مقالات

36 يوماً من الحريّة القسريّة في المجلس النيابي

في اليوم الـ36 على الإعتصام، يترقب النائبان المعتصمان في المجلس النيابي، نجاة عون صليبا وملحم خلف وقفة ضمير من زملائهما تحثهم على الإلتزام بتطبيق أحكام الدستور وانتخاب رئيس للجمهورية، بعد انقضاء الشهر الأول من اعتصامهما المفتوح في ساحة النجمة.

ويضع النائبان صليبا وخلف إعتصامهما المفتوح في المجلس النيابي، في سياق المطالبة وبالإنابة عن الشعب اللبناني بإعادة توجيه البوصلة بما يخدم مصالح المواطنين، بعد تعمّد البعض من زملائهما الإستمرار في تقاسم الحصص والمناصب بعيداً عن هموم الناس، وإدخالهم في دوامة تشي بعجز المجلس النيابي عن القيام بدوره والتغيير… وهذا ما دفعهما إلى إتخاذ القرار بالخروج من تلك الدوامة قبل التسليم للكآبة، وإعلان الإعتصام المفتوح من أجل تطبيق الدستور، وقد تحولا من خلاله «أحراراً» في ذواتهما تجاه بلدهما وشعبهما وفق ما يوضح النائب ملحم خلف لـ»نداء الوطن».

الإعتصام الذي أُريد منه تسريع وتيرة الجلسات الرئاسيّة، إرتدّ تعليقاً لها مع رفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الجلسة الحادية عشرة في 19 كانون الثاني، وعدم تحديد أيّ موعد آخر لهذا الواجب الدستوري. وتتحول بذلك الأنظار إلى الزيارات التضامنية التي تشهدها القاعة العامة مع المعتصمَين، والتي لم تخلُ من الرسائل «المشفّرة» التي حملها المتضامنون من النواب المستقلين والمعارضين، الذين اكتفوا بالتقاط الصور «الشكليّة» أو «الترويجيّة» في أرجاء البرلمان المظلم مساءً، قبل أن تتقلص وتيرة الزيارات، ويتحوّل التضامن المعنوي، لإبداء النصائح في اعتماد مقاربات أخرى تتيح إتمام هذا الإستحقاق الدستوري وتعليق هذا الإعتصام الذي قد يطول، ويطول جداً.

مع العلم أنّ الاعتقاد كان سائداً أنّ حالة التضامن قد تتحوّل إلى ما يشبه «كرة ثلج» تكبر يوماً بعد آخر وصولاً إلى تأمين النصاب القانوني المطلوب لإنهاء الشغور في الرئاسة الأولى والشروع في إعادة إنتظام عمل المؤسسات الدستورية.

إستعاض النائبان خلف وصليبا، عن تقاعس زملائهما في الحضور إلى المجلس النيابي، بعد مرور 30 يوماً على الإعتصام، بإضاءة 128 شمعة أمام مقاعدهم التي تزيّنت بوشاح العلم البناني، في رسالةٍ أُريد من خلالها التذكير أنّ إضاءة البلد وخرق جدار العتمة والإنتصار على الظلم، تبدأ من البرلمان، آملين في الوقت نفسه، أن يضيء نور الشموع درب من ضلّ طريق الخلاص والإنقاذ، والذي يتطلب وقفة ضمير يقفها السادة النواب أمام التاريخ لإنقاذ الناس والوطن.

ويتساءل النائب ملحم خلف، ما إذا كانت الظروف والتحديات الجمّة التي يمر بها لبنان، توجب صحوة ضمير من النواب، تدفعهم إلى التواجد في المجلس النيابي والقيام بواجبهم الدستوري، تحديداً وسط إتساع الهوة بين المكونات المجتمعية، وفقدان المواطنين أبسط مقومات العيش الكريم، من غذاء وطبابة وتعليم…

وإذ يعتبر أنّ دور ممثل الأمة (النائب) وبشكل أساسي، يكمن في استجابته السريعة للتخفيف عن أنين المواطنين ووجعهم، شدّد على أنّ وجودهما في المجلس النيابي ينطلق من موجب دستوري وقانوني وإنساني، للشروع في إعادة تكوين السلطة واتخاذ الإجراءات المطلوبة للتخفيف من الأعباء التي يمر بها اللبنانيون، الذين إقترعوا لهم للقيام بهذا الدور، خلافاً لآخرين يمتنعون عن الحضور إلى المجلس النيابي والشروع في انتخاب رئيس الجمهورية.

ومع امتناع الرئيس نبيه بري عن الدعوة إلى عقد جلسات لانتخاب رئيسٍ للجمهورية، منذ إعلانهما الإضراب في 19 كانون الثاني، أوضح خلف أن الدعوة في ظل المادة 74 من الدستور، «لزوم ما لا يلزم»، مشيراً إلى أنّ تجاهل النواب للدستور يتماهى وتجاهلهم أيضاً لأوجاع المواطنين وأنينهم…

مؤكداً أنّ الوكالة الشعبية لتمثيل الناس تقتضي تلطيف الظروف الصعبة التي يمرون بها، وأعرب عن رفضه وزميلته نجاة عون صليبا البحث عن مخارج لإنهاء إعتصامهما في المجلس قبل إنتخاب رئيسٍ للجمهورية، مشدداً على أنّ قرارهما الحرّ النابع من إيمانهما بالوكالة الشعبية والقضيّة التي يناضلان من أجلها، يبعد عنهما التفكير في الظروف الحياتية الصعبة لإعتصامهما في المجلس.

وعن عدم انضمام المزيد من النواب إلى اعتصامهما، تحديداً الموقعين إلى جانبهما على نداءين، (يحمل النداء الأول 42 توقيعاً والثاني 46 توقيعاً) ما من شأنه أن يشكل مزيداً من الضغط على الآخرين، أوضح أن الظروف التي يمر بها البلد، تحتّم على النواب القيام بالخطوات المطلوبة للخروج من الأزمة والتي تبدأ حصراً من المجلس النيابي ما يضع النواب أمام وقفة ضمير تحتّم عليهم المواظبة على القيام بالموجب الدستوري الملقى عليهم وانتخاب رئيسٍ للجمهورية، من دون الحاجة إلى الطلب من أيٍّ منهم مشاركتهما في الإعتصام.

وإذ يرفض خلف التقليل من حجم الإحتضان الشعبي لمبادرتهما، يلفت إلى قيام المواطنين عبر الإنتخابات النيابية بإعطائهما الثقة لتمثيلهم في المجلس وحمل مطالبهم كما وجعهم، مؤكداً أنّه والنائبة صليبا يقومان بما يقتضيه الواجب الدستوري والوكالة الشعبية، بعيداً عن إستغلال وجع الناس ودعوتهم إلى مواكبتهما في الشارع ومفاقمة التحديات التي تعتريهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى