سياسة

نقابة المحامين ستتواصل مع منظمة التنمية والتعاون الإقتصادي

تفتح التطوّرات المتفاقمة على الصعيد المصرفي مؤخراً، باب التفتيش عن مخرج ينقذ ما تبقّى من أموال المودعين، خصوصاً بعد إعلان مسؤولين مصرفيين عن عدم وجود سيولة في المصارف، مروراً بالإضراب المفتوح الذي ستعود إليه البنوك بدءاً من الثلاثاء المقبل، فضلاً عن تبادل الإتهامات، واستمرار الجدل بين المصرف المركزي والمصارف حول تسديد 86 مليار دولار. كل ذلك يضع الودائع المتبقّية في دائرة خطر التبخّر، على غرار عشرات المليارات التي تبخّرت منذ بداية الأزمة. مقابل هذا المشهد السوريالي، ثمة رأي إقتصادي يرى أنه بإمكان المودعين التحرّك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، عبر اللجوء الى المنتدى العالمي للشفافية وتبادل المعلومات للأغراض الضريبية، (the Global Forum on Transparency and Exchange of Information for Tax Purposes) الذي يضم 166 دولة منها لبنان، ما يتيح الطلب من المصارف العالمية، بما فيها السويسرية ومصارف أوروبا والولايات المتحدة، الكشف عن ودائع المسؤولين السياسيين والمصرفيين اللبنانيين، الذين تحوم حولهم شبهات الفساد. ويؤكد هؤلاء الخبراء أن هذه المصارف ستتجاوب مع الطلب اللبناني، في حال تمّ تقديمه كما يجب.

يشرح المحامي المتخصّص في الشؤون الإقتصادية الدولية الدكتور علي زبيب ، أن «المنتدى العالمي للشفافية هو جزء من منظمة التنمية والتعاون الإقتصادي، وهي منظمة دولية تشبه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وتتعاطى مع الحكومات والمجالس النيابية»، لافتاً الى أنه «في السنوات الأخيرة، وضمن السياق الذي انتهجه صندوق النقد والبنك الدوليان، انفتحت هذه المنظمة على التعاون مع المجتمع المدني، مثل نقابات المحامين ونقابات المهن الحرة والجمعيات المدنية المعروفة».

يرى زبيب أن «السؤال الأساسي هو: طالما أن لبنان الذي هو عضو في المنتدى، لماذا لم يصدر بيان عنه له علاقة بالأزمة المالية اللبنانية؟، الجواب لأن الطبقة السياسية، التي عليها التعاون مع المنظمة، تلكّأت في ذلك لأنه ينطبق عليها المثل القائل»حاميها حراميها»، ولا يمكن أن تدلي بمعلومات تدينها»، مشدداً على أنه «لا الحكومة ولا مجلس النواب لهم مصلحة بالتعاون، كون المنتدى له علاقة بالشفافية ومكافحة الفساد وتمويل الإرهاب وتبييض الأموال».

يضيف: «في شهر أيار المقبل ستعقد المنظمة مؤتمراً، وسيكون المنتدى شريكاً أساسياً فيه وسيناقش مكافحة الفساد والنزاهة، لكن الحكومات المتعاقبة في لبنان ليس لها مصلحة أن تطالب المنتدى بتحقيقات إضافية وإعداد تقرير حول الشفافية في لبنان، ولا مجالس النوّاب أيضاً كونهم يمثلون المنظومة السياسية».

ويوضح أنه «قانونياً هناك إمكانية للمجتمع المدني، الذي تصنّف تحت خانته جمعيات المودعين والنقابات، أن يتواصلوا مع المنظمة من خلال هذا المنتدى كون لبنان عضواً فيه، وأن يعرضوا مظلومية المودعين في لبنان، وإظهار أن لديهم شكوكاً والبعض منها مثبت، بقيام المصارف اللبنانية بتحويل مبالغ هائلة لأصحاب المصارف والسياسيين، وأشخاص معرضين سياسياً، وهذه الأموال ناتجة عن جرائم فساد واختلاس مال عام، وتمّ تحويلها الى الخارج لشراء أصول منقولة وغير منقولة»، لافتاً الى أن «هذا بات مثبتاً من خلال زيارة الوفد الأوروبي، الذي زار لبنان مؤخراً للتحقيق في جرائم تبييض أموال، حصلت في ألمانيا وفرنسا ولوكسنبورغ وبلجيكا، لكن فعلياً مصدر الأموال هو اختلاس أموال عامة، عبر السياسيين ونافذين من لبنان».

يرى زبيب أنه «يمكن استعمال هذا المدخل للطلب من المنظمة المساعدة في الكشف عن هذا التجاوز والمشاركة في تحصيل حقوق المودعين، وهذا ما يضع المنظومة السياسية والمصرفية تحت ضغوط كبرى، لأن الطبقة السياسية في لبنان تخاف إدراج لبنان على لائحة الدول غير المتعاونة في تطبيق قوانين مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال»، مذكراً «أن لبنان أقرّ القانون 44 /2015 لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب مخافة هذا الأمر، وبالتالي يمكن خلق ضغط سياسي أساسي على الأشخاص المعرضين سياسياً من خلال اللجوء للمنتدى».

يضيف: «شخصياً لا أعوّل على هذا الأمر، لأننا لمسنا أن المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي في حالة تلكّؤ دائم في ما يعني دعم لبنان على هذا المستوى، إن لجهة استعادة الأموال المنهوبة أو لجهة كشف جرائم الفساد المالي، وما رأيناه هو أن دولاً أوروبية قرّرت إرسال وفد تحقيق الى لبنان بهدف استعادة الأموال وتحويلها لصالح الدول الموجودة فيها».

ويختم: «رأيي الشخصي أن نقابة المحامين في لبنان سيكون لها دور في التواصل مع المنظمة وفتح هذا الملف لتوسيع بيكار الضغوط، لأنها كانت السبّاقة في إنشاء اتحاد نقابات المهن الحرة، ووقفت وقفة صلبة أمام المصارف وقامت بالإدعاء وفق القانون 2/67 على أحد المصارف، وستكمل في هذا الأمر والادعاء على مستوى واسع، من خلال لجنة حماية حقوق المودعين، التي هي الأساس في التحضير لكلّ هذه التحرّكات».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى