مقالات

بعد “دولرة” الأسعار: نعيش في لبنان… وليس في أميركا

على وقع الإضرابات المفتوحة في قطاعات المصارف والتعليم الرسمي وموظّفي الادارة العامة، حيث تتلاشى مؤسسات الدولة إلى حدّ الغياب، وتتراجع خدماتها إلى ما يشبه الانقطاع، تضرب الأزمة المعيشية مجدّداً بعدما باشرت السوبرماركات والمحال التجارية والألبسة حتى أكشاك الاكسبرس التسعير بالدولار، ما دفع المواطنين إلى التعليق: «نعيش في لبنان الدفع بالدولار الأميركي وقيمة العملة تشبه البولفار الفنزويلي ونأمل ألا تتحوّل مجرّد أوراق وأرقام».

والتسعير بالدولار الاميركي مع ارتفاعه الجنوني بلا أفق محدود يثقل كاهل المواطنين في كلّ شؤون حياتهم، رواتبهم باللبناني لا تكفي كفاف عيشهم، أموالهم حجزت في المصارف وقد صرفوا كلّ مدخراتهم، ويقول علي وهبي : «بحسرة تجبرنا دولرة الأسعار إلى الانتقال من مرحلة الفقر المدقع إلى الجوع، ومن ترتيب الأولويات والتقشّف الى عصر النفقات والتقنين وصولاً إلى إعادة تقييم نمط حياتنا برمّتها للبقاء على قيد الحياة».

داخل احدى السوبرماركات الشهيرة في منطقة صيدا، يقف محمود السبع أعين مذهولاً، يُتمتم بصوت خافت كتعبير عن الاستغراب إلى حدّ الاندهاش، «لقد اقفلت أبوابها منذ أربعة أيام بهدف التسعير بالدولار، وأبقت على قسم صغير فقط وعلى أسعار جديدة، لم يعلن الوزير التسعير بالدولار رسمياً بعد، ولكنّهم استبقوه وكلّ شيء يتمّ احتسابه بالدولار والصرف الأعلى. دولرة الأسعار ليست من مصلحة المواطن لأنّ الرقابة تنعدم فيها».

ومن السوبرماركت إلى السوق التجاري في المدينة، تقف فاتن سنبل مذهولة أمام واجهة أحد المحال، ترمق بعينيها أسعاره وقد أصبحت بالدولار الاميركي من «الجاكيت حتى الكلسات»، وتقول بتأفّف: «اعتقدت أنني أعيش في الولايات المتحدة الاميركية، أغلب بائعي الالبسة وضعت علامة $ الدولار على مبيعاتها… نحن نعيش في لبنان»، بينما تفاجأت لميا عبد السلام من الغلاء، تقول: «في الوهلة الاولى اعتقدت أنّ السعر رخيص لأنه مكتوب عليه ٩$ دولارات»، ثم تستدرك «قيمتها باتت 720 ألف ليرة»، وتضيف وهي تضحك «حتى هناك من وضع طاولة رافعاً لافتة «تحطيم أسعار كلّ فانيلا بدولار».

ولا يخفي سليمان الرواس استغرابه من قرار التسعير بالدولار، ويتساءل: «هل هو الحل»؟ قبل أن يجيب: «بالتأكيد لا، إنّه طعنة أخرى لقيمة الليرة اللبنانية. لتعلن الدولة وليعلن الحاكم المركزي أنّ الليرة الغيت وعلينا التعامل بالدولار… هكذا أصبحت ليرتنا بلا كرامة».

والغلاء وجنون الدولار يؤكد الامين العام لـ»التنظيم الشعبي الناصري» النائب الدكتور أسامة سعد أنّ مواجهته «تكمن بتوحيد جهود القوى المؤمنة بالتغيير من أجل الخروج من الواقع المأسوي الذي أوصلتنا اليه الطبقة الحاكمة الفاسدة في ظلّ الأزمات والانهيارات على مختلف الصعد.

واستبعد سعد، خلال لقائه مع إعلاميي صيدا في «قهوة باب السراي» في صيدا القديمة، عشيّة الذكرى السنوية لاستشهاد المناضل معروف سعد، إجراء الانتخابات البلدية، وقال في دردشة: «لا مؤشّرات جديّة على إجرائها رغم مواقف المسؤولين»، مضيفاً: «إنّ تجديد حياة البلديات انتخابياً تعطي جرعة أمل للناس، فهي تستطيع أن تقوم بما تقصّر به الدولة في حال توفرت لها الأموال اللازمة وحصلت على عائداتها من الصندوق البلدي المستقلّ».

وتابع: «واقع البلديات اليوم مأزوم، وبعض البلديات ومنها صيدا متعثّرة ولكن غالبية البلديات الأخرى غائبة عن السمع والخدمة بسبب العجز المالي، نحن نؤيّد إجراء الانتخابات وسنواصل النضال السياسي من أجل التغيير، تغيير الواقع السياسي المأزوم إلى واقع أفضل، ودفاعاً عن حقوق شعبنا في حياة كريمة بالتعليم وفرص العمل والخدمات والحياة الكريمة ونؤكّد أنّ هذا نضال سيتواصل».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى