مقالات

كان الهدف إلغاء اتفاق الطائف.. فتم تحطيم مؤسسات الدولة

يقول وزير الاقتصاد والتجارة السابق و«المحايد» رائد خوري إن سوء إدارة الأزمة خلال السنوات الثلاث ونصف الماضية، كان أشد وبالا على الدولة من تراكمات 25 سنة ماضية، واعتبر في حديث لتلفزيون لبنان أن الـ 45 مليار دولار التي تبخرت، أو بددت، منذ بداية ولاية حكومة حسان دياب حتى اليوم، كانت تكفي لبناء اقتصاد دولة بكاملها لو كانت هناك إدارة رشيدة وصادقة.

ينقل أساتذة من الجامعة اللبنانية تقاعدوا لبلوغهم السن القانونية، أن مرسوم ادخالهم الى الملاك احيل كإجراء اداري روتيني في شهر اغسطس 2022 الى رئيس الجمهورية، ليتمكنوا من قبض رواتب التقاعد وفق ما ينص عليه القانون 278 تاريخ 7/3/2022، فوجئوا برد المرسوم من الرئيس، مع لحظ الموافقة على إحالة 12 منهم فقط الى التقاعد من أصل 28 اسما يضمها المرسوم، بحجة عدم وجود توازن طائفي في الأسماء الأخرى، ومثل هذا الموقف لم يحصل بتاريخ الجمهورية، وطبعا هذا الموقف ترفضه غالبية القوى المسيحية، وقد كان للبطريرك بشارة الراعي دور أساسي بتغطية المرسوم الذي أقره مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة من دون أي تمييز، بعد أن بقي الأساتذة المعنيون من دون أي رواتب لمدة تتجاوز السنتين في أسوأ وضع يعيشه لبنان منذ تأسيسه.

مئات الأحداث والتجارب والممارسات، تؤكد أن إدارة الدولة في العهد المنصرم، هي المسؤولة الأساسية عن خراب لبنان، والوصول بالوضع الى هذا الجحيم الموصوف، ولا مجال لذكر المحطات التي كان لموقف رئيس الجمهورية تأثير حاسم على تحطيم المؤسسات والمرافق الأساسية، بدءا من تعطيل التشكيلات القضائية مرورا برفض تعيين الناجحين في مجلس الخدمة المدنية، ووضع اليد على مفاصل الإدارة ومؤسساتها، بما في ذلك فرض نموذج بال لإدارة قطاع الكهرباء أدى الى كارثة على خزينة الدولة، حيث استهلك القطاع وحده من أموال مستدانة بواسطة سلف خزينة لا ترد، أكثر من 47 مليار دولار. ويكفي أن نذكر بعض تفاصيل جلسة 20 فبراير 2020 كما رواها لنا أحد الحاضرين في القصر الجمهوري، وكان الاجتماع مخصصا لمناقشة موضوع سندات يوروبوند بقيمة 1.2 مليار دولار تستحق في 9 مارس. عرض حاكم مصرف لبنان ارسال طلب من الحكومة لمصرف لبنان لمعالجة الموضوع مع الدائنين، لأن التوقف عن الدفع من دون أي اتفاق يعني إعلان افلاس لبنان، وهذا يرتب خسائر لا يمكن تقديرها على البلاد. فقال له عون: «لن ندفع وأنا رئيس الجمهورية، وأنت عليك أن تلتزم بما نقرره نحن».

العداء الذي يكنه الرئيس عون لاتفاق الطائف قديم، وهو ما انفك يحاول تعطيل الاتفاق، لأنه الوحيد في لبنان الذي لم يوافق عليه عام 1989. جاءت فرصة مناسبة لعون لتنفيذ مآربه واستفاد من فائض القوة التي امتلكها حزب الله بعد عدوان 2006، وركب على موجة تفاهم مار مخايل ليصل الى رئاسة الجمهورية، وحجته إعادة التوازن الى السلطة وتحصيل حقوق المسيحيين، فشارك في الحكومات المتعاقبة، ومن ثم تولى رئاسة الجمهورية في 30/10/2016، وأشهر منذ بداية عهده السيف على فرقاء قوى 14 آذار الذين ساعدوه في الوصول الى الموقع، وفي مقدمتهم الرئيس سعد الحريري ود.سمير جعجع، وحاول استفراد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وتدبير فتن أمنية ضده في الجبل، كادت تطيح بكل الاستقرار بعد حادثة قبرشمون التي افتعلها صهره النائب جبران باسيل في 30 يونيو 2019.

ألغى عون بالممارسة اتفاق الطائف ولم يحترم أيا من مندرجاته طوال فترة ترؤسه للدولة، وهو حاصر كل المؤسسات والمنشآت التي بناها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وقد نجح في تحطيم الدولة. أما باقي ما يقال حول المسؤولية عن الانهيار، فهي جزئيات وتفاصيل وبعض استجرار لمقولات لا تقنع العارفين بخبايا الأمور.

المصدر
الأنباء ـ ناصر زيدان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى