مقالات

تراجُع مياه البحر يُثير المخاوف

الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا، وما تركه من مشاهد مأسوية في ذاكرة اللبنانيين لجهة أعداد الضحايا والجرحى والمفقودين، ناهيك عن الدمار الهائل في المدن والمباني السكنية، ترك تداعيات سلبية عليهم مع الهلع من وقوع زلازل أو هزّات جديدة، ومخاوفهم من تسونامي حتّى كلّ شيء طبيعي باتوا يعتبرونه غير عادي، وآخره تراجع مياه البحر على طول الشاطئ اللبناني.

التراجع بدا واضحاً في أكثر من منطقة لبنانية، بدءاً من شاطئ مدينة صور جنوباً، مروراً ببلدة عدلون في منطقة الصرفند، وصولاً الى مدينة صيدا حيث لوحظ انخفاض منسوب المياه قرب المرفأ الجديد والقلعة البحرية وعلى الكورنيش البحري القديم والملعب البلدي، حيث بدت الصخور جليّة ولم تغمرها المياه كما العادة سابقاً. وقد انقسمت الآراء حول هذه الظاهرة هذا العام تحديداً، منهم من يراها طبيعية بعد العاصفة التي ضربت لبنان وبين من يعتبرها مرتبطة بالزلزال الذي ضرب تركيا، بينما يقول الصيادون إنّها عادية في مثل هذه الأيام من شهر شباط وقد تمتدّ إلى آذار.

وطمأن نقيب صيادي الأسماك في صيدا نزيه سنبل المواطنين الى أنّ هذه الظاهرة طبيعية، وقال : «إنّه المدّ والجزر في شهري شباط وآذار من كل عام وقد يمتدّ الأمر إلى نيسان، ولكن بعد زلزال تركيا أصبحت الناس تخشى الهزّات والتسونامي وهما يختلفان عن هذه الحالة ولا يعرف بهما أحد»، مؤكّداً «أنّ تراجع المياه ليس مؤشّراً على حدوث أيّ منهما»، قائلاً: «لقد ولدنا على البحر وطول عمرنا في مهنة الصيد ونرى البحر هكذا في مثل هذه الأيام، أدعو الناس إلى عدم الخوف والعيش بالوهم». موقف سنبل يتوافق مع رأي كبير الصيّادين نائب الرئيس محمد ابراهيم بوجي، الذي يروي أنّ ما شاهدته الناس من مآسي زلزال تركيا دبَّ الخوف في قلوبهم، حتى باتوا يعتقدون أنّ كل ظاهرة طبيعية أصبحت غير عادية، «البحر طول عمره هكذا، بين المدّ والجزر في الشتاء والسبب أنّ المياه باردة ولا تتمدّد والعواصف كثيرة، وتراجع المياه ليس جديداً وله أسبوع تقريباً».

في المدينة، يسود الهدوء وتدور عجلة الحياة كعادتها، يراقب الناس باهتمام الظاهرة، منهم من نزل إلى البحر لمشاهدتها بأمّ العين، ومنهم من تابع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في قرارة أنفسهم ثمّة اطمئنان، يعتبرون الصيّادين خبراء في أحوال الطقس والأنواء وأوضاع البحر. وفي محاولة لإيضاح حقيقة الظاهرة، أوضحت وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات قضاء صور أنّه جرى التواصل مع مركز علوم البحار ومركز البحوث العلمية، الذي أكّد أنّه طالما لم يحدث أي زلزال في البحر فلا وجود لأي تسونامي محتمل وأنّ حالة التراجع في البحر هي حالة طبيعية تتعلّق بالمدّ والجزر الطبيعي ولا داعي للهلع او الخوف.

وتوافق رأي المجلس الوطني للبحوث العلمية مع المركز وأكّد بأنّ تراجع مياه البحر مرتبط علمياً بحركة المدّ والجزر والتي قد يحدث أن تكون أقوى في بعض السنوات، علماً أنّ الطقس الصافي وعدم وجود عواصف أو أمواج يجعل ملاحظة وجود الجزر أكثر وضوحاً».

وبينهما أكّد خبير في الأرصاد الجوية أنّ انحسار مياه الشاطئ ظاهرة موسمية وطبيعية في الربيع، وغالباً ما يحدث هذا الحدث نتيجة للمناخ، وأهمّ عامل هو الرياح والضغط الجوّي ودرجة حرارة الهواء، داعياً المواطنين الى عدم الخوف لأنه ليست علامة على وقوع زلازل كما يتصوّر البعض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى