محلي

مشهد جديد في تحقيق المرفأ

من الواضح أن المسار الجديد الذي سيسلكه ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، سيرسم مشهداً جديداً على المستويين الداخلي والخارجي، من خلال بيان الهيئة العامة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذي دان التدخّل الممنهج في هذا التحقيق، محذِّراً الدولة اللبنانية من مغبة عدم تطبيق التزاماتها الدولية. وإذا كان البيان يُعتبر مقدمة إيجابية لأهالي الضحايا، فإن أي خطوات لاحقة مرتقبة، كتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية تعمل في موازاة التحقيق اللبناني، ما زالت موضع التباس، على الأقلّ على الساحة السياسية الداخلية.

وفي هذا الإطار، ولدى سؤال رئيس مؤسّسة “جوستيسيا” المحامي الدكتور بول مرقص، المتواجد في واشنطن، عن بيان المرجعية الدولية، أنه لا يمكن لهذه البعثة “إلزام الدولة اللبنانية بالتعاون من دون موافقة الحكومة اللبنانية”، مشيراً إلى أن مجلس حقوق الإنسان (HRC)، هيئة حكومية دولية داخل منظومة الأمم المتحدة مكوّنة من 47 دولة مسؤولة عن تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، ولديه صلاحية مناقشة جميع قضايا حقوق الإنسان واتخاذ المواقف المناسبة لذلك.
وردا على سؤال عن إلزامية قرارات هذا المجلس بالنسبة للدولة اللبنانية، يشير الدكتور مرقص إلى أنه لدى المجلس القدرة على إصدار قرارات غير ملزمة قانوناً، ولكنّها تتضمّن التزامات مبدئية قوية، ولهذا السبب، وما لم يصدر مجلس الأمن قراراً تحت الفصل السابع، لا يمكن لمجلس حقوق الإنسان إجبار الدول على الإلتزام بقراراته والتعاون لتنفيذها، وكمثال على ذلك، فإنّ بعثة تقصّي الحقائق الدولية المستقلة بشأن سوريا، والتي رفضت دمشق التعاون معها، قد باشرت عملها وهي تصدر تقارير عن الإنتهاكات لحقوق الإنسان.
أمّا عن احتمال تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية، يوضح مرقص، أنه يمكن تشكيل بعثة تقصّي حقائق دولية بقرار تتّخذه الأغلبيّة البسيطة من الأعضاء العاملين الـ 47 في مجلس حقوق الإنسان (لبنان ليس عضواً)، دون حاجة بالضرورة لأي طلب يقدم من قبل الحكومة اللبنانية، وتقتضي مهمتها أن ترصد وتجمع المعلومات والأخبار والوثائق والتقارير، والإستماع إلى الشهود من المواطنين والمنظمات غير الحكومية، وأن تعدّ تقريرها وتقدّمه إلى مجلس حقوق الإنسان.
ويورد الدكتور مرقص، مثال بعثة تقصّي الحقائق التي شكّلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بهدف “التحقيق في الإنتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين”، حيث ينصّ المقطع رقم 14 من القرار على ما يلي:
“أن يوفد بعثة دولية مستقلة عاجلة لتقصّي الحقائق نتيجة للعدوان الحالي، ويدعو إسرائيل إلى الإمتناع عن عرقلة عملية التحقيق والتعاون مع البعثة تعاوناً كاملاً”. وقد اعتبرت إسرائيل أن هذا القرار كان منحازاً ضدها، وشكّكت في مصداقية المجلس وقاطعت هذه اللجنة منذ البداية، بينما رحّبت بها الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة، وتعاونت معها حركة “حماس”، وأصدرت اللجنة نتائج تحقيقها في تقرير من 575 صفحة، الذي يُعرف بإسم “تقرير غولدستون”.
لذلك، يرى مرقص، أنّه، وبالمبدأ قد يؤدي إنشاء بعثة تقصّي حقائق دولية من قبل مجلس حقوق الإنسان إلى إصدار تقرير بانتهاك حقوق الإنسان في قضية انفجار المرفأ، وأن يتمّ التصويت على اعتماد هذا التقرير من قبل المجلس، ولو بصعوبة، دون تعاون الحكومة اللبنانية”.
بالتالي، ومن الناحية النظرية، وفق مرقص، قد تُحال القضية لاحقاً إلى المحكمة الجنائية الدولية بقرار من مجلس الأمن وفق الأصول المفروضة، علماً أن هذه المحكمة تحاكم أشخاصاً طبيعيين مسؤولين عن جرائم محدّدة في نظام المحكمة، أو قد يتمّ إنشاء محكمة دولية خاصة بقضية المرفأ ad hoc في حال لم تكن تعتبر الجرائم المرتكبة من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، أو كما حصل مع إنشاء المحكمة الخاصة بلبنان لمحاكمة قتلة رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ورفاقه”.
إلاّ أن الدكتور مرقص، يعرب عن اعتقاده بصعوبة هذا الأمر “إن لم يكن متعذّراً مع جنوح الإهتمام الدولي إلى قضايا أخرى، واحتمال استعمال حق النقض في مجلس الأمن، حتى لو وصل إليه الأمر”

المصدر
ليبانون ديبايت

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى