مقالات

حرب المصارف قاب قوسين أو أدنى من الإشتعال

“عند الامتحان يكرم المرء أو يهان”، ومصارف لبنان في أسوا امتحان اليوم لا بل في صلب المهانة. ففي الوقت الذي يعتبر البعض ان كل المصارف على قلب رجل واحد، فان عدة مؤشرات تدل على ان خلافات أكيدة بدأت تدب في ما بينها… ولذلك عدة شواهد:

7 قضايا ومفاصل أساسية

1 – هناك مصارف مقربة من جهات سياسية دون أخرى، ما يعني انها تتأثر بالتناقضات السياسية الحاصلة في البلد والتي تصل احياناً حد تعطيل كل شيء، وليكن الانهيار الشامل!!

2 – تتفق معظم البنوك على تحميل الدولة الجزء الاكبر من الخسائر (الودائع)، الا ان اصواتاً متناقضة تظهر بين من يريد تحميلها كل شيء، مقابل “عاقلين” يقبلون بتحمل المسؤولية مثل قبول رد الودائع حتى 100 ألف دولار. وهناك من لا يقبل بتاتاً بما ورد في مشروع الكابيتال كونترول لجهة السماح بسحب 800 دولار شهرياً، مقابل من يرفض ذلك مؤكداً استحالته.

3 – هناك مصارف كانت تريد الحوار مع المودعين وأخرى ترفض رفضاً باتاً ذلك الحوار على قاعدة انه غير مجد، وان حقوق المودعين لدى الدولة، ولا يمكن الا التركيز على ذلك فقط لا غير. بل تذهب مصارف الى اتهام مودعين محتجين بعنف بأنهم مرتزقة ومدسوسين!

4 – الموقف من مصرف لبنان يشق صفوف الجمعية بعمق. وكان لافتاً في الايام القليلة الماضية كيف ان تصريحات لرياض سلامة بأن البنك المركزي ردّ كل الدولارات الى المصارف جعلت اعضاء في الجمعية يستنفرون للرد عليه، فانبرى من يثنيهم عن هذا “الفعل الاحمق” لان مصرف لبنان يعرف كل شاردة وواردة عن القطاع واصحاب المصارف، ولطالما خدم الجميع ومرر مصالح، وتغاضى عن مخالفات، وانقذ متعثرين…

5 – مصارف كانت تروّج بقوة لاستخدام اصول الدولة لرد الودائع مقابل اخرى أكدت استحالة ذلك، فتحول النقاش الى حسن استثمار تلك الاصول لزيادة الايرادات منها بما يحقق هدف تحميل الدولة جزءاً اساسياً من مسؤولية رد الودائع.

6 – الشعرة التي قصمت ظهر البعير بين عدد من المصارف الكبيرة هي الدعاوى المرفوعة ضدها لا سيما قضية تبييض الاموال. وهنا تناقضت المواقف بقوة، وقامت حرب تسريبات وتشهير بين عدة مصارف كبيرة في وسائل التواصل وصولاً الى محطات تلفزة.

7 – مصرفيون يناورون مع الجميع: جل همهم عدم المساس بثرواتهم الشخصية وعدم المثول امام القضاة وهم جاهزون لافلاس مصارفهم اذا ضمنوا ذلك.

ماذا نفعل مع غادة عون؟

ومن المرجح أن يزيد قرار النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون الإدعاء على بنك سوسيتيه جنرال ورئيس مجلس إدارته أنطوان صحناوي وكل ما يظهره التحقيق بجرم تبييض الاموال، بعدما فعلت الشيء عينه مع بنك عوده، الشرخ القائم بين أعضاء جمعية المصارف.

القصة بدأت مع سليم صفير

بحسب مصدر مصرفي تحدث لـ”نداء الوطن” فان الشرخ بدأ بالظهور منذ تولي رئيس الجمعية سليم صفير مهامه، والتي تزامنت مع إندلاع الازمة المالية بعد بضعة أشهر”. لافتة إلى أن “أداء صفير، بالنسبة لبعض اعضاء الجمعية، افتقر إلى حس القيادة والمبادرة والحكمة خلال التطورات المصرفية غير المسبوقة التي حصلت. إذ كان أقرب إلى حالة المتفرج على ما يحصل احياناً، والبعض يتهمه بأنه لم يسع كفاية إلى تكريس دور الجمعية في إيجاد الحلول البناءة، في موازاة الحملات التي إستهدفت القطاع المصرفي، أو الضغط على السلطة السياسية لإقرار قانون الكابيتال كونترول على سبيل المثال”.

يشير المصدر إلى أنه على العكس من ذلك كله، فإن قربه من إحدى الجهات السياسية (الرئيس السابق ميشال عون)، أدى إلى رفض أي مواجهة مع السلطة السياسية ايام العهد العوني”. لافتاً إلى أنه “حتى على الصعيد التقني كان صفير ينفرد في إتخاذ قرارات، من دون مناقشتها مع أعضاء الجمعية، خصوصاً في الفترة الاخيرة (نحو 8 أشهر)، بل أنهم يتفاجأون في صدورها أحياناً كثيرة من دون الرجوع إليهم بالرغم من أنها تؤثر فيهم جميعاً”. ويلخص المصدر أن “مشكلة هؤلاء هي في أداء رئيس الجمعية خلال الازمة، سواء تجاه الحاكم أو تجاه كل ما يحصل، وإستئثاره بقرارات داخل الجمعية، والتي غالباً ما تعادي المودع عموماً والمصرف المركزي احياناً الذي هو السلطة الرقابية على المصارف”.

أداء رياض سلامة زاد المشهد قتامة

يضيف المصدر: “في الوقت نفسه هناك رؤساء مجالس إدارات مصارف يعتبرون أداء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يزيدهم غرقاً في مستنقع الازمة اللبنانية. وأن الموسى وصلت لذقنهم بسبب هذه السياسة التي جلبت دعاوى قضائية ضد العديد منهم، وهي إدعاءات جزائية وليس مدنية فقط”. موضحاً أن الخلاف الاخير هو بعد توجيه القاضية عون، مذكرة إلى 7 مصارف لبنانية تطلب فيها رفع السرية المصرفية عن حسابات كبار العاملين من حاليين وسابقين في القطاع المصرفي، على إعتبار أن الهندسات المالية التي حصلت سابقاً بين عدد من المصارف وحاكم البنك المركزي لا تخلو من تبييض الاموال. إذ يرى رؤساء مجلس إدارة سوسيتيه جنرال وعوده وبنك البحر المتوسط، أن الطلب برفع السرية يجب أن يوجه من قبل أمين سر هيئة التحقيق الخاصة في المصرف المركزي عبد الحفيظ منصور وتحت إشراف سلامة، في حين أن مصرفين آخرين (ممن وجهت إليها الطلب برفع السرية) أي بلوم بنك والاعتماد المصرفي أبديا إستعدادهما للتعاون معها، حتى أن أحد هذه المصارف الكبيرة بادر إلى إعطائها معلومات أكثر مما تطلب كما يتهمه بنك كبير منافس له، وهذا ما يضعف موقف المصارف التي تعتبر نفسها مستهدفة وعليها صياغة موقف قانوني موحد، وعدم السماح بشق صفوفها”.

مصارف لن تدفع أثمان أخطاء غيرها

يصف المصدر الوضع داخل الجمعية حالياً بأنه “خبيصة، ولا يخلو من إتهامات لبعضهم البعض، فبعض المصارف تُجاهر بأنها ليست على إستعداد لدفع الثمن عن مصرف آخر إستفاد من قربه من الطبقة السياسية وقام بتحويل أموال لصالحها إلى الخارج. ومصارف أخرى تعتبر أنه يجري إستهدافها سياسياً وترفع الصوت عالياً بأن “عدم التعامل بعقلانية” مع الاحكام القضائية، “سيؤدي إلى ما لا تُحمد عُقباه” على الجميع.

ويختم المصدر: “في الأساس، قرارات الجمعية ليست مُلزمة للأعضاء، ولا يمكن لرئيسها فرض إرادته على الآخرين، ولسنا خاضعين لنظام شمولي. لكن المشكلة هي في الإفتقار إلى حس القيادة الذي ينعكس سلبا على أوضاع المصارف، سواء في ما يتعلق بعلاقتها مع الازمة، أو الاضراب الحاصل على خلفية الدعاوى المرفوعة ضدها في القضاء، وأخيراً في ما يتعلق بتهمة تبييض الاموال. وأسوأ ما في الأمر أنهم مجبرون على الالتزام بقرار الجمعية المتعلق بإستمرار الاضراب إلى حين إيجاد مخرج مناسب”.

علي زبيب: إنهم عصبة اشرار

في قراءة قانونية لأداء جمعية المصارف، يرى الدكتور علي زبيب (محام متخصص في الشؤون الاقتصادية الدولية)، “أنه قبل حصول إعادة هيكلة للمصارف يجب أن تحصل هيكلة للجمعية بحد ذاتها، لأنها تصرفت خلال الازمة كسلطة رقابية، وأصدرت تعاميم غير قانونية وعمدت إلى تطبيق الكابيتال كونترول بشكل إنتقائي وغير عادل مع المودعين”، مشدداً على أنها “نسيت أنها أشبه بالنقابة أو النادي الاجتماعي، وهناك مصارف ليست جزءاً منها. فالتعاميم او الاجراءات التي تطبق غير قانونية ويجب محاسبة المصارف عليها”.

ويختم: “في حال أرادوا حقيقة إيجاد حل، فيكون بعد إعادة هيكلة المصارف. وعن طريق إنتاج جمعية حقيقية وليس “جمعية أشرار”، كما يُطلق عليها حالياً من قبل المودعين الذين رفعوا دعاوى على عدد من المصارف لإسترجاع أموالهم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى