إقتصاد

انتقلت من الأرياف الى المدن.. “المُقَدَّدْ” مونة لبنانيّة مُجففة فرضتها الأزمة الاقتصاديّة!

تعتبر الأطعمة المجففة من المركبات الأساسية للطهي المنزلي التقليدي في الأرياف اللبنانية، وتوسّعت لتتسرب الى كافة المناطق والمدن. ومع بداية الازمة بدأت تنتشر بقوة في القرى النائية حيث أساس صنع المؤن والمأكولات الاصيلة بسبب الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة الى جانب الانقطاع المتواصل للكهرباء فكان تنشيفها او تيبيسها السبيل الوحيد لتأمين الغذاء.

وبدون “الثلاجة” تعتبر الأطعمة المجففة في الشمس او “المقددة” طعاما حيويا ويحتفظ بصلاحيته لفترات طويلة الى جانب العناصر الغذائية.

المونة ثقافة عابرة للأجيال

المون بما تحتويه من أصناف وأنواع واطباق مختلفة ومتنوعة ركيزة أساسية لثقافة المطبخ اللبناني الذي يضم العديد من المأكولات التقليدية، وفلكلور عابر للفصول والاجيال ولدول العالم العربي والغربي، وتتميز “المونة” بجودة عالية عن تلك المتوفرة في المحلات كونها بلا أي إضافات او مواد حافظة ما يجعلها متكاملة العناصر الغذائية والصحية.

ومن المتعارف عليه ان أساس تحضيرها قائم على تجهيز الاصناف التي تبقى من موسم الى آخر وتبدأ من: غلي الطماطم لصنع مسحوق رب البندورة، الكشك اليابس والاخضر المكبوس بالزيت، القمح ويشمل البرغل الناعم والخشن وكل نوع يستخدم في أصناف مختلفة من الوجبات، الى جانب المربيات والمجففات واللبنة “المكعزلة” مع زيت الزيتون والاجبان التي بات يُتفنن في صنعها منها مع الحبة السوداء وأخرى بإضافة اوراق الزعتر الأخضر، يضاف الخضروات والفواكه الغير متوافرة طيلة العام.

ايضاً الكبيس يوضّب في آنية زجاجية محكمة الاغلاق ومضغوطة لكيلا يفسد ويضاف اليه الخل والملح وبعض فصوص الثوم. والملفوف اللذيذ يهيئ بزيادة صبغة طبيعية اليه من الشمندر لإعطائه اللون الأحمر والخيار والجزر والقرنبيط والبندورة الخضراء، ومن لا يعشق الباذنجان “المكدوس” الذي يسلق ويجفف من المياه بوضعه على احجار ليتصفى من مياه السلق ويتم شقه من نصفه، ومن ثم صنع حشوة من الفليفلة الحمراء والجوز والثوم والبعض يضيف له الفستق والحر ومن ثم يحشى ويكبس في آواني زجاجية ويغطى بالزيت ويبقى من موسم الى اعوام بحسب استهلاكه.

الوزير “يشتكي” ماذا عن المواطن 

مع دولرة السلع الغذائية وغياب الرقابة، باتت كل سوبرماركت تنفرد بوضع تسعيرة تتناسب مع جشعها. الامر الذي يتناقض وما قام به وزير الاقتصاد امين سلام من ان غاية دولرة المواد والسلع سيحد من المخادعة بالسعر. ووجدناه “ينق” شأنه شان المواطن العادي بعد ان تلاعبت احدى السوبرماركت بسعر ربطة الخبز.

وفي هذا السياق سعر كيس البازيلاء المثلج اضحى بـ 5 $، والجزر بـ 3 $ اما الباميا فسعر الكيس الصغير بـ 7 $ بالإشارة الى انه تم وضع جملة على أحد البرادات بعدم تصوير الأسعار.

وفي الموازاة فان الأسعار حتى بالدولار تضاعفت بزيادة 25 و60 سنتا على السعر الأساسي. وبالعودة الى احتساب بعض من هذه المواد تم فضح التخادع بعد اعتراض مواطن على سعر سلعة اشتراها من احدى السوبرماركت ووجدها اقل بأخرى، ما يشير الى ان الخير ليس في القادم!

لكل هذه الأمور مجتمعة، ربات المنازل اللبنانيات أدركن التحديات الصعبة في الحصول على الطعام بسبب جنون الاسعار فابتكرن “التقديد” وهو طريقة عملية وصحية عن طريق تنشيف الأغذية بأشعة الشمس.

وقد احتلت هذه العملية حيزا مهما واساسيا في خزائن المطابخ او في “التتخيتة” وهي كناية عن مكان لحفظ المؤن كما انها لم تعد حكرا على نساء الأرياف بل تسللت الى المدن.

الاستغناء عن “الثلاجة”

في هذا الإطار تقول السيدة رنا سلامة لـ “الديار”: انا اقدد الكوسى والبندورة واللوبيا والباذنجان واقماعه أي “الكعوب” التي تكون ملتصقة في رأس الحبة، والمقتة. واضعها بعد غسلها جيدا على قطعة قماش نظيفة على الاسطح ويتم رش الملح عليها. وتتابع، “ومن بعد ان تجف بشكل كلي اجمعها في أكياس من الخام وتخزن في أماكن لا يصلها رطوبة لكيلا تفسد وعندما اريد ان أطهو أي منها انقع الكمية التي اريد بالماء الفاتر واطهوها كما لو قطفت الان. 

وتشير رنا، “الى انهم كانوا يفرزونها في الثلاجة قبل أعوام مضت ولكن مع الانقطاع المتكرر للتغذية الكهربائية وارتفاع فاتورة المولدات الخاصة اعتمدنا على طريقة التقديد والتي ترتكز على التجفيف بالشمس وبهذه الطريقة لا حاجة لثلاجة او أكياس تفريز مخصصة او حتى كهرباء. 

وتتابع، الى جانب صنع القورما وهي عبارة عن لحمة “مقددة” يتم غليها على النار ريثما تتعقد ويطلق عليها “الحرقوص” وتنضج بشكل كلي ومن ثم تعبئتها بآنية زجاجية. وتردف، ” هذه من المواد الأساسية في بيتنا وجعلتني استغني فيها عن شراء اللحوم بعد ان أصبح سعر الكيلو خياليا.

اما السيدة فاديا إبراهيم تقول، انا اقدد اصنافا كثيرة واحاول ان ابتكر وانجح بهدف التوفير قدر الإمكان في ظل الغلاء الفاحش للسلع الغذائية، مع مراعاة عدم حاجتي لوضعها في الثلاجة. لذا فأنا عوضا عن تفريز البازيلاء بت اجففها في الشمس الى جانب الباميا، والعائشة خانوم والفاصولياء الخضراء المعروفة بـ “الكلاوي” واغسلها بشكل جيد وافرشها على قطعة من الخام على الاسطح وعندما تجف “تيبس” اوزعها في أكياس موضبة للاستعمال مرة واحدة وبالتالي احافظ بهذه الطريقة على القيمة الغذائية والسلامة الصحية والنظافة في آن معا، الى جانب البطاطا الحلوة والفليفلة والفطر”. وتضيف، “لا حاجة لكهرباء او لمن يكهربوننا بارتفاع الأسعار بشكل يومي “وبالناقص توتر من فاتورة المولد”. 

القيمة الغذائية للطعام المقدد او المجفف

يقول اخصائي التغذية طه مريود، “الأطعمة المقددة تحتوي على عناصر غذائية عالية فالفاصوليا المجففة مثلا: كل 100 غرام منها يحتوي على 103 سعرات حرارية، وفيها بروتين، وكربوهيدرات”. ويتابع، “يحتاج الجسم الى حوالي 177% من القيمة اليومية الضرورية من المولبيدنيوم وحوالي الـ 45% من الالياف الغذائية، الفولات، الحديد، 42% من المنغنيز و15% من البروتين”.

ويضيف، “لا بد من الإشارة الى ان الخضروات “الميبّسة” صحية مثل تلك الطازجة على الرغم من تنشيفها وإزالة المحتوى المائي لها اثناء عملية التجفيف، ومع ذلك تحافظ على جميع الفيتامينات والمعادن الموجودة فيها، وهناك بعض العناصر المتطايرة مثل فيتامين “ب “”ج” وبيتاكاروتين الا انها لا تفقد القيمة الغذائية، بل يمكن إضافة حمض الستريك اليها الغني بفيتامين “س” “. 

توفير الطاقة 

تعد الأطعمة المجففة منخفضة الوزن خيارا مهما وصحيا، حيث لا تحتاج الى مكان كبير لتوضيبها، وتتميز بخلوها من المواد الحافظة والمسرطنة ما يسمح بالتأكد من المكونات بشكل شخصي وبالتالي تناول هذه الاطعمة دون قلق

المصدر
ندى عبد الرزاق- الديار

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى