مقالات

نموذج جديد لحلّ أزمة فقدان الطوابع!


تحتاج السوق اللبنانية الى 5 ملايين طابع شهرياً وعندما زادت قيمة الرسوم التي تسدّد نقداً من 200 الى 500 ألف ليرة أصبحت حاجة السوق الى 10 ملايين طابع

الطلب والدفع الكترونياً مقابل ايصال يتحولان الى طابع… لكن الاضراب حال دون التوسع في استخدام هذا الحل الامثل لمعضلة فقدان الطوابع و/او احتكارها

دخلت الطوابع المالية منذ انفجار الأزمة المالية والنقدية والإقتصادية في البلاد في دائرة السوق السوداء والإحتكارات، فباتت نادرة والحصول عليها صعب إلا اذا تمّ دفع سعر الطابع بسعر يفوق 20 أو 30 ضعفاً سعره الحقيقي.

تلك الأزمة تشقّ طريقها نحو حلول أفضل الممكن في ظلّ عجز الدولة عن تكبّد كلفة الطباعة، اذ من المتوقّع أن ينزل الى السوق في نهاية الشهر طوابع من فئات 20 و 50 ألف ليرة تتمّ طباعتها في مطبعة الجيش نظراً الى الكلفة الأكثر ملاءمة، في حين أن شراء الطوابع يمكن ان يحصل من خلال ص14 من دون تحديد حدّ أدنى أو أقصى له، فيما الطوابع التي تتعدّى قيمتها الـ500 ألف ليرة فتسدّد في صندوق وزارة المالية. كيف؟

لماذا الطوابع مفقودة؟

بداية القصة تعود الى العام 2019 كما بات معروفاً حين كان من المفترض طباعة كميات أكبر من الطوابع المالية من تلك المتّفق عليها، كما أكّد مدير الخزينة في وزارة المال اسكندر حلاّق ، “الأمر الذي لم يحصل بسبب وجود صعوبات مالية، ما أدى الى حصول نقص في الطوابع الورقية المطروحة في السوق. ولكن بسبب قلّة الطلب عليها في تلك الفترة مع انتشار جائحة “كورونا” وتراجع حركة العمل وندرة إجراء المعاملات، كان الناس تستعيضون عن الطوابع الورقية بماكينات الوسم بالنسبة الى كتاب العدل على سبيل المثال.

أما قيمة الطابع المالي التي تفوق الـ 200 الف ليرة، فكان يسدّد ثمنها من خلال أمر قبض نقداً في المحتسبية أي في صناديق وزارة المالية، وليس من خلال شراء طابع ورقي وذلك منذ العام 2019 الى منتصف العام 2022 (قبل أن ترتفع القيمة الى 500 ألف ليرة).

ولكن ما حصل خلال منتصف العام 2022 ومع الأزمات المتلاحقة في السيولة والنقد، فضلاً عن إقدام المرخّصين المقتدرين على شراء الطوابع بكميات كبيرة تفوق حاجة السوق وتسديد قيمتها من خلال الشيكات المصرفية، علماً أن كل دفتر يتضمن 5000 طابع… فنشأت الإحتكارات، ومن أصل 700 مرخّص، كان يحوز نحو 50 أو 60 مرخّصاً طوابع فيما الباقون مفقودة لديهم”.

وعندما أقرّ قانون الموازنة 20/22، لفت حلاّق الى أن “الطابع المالي الذي تدفع قيمته بأمر قبض نقداً في “المالية “، أصبح يفوق الـ 500 ألف ليرة بدلاً من 200 ألف ليرة سابقاً. أي كل رسم طابع دون الـ500 الف ليرة يكون ورقيّا، ما أدى الى ارتفاع كمية الطوابع المسحوبة مرتين ونصف أكثر. اذ باتت عملية الطوابع الورقية لزاماً لتلك التي تتراوح قيمتها ايضاً بين 200 و500 ألف ليرة، فزاد الطلب على الطوابع.

ومع زيادة قيمة الرسوم وزيادة كلفة طابع إخراج القيد من 5000 ليرة لبنانية الى 20 ألف ليرة، إرتفع سقف الطوابع وزادت قيمتها في ظل وجود كميات قليلة، فارتفع الطلب على الطوابع وتفشّى الإحتكار”.

الحلول المطروحة لمنع الإحتكار

ومنذ 6 اشهر عندما استلم حلاّق منصبه كان لديه كما أوضح “في المخزن كميات طوابع تكفي لفترة 10 أيّام فقط، فاقترح حلولاً عدّة أرسلها الى وزير المالية ووافق عليها وهي كما عدّدها: عدم السماح بشراء 20 أو 30 دفتراً مرّة واحدة، بل يمكن شراء دفتر واحد وما دون، أي 4000 طابع شهرياً لكل مرخّص. وبدل دفع الطوابع بشيكات وسحب كميات كبيرة، حصرنا العملية بقيمة 15 مليون ليرة”.

توازياً ولتأمين طوابع ورقية في تلك الفترة، قال حلاّق اقترحنا حلولاً كدفع قيمة رسم الطابع بالإيصال المالي وهو إشعار التسديد صندوق 14 من دون حد أدنى ولا حد أقصى لقيمة الرسم. وتمّ بدء العمل به منذ بداية السنة. لكن بما أن دوائر الدولة مقفلة لم يتمّ بدء العمل فعلياً به.

فاذا كان الفرد يحتاج الى طابع مالي بقيمة 22 ألف ليرة للحصول على إخراج قيد 20 ألف ليرة طوابع مالية لإخراج القيد و2000 ليرة للطلب، بات بإمكانه شراء الطابع من خلال تعبئة نموذج ص14″.

وأضاف: “وزير المالية اصدر قراراً بإشعار التسديد ويسمى “نموذج ص14 ” ونشر في الجريدة الرسمية قبل نهاية السنة، ورئيس الحكومة أصدر تعميماً الى كافة الإدارات العامة والمؤسسات والبلديات أورد فيه أنه بسبب النقص المتواجد في الطوابع المالية يمكن استخدام النموذج ص14″. وبالنسبة الى الإدارات التي تعمل اليوم، وهي جزء من الأحوال الشخصية، أصدر مدير عام الأمن العام التعميم رقم 9 أبلغ فيه أيضاً المخاتير وأقلام النفوس باستخدام النموذج ص 14 في معاملات الأحوال الشخصية، بدلاً من الطابع الورقيّ. وبذلك تمّ تعميم هذا الأمر من رئيس الحكومة والأمن العام ومدير الأحوال الشخصية.

لكن ما هو النموذج ص14 وكيف يتمّ شراء الطوابع من خلاله؟

أوضح حلاّق أن “النموذج ص 14 هو طلب يملؤه صاحب العلاقة لشراء طوابع بقيمة مثلاً 100 ألف ليرة أو 200 ألف ليرة أو 500 ألف ليرة أو مليوني ليرة حسب الحاجة لكل معاملة فيدوّن رقمه المالي، ويحصل عليه من موقع وزارة المالية الإلكتروني www.finance.gov.lb. في خانة النماذج ضمن خانة الضرائب غير المباشرة، أو يحصل عليه من مديرية الخزينة أو وزارة المالية عندما ينتهي الإضراب وتفتح أبوابها. بعدها يتوجه بالطلب الى إحدى شركات تحويل الأموال وهي الـOMT والـ”كاش بلاس” وWish money و BOB finance و Libanpost، ويسدّد قيمة الطابع 200 ألف ليرة مثلاً +8000 ليرة رسم الشركة. وذلك بعد إطلاع المؤسسة على الأوراق وإصدار إيصال بالمبلغ وختم النسخ الثلاث التي يتكوّن منها النموذج ص 14 والتي تكون نسخة للإدارة المختصّة، ونسخة لصاحب العلاقة ونسخة للخزينة.

وبذلك يصبح الإيصال بحدّ ذاته بمثابة الطابع المالي، فيسلّم الإيصال لأي دائرة ويحتفظ بالطلب وتنجز المهمة، إلا أنه وبسبب إضراب موظفي القطاع العام والمصالح التابعة للدولة فإن تلك الآلية لم تعتمد بشكل واسع. علماً أن المخاتير يعتمدون تلك الطريقة في الحصول على الطوابع لإصدار إخراجات القيد.

إخبار

تقدّم النائب سامي الجميّل منذ يومين بإخبار الى النيابة العامة المالية حمل الرقم 934/2023 لإجراء التحقيقات اللازمة في أزمة فقدان الطوابع في لبنان، وملاحقة المتسببين بها والمسؤولين عن عمليات الفساد في بيع وشراء الطوابع المالية وصرف النفوذ والتهرب الضريبي والاثراء غير المشروع، وكل من استفاد من ذلك سواء كانوا أصحاب رخص أو موظفين عموميين.

الحل الأنجع

«لكل معاملة ايصال خاص بها، لأنه بات هو الطابع ويتمّ الحصول عليه بناء على الطلب المقدّم للمعاملة» كما يقول اسكندر حلاّق. الإدارات مقفلة بغالبيتها وعندما تفتح أبوابها سيعتاد الناس على طريقة إشعار التسديد في دفع الطوابع على غرار المخاتير بالنسبة الى الأحوال الشخصية.

صحيح ان عملية تسديد الطوابع سترتّب على الفرد الذي يرغب في إجراء معاملة عناء تعبئة طلب خاص والتوجّه نحو إحدى شركات التحويل لتسديد ثمنها مقابل إيصال، إلا أن تلك الآلية تعتبر الحلّ الأنجع في ظلّ الأزمة التي نتخبّط بها، و»سيعتاد الناس على طريقة إشعار تسديد دفع الطوابع « على حدّ قول حلاّق. وهي أفضل من شراء الطوابع من السوق السوداء وتسديد ثمنها بنحو 30 ضعفاً من سعرها الأساس، علماً أنه تتواجد في السوق اليوم طوابع ورقية بقيمة 1000 و 2000 و 5000 و 10 آلاف ليرة وكمّيات قليلة بقيمة 250 ألف ليرة، وستطرح في بداية شهر آذار طوابع بقيمة 20 و50 ألف ليرة. أما عن حاجة السوق الى طوابع فكانت 5 ملايين طابع شهرياً وعندما زادت قيمة الرسوم او الطوابع التي تسدّد نقداً لدى وزارة المالية من 200 الى 500 ألف ليرة أصبحت حاجة السوق الى 10 ملايين طابع.

المصدر
نداء الوطن - باتريسيا جلاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى