مقالات

صيرفة القطاع الخاص متوقّفة… و”القطاع العام” ليست في كلّ المصارف

لم يكن مشهد «الزبائن- المودعون» هو نفسه في كلّ المصارف أمس في اليوم الأول لتعليق الإضراب المصرفي والعودة إلى العمل، والذي سيستمرّ حتى مساء يوم الجمعة المقبل مبدئياً حسب تهديد جمعية المصارف.

وسُجل إختلاف في نسبة الإقبال والإزدحام بين مصرف وآخر، بالإضافة إلى اختلاف الخدمات التي قدّمتها المصارف، كلّ مصرف بحسب قدرته على تأمين «الدولارات» من مصرف لبنان كي يتمكّن موظّفو القطاع العام من قبض رواتبهم وفقاً لمنصّة صيرفة. أما أوجه الشبه بينها فهو قدرتها على إتمام كلّ العمليات المصرفية لزبائنها في الخارج والداخل (تحويلات وإصدار شيكات مصرفية للداخل)، بالإضافة إلى توقّف منصّة صيرفة للقطاع الخاص إلى أجل غير مسمّى. في المقابل لم يجزم أكثر من مصدر مصرفي إمكانية معاودة الإضراب الأسبوع المقبل، لافتين «إلى أن هذا الأمر رهن الإتصالات التي تجري بين جمعية المصارف ورئاسة الحكومة، وإن شاء الله خير».

على أبواب المصارف وداخلها، تّم رصد مشهدين، الأول يوم عمل مصرفي عادي وسلس وموظفون يقبضون رواتبهم وفقاً لمنصة صيرفة، مع قليل من الإزدحام (تجمعات لا تزيد عن عشرة أشخاص). وهذا المشهد كان سائداً في كل فروع مصرفي بنك لبنان والمهجر وبيبلوس في منطقتي بعبدا والحدث وفردان.

شهادات أصحاب معاملات

يشير المودع فادي – إلى أنه كان أوّل زبون يدخل فرع مصرف لبنان والمهجر في بعبدا (بناء على موعد مع الموظف المختص) لإتمام تحويلات مصرفية إلى الخارج. وكان يتصوّر أن الأمور ستأخذ وقتاً أكثر من اللازم بسبب الإضراب الذي حصل، لكنّ المعاملة تمّت بالشكل المعتاد».

من جهته يقول جوزيف عرموني ، «أتيت إلى المصرف وأنا أشعر بالقلق من أن يرفض إعطائي شيكاً بالليرة اللبنانية لدفع رسوم لمعاملة جمركية. وسبب قلقي هو اللغط الحاصل بين المصارف والقضاء حول الشيكات، لكن الأمور سارت على ما يرام ولم تأخذ مني الكثير من الوقت».

وتلفت جانو فغالي (موظفة في القطاع العام) إلى «أنها تمكّنت من قبض راتبها على دولار صيرفة خلال ساعة، لأن الازدحام لم يكن كبيراً».

في بنك بيبلوس (فرع فردان) الوضع مشابه، موظفون في المصرف يتمّمون خدمات مصرفية مع زبائن وفقاً لموعد مسبق. وموظفون في القطاع العام يقبضون رواتبهم وفقاً لمنصة صيرفة مع قليل من الإزدحام. ويشرح وليد بو ضرغم أنه سبق أن «تحادث مع الموظف لتحديد الموعد قبل المجيء إلى المصرف، أتى وانتظر قليلاً من الوقت حتى حان دوره لإتمام معاملته المصرفية إلى الخارج».

في المقابل، شهد فرع البنك اللبناني الفرنسي في حارة حريك، ازدحاماً كبيراً في الداخل والخارج. في الداخل عشرات المودعين المنتظرين إتمام معاملاتهم المصرفية، أو قبض ما تبقّى من «الكوتا» التي تسمح بها تعاميم مصرف لبنان. يروي مصطفى حمزة أنه أتى إلى المصرف عند التاسعة صباحاً لدفع سند مصرفي، وبقي منتظراً أكثر من ساعة ونصف حتى يحين دوره بسبب الإزدحام».

على رصيف الفرع، وقف عشرات من موظفي الدولة بانتظار السماح لهم بالدخول لقبض رواتبهم لكن دون جدوى. عند العاشرة والنصف خرجت إحدى الموظّفات لإبلاغهم أن منصّة صيرفة للموظفين لا تزال متوقّفة، ويمكن أن يبدأ العمل فيها عند الساعة الحادية عشرة أو الثانية عشرة، وأنها ستعطيهم رقم هاتف الفرع للإتصال للتأكد قبل المجيء. عندها يعلو صوت المنتظرين إعتراضاً، لأنه غالباً ما يتّصلون لتحديد موعد لكن لا أحد يجيبهم. وتبادر سيدة تدعى هلا علوه للقول للموظفة: «لن أذهب إلى أي مكان وسأنتظر على الباب حتى الموعد المحدّد، أنت تعرفين وضعي الصحي ومن الضروري أن أشتري دوائي اليوم».

في البنك اللبناني- السويسري فرع الحدث، سُجل يوم مصرفي نشط ولكن غير ضاغط لأن المصرف لم يفتح صيرفة للموظفين، ومن المتوقع أن يلبّي هذه الخدمة بدءاً من اليوم الثلاثاء. أما الخدمات المصرفية التي تمّت تلبيتها فهي تحرير شيكات مصرفية لتخليص معاملات جمركية، وسحب ما تبقّى من كوتا شهرية حدّدتها تعاميم مصرف لبنان، وإيداع شيكات لإيفاء ديون.

عمل أثناء الإضراب؟

ما هي المهمات المصرفية التي كان يؤدّيها الموظفون خلال الإضراب؟ خصوصاً أن العديد من موظّفي المصارف إستمرّوا في الذهاب إلى أعمالهم كالمعتاد. الجواب على هذا السؤال له شقان: الأول أن هناك مصارف أقفلت أبوابها تماماً وانقطع موظفوها عن العمل طوال فترة الإضراب، كما هو حال البنك اللبناني – السويسري. وهناك مصارف أخرى إستمرّ موظّفوها في العمل الإداري الداخلي خلال فترة الإضراب، لإتمام معاملات إدارية كان تمّ تأجيلها، كما هو الحال مع موظفي بنك لبنان والمهجر والبنك اللبناني الفرنسي. في حين أن مصارف أخرى كانت تعمد إلى إتمام عمليات وتحويلات مصرفية إلى الخارج وبـ»الفريش» دولار، لأن عمولتها كانت «بالفريش» وهذا أمر كانت تحرص على عدم تفويته.

تململ موظّفي البنوك

تجدر الإشارة إلى حالة من التململ يعيشها موظفو أكثر من مصرف، بسبب عدم تلبية إداراتهم مطالبهم بزيادة رواتبهم تماشياً مع ارتفاع سعر دولار السوق السوداء. يصف أحد الموظفين ما يحصل لـ «بأن إدارات المصارف تدفع الموظفين إلى الإستقالة بطريقة غير مباشرة، كي توفر على نفسها دفع تعويضات لهم».

يضيف: «أعمل في المصرف منذ 22 عاماً، وقبل الأزمة كان راتبي 1500 دولار، أما اليوم فلا يزيد عن 300 دولار، وهذا المبلغ لا يكفي بالتأكيد لتسديد ما يتوجّب عليّ من فواتير وأقساط مدرسية ومأكل، ولو بالتعاون مع زوجتي التي تعمل أيضاً لكن راتبها أقل من راتبي، علماً أن زملاء لي لا يزيد راتبهم عن 150 دولاراً أيضاً».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى