محلي

باسيل خارج أي تسوية رئاسية

كان رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل يظّن أن “حزب الله” لن يتخّلى عنه مهما صدرت عنه من مواقف “عدائية” تجاهه، وبالأخص تجاه أمينه العام السيد حسن نصرالله. كان يعتقد أن الحزب لا يزال يحتاج إلى الغطاء المسيحي لكي يستمدّ شرعية وطنية، ولو غير جامعة، لمشروعية المقاومة، لكنه فوجئ عندما سمع من السيد نصرالله بنفسه وليس من أحد آخر في كتلة “الوفاء للمقاومة”، أن هذه المقاومة ليست في حاجة إلى غطاء من أحد، وبالتالي ليست في حاجة إلى من يحمي ظهرها، حتى ممن كانت تعتبرهم من أقرب المقرّبين إليها، لأنها كفيلة بهذه الحماية.

عندما كان يُسأل السيد باسيل عن الأسباب، التي تدفعه إلى مخاصمة “حزب الله” مجانًا، كان يجيب بالتالي: أولًا لأن الحبيب يعرف مكانته فلذلك يتدّلل، أو “يتغنج” بالعربي المسطّح، وثانيًا، لأن ظروف المعارك السياسية داخل الساحة المسيحية تفرض عليه اتخاذ بعض المواقف النافرة ضد الحزب، الذي كان في فترات معينة يتفهّم هذه الظروف وهذا “الغنج”. وكان كلام نصرالله، وهو صاحب الكلمة الأخيرة في هذا المجال، في كل مرّة كان يتعرّض فيه الحزب لهجوم باسيلي واضحًا وحاسمًا، لجهة ضرورة التعامل معه على أساس أن ظروف معركته السياسية في بيئته المسيحية كانت تفرض عليه اتخاذ بعض المواقف، التي كان يعتقد أنها قد تحصّن له موقعه في المعادلة المسيحية، وبالأخص في البيئة، التي لا ترتاح كثيرًا إلى طروحات “حزب الله” ومشاريعه السياسية.

أمّا اليوم فالوضع لم يعد كما كان في السابق. ولم يعد في استطاعة باسيل أن “يتغنج”، لأنه لم يعد ذاك الحبيب، الذي كان “الحزب” في حاجة إليه، وهو تحمّل منه الكثير، وهي عيّنة مما يتحمّله اليوم أكثرية الذين يعاديهم باسيل، حتى داخل مجموعات كبيرة من “تياره”، التي ما مشت مع الرئيس السابق للجمهورية ولـ “التيار” إلاّ لأنه استعار شعارات الرئيس الشهيد بشير الجميل وطروحاته السيادية، وهي اليوم غاضبة وحانقة بعد تعرّض باسيل لهذا الرمز المسيحي وحتى الوطني، الذي لم يرَ في إنجازاته سوى أنه أتى رئيسًا للجمهورية على الدبابات الإسرائيلية.

مثل هذا الكلام كان يرفضه رئيس مجلس النواب نبيه بري في كل مرّة كان يرد على لسان أحد نواب كتلة “التنمية والتحرير” أو كتلة “الوفاء للمقاومة” في الجلسات العامة لمجلس النواب، وكان يطلب شطبه من محضر الجلسة. ولا ننسى كيف تعامل “حزب الله” مع النائب السابق نواف الموسوي عندما تلاسن مع النائب نديم الجميل حول الموضوع نفسه.
أمّا كيف سيتمّ التعامل مع باسيل من قبل بيئته الحزبية أولًا، ومن بيئته المسيحية ثانيًا، فإن للحديث صلة، خاصة أن الاستحقاقات الانتخابية، سواء أكانت بلدية أو نقابية أو نيابية لم تقف عند عتبات 15 أيار 2022.
وبالعودة إلى موقع باسيل في المعادلات الرئاسية فإنه من الواضح أن “حزب الله”، وقبل غيره من الأفرقاء السياسيين الآخرين، ليس في وارد المساومة على اسم مرشحه غير المعلن حتى الساعة، وهو رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، خصوصًا بالنسبة إلى الذين يعتبرون أن كلام السيد نصرالله هو كلام صادق، وأن ما يقوله في العلن يقوله في السرّ. هو قال لسليمان فرنجية في العام 2014، عندما تبنّى ترشيح العماد ميشال عون، دورك يأتي في استحقاق الـ2022، مع العلم أنه لم يكن يعرف في حينه أن موازين القوى سيتغيّر في انتخابات أيار 2022.
ولم يكن ورادًا في ذهن “السيد” في حينه اسم جبران باسيل لا من قريب ولا من بعيد، وكذلك هو الأمر الآن. فهو خارج أي تسوية رئاسية يمكن أن تبصر النور، ولو بعد مخاض عسير.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى