محلي

فضل الله :نجدد دعوتنا للعرب والمسلمين أن يتحملوا المسؤولية في رفع الصوت

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

“عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بإحياء ليلة النصف من شعبان؛ هذه الليلة المباركة التي أشارت الأحاديث إلى أنها من أفضل الليالي بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله العباد فضله، ويغفر لهم بمنه، هي ليلة آلا الله عز وجل على نفسه أن لا يردَّ فيها سائلا ما لم يسأل المعصية.

وقد كان رسول الله (ص) يحرص على إحياء هذه اللّيلة بالعبادة، وتصف إحدى زوجاته ذلك الإحياء فتقول إنّها افتقدت رسول الله ذات ليلة (منتصف ليلة الخامس عشر من شهر شعبان)، فوجدته في محرابه يدعو ويصلّي ويذكر الله ويقرأ القرآن، وظلّ على ذلك طوال الليل لا يكل ولا يمل، حتى طلع الفجر.

فلنتأس أيها الأحبة، برسول الله، ولنغتنم فرصة هذ ه الليلة، لندعو الله فيها ونصلّي ونقرأ القرآن، مما وردت الإشارة إليه في كتب الأدعية، حتى لا تضيع منّا بركاتها وخيراتها، فنحن أحوج ما نكون إلى تعزيز علاقتنا بالله، وبلوغ ثوابه والتضرّع إليه، ليدفع عنّا البلاء، ويفرّج همومنا، ويكشف كربنا، ويجعل مستقبل أيّامنا خيراً من ماضيها، ونصبح أقدر على مواجهة التحديات!ط.

أضاف فضل الله :”والبداية من معاناة إنسان هذا البلد التي لا يبدو أنها ستتوقف، بل هي تزداد سوءا يوما بعد يوم بفعل ما نشهده من الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار، وإن كان من مستوى قد يقف عنده فهو آني ولا ينبغي أن نخدع به وهو جزء من اللعبة التي يتقنها المصرف المركزي، ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك عجزا في قدرة اللبنانيين عن تأمين لقمة عيشهم ودوائهم واستشفائهم، أو تأمين المواد الضرورية لحياتهم، ما يدفعهم إلى اليأس والهروب من جحيم هذا البلد، وقد وصل بالبعض إلى المس بحياتهم التي حرم الله عليهم مسها، أو بالتسكع على الأبواب بحثا عمن يعينهم على تأمينها.

ومع الأسف، يجري ذلك من دون أن تستنفر بقايا الدولة أجهزتها لإيجاد حلول تخرجه من حال الانهيار أو التخفيف من وطأته عليهم، بل نراها بدلا من ذلك تمعن في زيادة معاناة اللبنانيين وتستمر بسياسة مد يدها إلى جيوبهم الفارغة، والذي نشهده برفع سعر الدولار الصيرفي الذي يضاعف الرسوم والضرائب التي يتحملها اللبنانيون، أو بقرارها الاعتباطي بمضاعفة الدولار الجمركي دفعة واحدة إلى ثلاثة أضعاف، بحجة تأمين الزيادات التي حصلت لموظفي القطاع العام، والذي يترك تداعياته على ارتفاع الأسعار في بلد يعتمد أكثر من 90 في المائة من احتياجاته على الاستيراد من الخارج، علما أنه لا يؤدي الغرض منه لتوفير المال للدولة إن بسبب الفساد المستشري الذي يؤدي إلى التهرب الجمركي أو فتح منافذ التهريب، وهو لن يقنع موظفي القطاع العام المضربين بالعودة إلى أعمالهم، أو بقرار بدولرة الاقتصاد من دون أي رقابة تحمي المستهلك”.

وتابع فضل الله :” وفي الموازاة، فإن القوى السياسية لا تكتفي بعدم قيامها بالدور المطلوب منها، بل نرى فيها من يمعن في تهديم ما بقي من أركان الدولة وشل قدرتها على القيام بدورها في هذه المرحلة الصعبة والعصيبة، وهناك من يعمل على النفخ في نار الفتنة وزيادة الشرخ بين اللبنانيين من خلال التصريحات النارية التي يطلقها أو من خلال إلقاء التهم جزافا على هذا الفريق أو ذاك أو تلك التي تستنفر المشاعر وتسيء إلى المعتقدات الدينية والقيم الأخلاقية، من دون التدبر بعواقب ذلك في بلد متوتر وسريع الاشتعال الطائفي والمذهبي والسياسي”.

وقال :”إننا أمام هذا الانهيار والتداعي الخطير الذي يخشى أن استمر من تداعياته على استقرار البلد وأمنه، نعيد مناشدة كل القوى السياسية إلى تحمل مسؤولياتها في التخفيف من معاناة اللبنانيين الذين تحملوا أمانة تمثيلهم، وذلك بالإسراع في إيجاد صيغة تضمن إدارة عجلة الدولة والاستقرار السياسي في البلد والذي يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية نريده جامعا للبنانيين وموحدا لهم ويمهد لحكومة فاعلة وقادرة على النهوض الاقتصادي والإداري والسياسي، والقيام بإصلاحات ضرورية لإخراج الوطن من أزماته وإعادة الثقة به..

وهذا لا يعني أننا نبرئ الخارج من تدخلاته ودوره في إيصال البلد إلى هذا الحد من الانهيار أو يمنع التوافق المطلوب لحسابات خاصة يريدها، أو عامة تتصل بالصراع الإقليمي أو الدولي الدائر في المنطقة أو في العالم، والذي لبنان هو واحد من أبرز ساحاته. لكننا نرى أن القوى السياسية قادرة إن أرادت وقررت على أن تحد من تدخل هذا الخارج وتأثيره إن هي وحدت جهودها من أجل معالجة أزماته، وأخذت في الاعتبار مصلحة البلد وإنسانه كأولوية”.

أضاف فضل الله :”ونبقى في الداخل، لندعو إلى ضرورة العمل الجاد لإنقاذ العام الدراسي في المدارس الرسمية مما يتهدد آلاف الطلاب ويمنعهم من العلم بالإصغاء إلى مطالب المعلمين على أن تكون واقعية وقابلة للتحقق وتأخذ بالاعتبار مصلحة الطلاب التي هي مصلحة الوطن”.

و|أردف فضل الله :”ونصل إلى سوريا لنشير إلى أهمية الانفتاح الذي شهدناه في الأسبوع الماضي على هذا البلد بعد الكارثة التي ألمت به، ولكن نأمل أن لا يقتصر الانفتاح على البعد الإنساني، بل أن يتكلل ذلك بعودة سوريا إلى الجامعة العربية للعب دورها على صعيد العالم العربي والإسلامي، والمساهمة في إعادة تعزيز موقع هذا العالم وتوحيد جهوده في مواجهة الانقسامات والصراعات التي تعصف داخله أو التحديات التي تواجهه”.

وختم :”نبقى في فلسطين المحتلة، لنشير إلى التطور الخطير الذي حصل أخيرا في بلدة حوارة في نابلس، بإقدام المستوطنين مع جيش العدو الصهيوني على حرق بيوت الفلسطينيين ومساكنهم وسياراتهم، ما يخشى أن يكون ذلك في سياق مخطط مدروس إلى العمل الجاد لمواجهة هذا العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني ومقدراته وبالعمل على تعزيز الوحدة الداخلية، على الصعيدين السياسي والميداني، والوقوف معاً لدحر أية مشاريع يعمل لها وتكون على حساب الشعب الفلسطيني واستقراره في بلده… في الوقت الذي نجدد دعوتنا للعرب والمسلمين أن يتحملوا المسؤولية في رفع الصوت في وجه هذا العدوان الخطير ودعم الشعب الفلسطيني بكل الإمكانات لحمايته وتحصين ساحته ومقاومته وتعزيزه بكل عناصر الصمود فيه”.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى