 نجح أول مفاعل تجريبي في إنتاج الطاقة الكهربائية في ولاية أيداهو بالولايات المتحدة، وأضاء حينها سلسلة مكونة من 4 مصابيح.

وفي عام 1954 قامت روسيا بتوليد الكهرباء من أول مفاعل نووي لديها بقدرة 5 ميغاواطات في أوبنينسك، وكان لأغراض تجارية.

وتعد الطاقة النووية ثاني أكبر مصدر للطاقة منخفضة الكربون في العالم بحسب الرابطة العالمية للطاقة النووية، ويمكن استخدامها في مجالات عدة، أبرزها توليد الكهرباء.

وتوفر الطاقة النووية حاليا نحو 10% من كهرباء العالم من حوالي 440 مفاعل طاقة، وقد أنتجت 13 دولة في عام 2020 ما لا يقل عن ربع احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة النووية.

وتولد فرنسا 70% من الكهرباء بتلك الطاقة، وتحصل أوكرانيا وسلوفاكيا وبلجيكا والمجر على نحو النصف بالطاقة النووية، فيما تحصل إيطاليا والدانمارك على ما يقارب 10% من الكهرباء من الطاقة النووية المستوردة.

وقد جاءت الولايات المتحدة في صدارة الدول الأكثر إنتاجا للطاقة النووية في 2020 بحصة إنتاج بلغت 30.9% من إجمالي الطاقة النووية المنتجة عالميا.

وجاءت الصين في المركز الثاني بحصة بلغت 13.5% من إجمالي ما ينتجه العالم، وتستثمر بكين بشكل كبير في الطاقة النووية في محاولة لتحقيق أهدافها المناخية، وتخطط الدولة لبناء 150 مفاعلا نوويا جديدا بحلول عام 2035 قد تصل تكلفتها إلى 440 مليار دولار.

كما تنتج فرنسا نحو 13% من الطاقة النووية، تليها روسيا بـ7.9%، وكوريا الجنوبية 6%، ثم كندا 3.6%، فأوكرانيا 2.8% وألمانيا 2.4% فإسبانيا 2.2%، ثم السويد 1.9%.

وبينما تتصدر الولايات المتحدة الدول المنتجة للطاقة النووية في 2020 فإنها تحتل المركز الـ17 من حيث الحصة التي تمثلها الطاقة النووية في توليد الكهرباء بالبلاد، فيما تأتي فرنسا في صدارة الدول التي تعتمد على الطاقة النووية في توليد الكهرباء النظيفة.

وليست فرنسا وحدها، بل هناك العديد من الدول الأوروبية التي تسبق الولايات المتحدة في القائمة، ويرجع ذلك إلى حجم الدول وعدد سكانها، فالدول الأوروبية أصغر بكثير وتنتج كهرباء أقل من الدول الأكبر حجما، مثل الولايات المتحدة الأميركية والصين.

وتنتج فرنسا الكهرباء من الطاقة النووية بنسبة 70.6%، وسلوفاكيا 53.1%، وأوكرانيا 51.2%، والمجر 48%، وبلغاريا 40.8%.

المفاعلات النووية
وتتصدر الولايات المتحدة الدول الأكثر امتلاكا للمفاعلات النووية، حيث تمتلك 92 مفاعلا نوويا ساهمت في إنتاج 19.6% من كهرباء البلاد في 2021.

وتمتلك فرنسا 56 مفاعلا نوويا، ولدى الصين 55 مفاعلا نوويا أنتجت من خلالها 5% من كهرباء البلاد.

أما روسيا فلديها 37 مفاعلا نوويا ساهمت في إنتاج نحو 20% من الكهرباء، وتمتلك اليابان 33 مفاعلا قابلا للتشغيل، كما تمتلك كوريا الجنوبية 25 مفاعلا نوويا ساهمت في إنتاج 28% من كهرباء البلاد، ثم تأتي الهند بـ22 مفاعلا نوويا، فكندا بـ19 مفاعلا، ولدى أوكرانيا 15 مفاعلا نوويا ساهمت في إنتاج 50% من الكهرباء.

أما المملكة المتحدة فلديها 11 مفاعلا نوويا قابلا للتشغيل ولّدت منها نحو 15% من احتياجاتها من الكهرباء، وفي أبريل/نيسان 2022 أعلنت الحكومة البريطانية أنها تخطط لبناء 8 مفاعلات نووية، لتعزيز الاستقلال في الطاقة على المدى الطويل.

أما باكستان فلديها 6 مفاعلات نووية ساهمت في نحو 10% من الكهرباء، وتمتلك إيران مفاعلا نوويا رئيسيا واحدا مكرسا لأغراض البحث.

وقد بدأت تركيا في بناء أول محطة للطاقة النووية في أبريل/نيسان 2018، ويتوقع أن يبدأ تشغيلها في 2023.

بدورها، أعلنت الإمارات العربية في أغسطس/آب 2020 عن نجاح تشغيل الوحدة الأولى من محطة براكة للطاقة النووية السلمية، وهي الأولى في العالم العربي.

وعند اكتمال تشغيل هذه الوحدة فإن مفاعلات الطاقة الأربعة في المحطة ستؤدي إلى توفير نحو 25% من احتياجات الإمارات من الكهرباء، بحسب مؤسسة الإمارات للطاقة النووية.

وفي مصر تجري أعمال إنشاء محطة نووية بمدينة الضبعة لتوليد الكهرباء، إذ تم توقيع عقد تنفيذها مع الجانب الروسي وتتضمن 4 مفاعلات نووية، ومن المتوقع أن تشغل جميع المفاعلات بحلول عام 2030.

وتسعى السعودية إلى بناء مفاعلات نووية لإنتاج الكهرباء، وقبل ذلك تخطط لبناء مفاعلين لفهم التقنية قبل التوسع فيها، بحسب تصريحات لوزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان أدلى بها في يناير/كانون الثاني الماضي، مشيرا إلى أن عقود مفاعلات الطاقة النووية التي تعتزم بلاده بناءها ستوقع “قريبا جدا”، كاشفا أن هناك مباحثات مع شركاء راغبين في هذه العقود.

وفي الأردن، أعلن رئيس هيئة الطاقة الذرية خالد طوقان عن دراسة بناء مفاعلات نووية صغيرة للمساهمة في توليد الكهرباء بالبلاد.

أما المغرب فلم يكشف رسميا عن مفاعلات نووية، لكن مجلس الوزراء الروسي أعلن في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2022 أن روسيا ستوقع اتفاقية مع المغرب لبناء أول محطة طاقة نووية في المغرب.

وكانت وزيرة الطاقة الدكتورة ليلى بنعلي قد صرحت خلال مقابلتها مع منصة الطاقة في 14 سبتمبر/أيلول 2022 بأن المملكة بصدد تحديث إستراتيجية الطاقة لديها، لتضم الطاقة النووية ضمن مزيج الكهرباء خلال السنوات المقبلة.

وتنتج المفاعلات النووية ما يقارب ثلث الكهرباء الخالية من الكربون في العالم (28% من الإجمالي في عام 2019)، وهي ضرورية لتحقيق الأهداف المتعلقة بتغير المناخ.

وإجمالا، يتم إنتاج الكهرباء بنسبة 35.2% من الوقود الأحفوري (الفحم)، و23.6% من الغاز، وكلاهما يساهمان في الاحتباس الحراري، فيما تنتج الكهرباء بنسبة 16.6% من الطاقة المائية عن طريق السدود وغيرها، و10% عن طريق الطاقة النووية، و9.4% من مجموع الطاقة الشمسية والرياح والحرارة الجوفية والمد والجزر، ثم النفط بنسبة 2.5%، ومثلها من مصادر أخرى.

استخدامات أخرى
ولا يقتصر استخدام الطاقة النووية على توليد الكهرباء، بل يمكن استخدام هذه الطاقة وتقنياتها في عدة مجالات، مثل الزراعة والغذاء والطب واستكشاف الفضاء وتحلية المياه.

وتوفر التقنيات النووية صورا لداخل جسم الإنسان، وتسهم في علاج بعض الأمراض، حيث تمكن الأطباء وفقا للأبحاث النووية من تحديد كمية الإشعاع اللازمة لقتل الخلايا السرطانية دون الإضرار بالخلايا السليمة.

وإلى جانب ذلك، يستخدم الأطباء تقنية التصوير بالأشعة السينية التي تعتبر من أهم أدوات التشخيص الطبية المستخدمة بشكل واسع، وهي تعتمد على الإشعاع وتتيح للأطباء فرصة الاطلاع على جسم الإنسان من الداخل.

كما يستخدم الإشعاع النووي في الزراعة، حيث تستخدمه عدة دول حول العالم لمنع الحشرات الضارة من التكاثر والتقليل من أعدادها وحماية المحاصيل الزراعية، وبالتالي توفير كميات أكبر من الغذاء للعالم.

المصدر
الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى