مقالات

الذهب الأبيض بالعملة الخضراء

لا يختلف اثنان على كون رياضة التزلج مكلفة وهي حكر على الميسورين من اللبنانيين، علما أن كلفة مزاولتها لم تكن يوما زهيدة.، إلا أنها دخلت حاليا لائحة العملة الصعبة، كون محطات التزلج تعاني، شأن كافة القطاعات الاقتصادية في لبنان، من الأكلاف التشغيلية المرتفعة، خصوصا بسبب ارتفاع أسعار مادة المازوت، التي تعتمد عليها المحطات، سواء في تأمين التيار الكهربائي، أو للجرافات التي تتولى فتح الطرق المؤدية الى المحطات.

يمكن للمتزلج ممارسة هوايته يوميا، علما أن فترة اللعب على الثلج محددة بساعات قليلة بين العاشرة صباحا والثانية والنصف بعد الظهر (بسبب الجليد صباحا وذوبان الثلج في فترة بعد الظهر) مقابل نحو 35 دولارا أميركيا، من دون احتساب كلفة النقل للوصول الى محطة التزلج والطعام. وتشمل هذه التسعيرة بدل إيجار عدة التزلج وتذكرة الدخول الى المدارج. هذه أسعار محطة الزعرور في المتن الشمالي، وهي الأقرب الى بيروت، وطرقاتها مفتوحة بجرافات تعمل في المشروع والبلدات المجاورة. لكن دون الوصول الى المحطة خطر الجليد على الطرق الذي لا يبدأ بالذوبان قبل العاشرة صباحا. أما من يملكون سيارات دفع رباعي مجهزة بالسلاسل المعدنية فيستطيعون الوصول باكرا.

الأسعار تتبدل بين محطة وأخرى، وأكثرها ارتفاعا في منتجع فاريا كفرذبيان، بلائحتي أسعار واحدة لأيام الأسبوع، والثانية وهي أكثر ارتفاعا خاصة بعطلة نهاية الأسبوع والأعياد. وكلما بعدت المسافة عن بيروت، قلت الكلفة، كمحطة اللقلوق مثلا في قضاء جبيل، بسبب تكبد قاصد المحطة مصاريف الوقود، وصولا الى النقطة الأبعد والأعلى في لبنان وأقدم المحطات في الأرز بقضاء بشري شمال لبنان.

إلا أن المفارقة هي أن هواة التزلج وخصوصا الذين اعتادوا السفر الى البلدان الأوروبية للتزلج، يتحدثون «عن أسعار هي الأرخص في كل شيء، وصولا الى لائحة الطعام». ويقول نصري عون ابن بلدة جزين الجنوبية «إن الأسعار في لبنان هي الأرخص. سواء من بطاقة وقوف السيارات (100 ألف ليرة أي دولار ونصف الدولار) في الزعرور، الى تذكرة الدخول ليوم كامل (قبل الثانية عشرة ظهرا)، فضلا عن أسعار مقبولة للطعام والمشروبات توازي تلك المعتمدة في المطاعم غير الغالية في بيروت».

وقد وصلت كلفة اللعب لفتاتين أفادتا من عطلة مدرسية مخصصة للتزلج في مدرستهما الى 75 دولارا في الزعرور «في يوم اثنين حاشد، لم يبق فيه شيء في المتجر المخصص لتأجير أدوات التزلج. واستغرق الحصول على عدة التزلج انتظارا تخطى الساعة ونصف الساعة في طابور طويل. والشيء عينه ولو بنسبة أقل بعد الساعة الحادية عشرة على شباك حجز التذاكر»، بحسب ايستيل كريم (16 سنة).

وقد يعتبر البعض أن التعرفة التي تتقاضاها المحطة على موسم التزلج القصير نسبيا، والذي تأخر انطلاقه هذه السنة الى نهاية الأسبوع الماضي، زهيدة نسبيا، في ضوء الأحوال الجوية، واحتمال عدم صمود الثلج حتى نهاية مارس المقبل وبداية أبريل.

ويتعمد البعض من هواة التزلج أخذ عطل على حسابهم، فيقصدون المحطات أثناء أيام الأسبوع العادية، تفاديا للزحمة واللعب براحة على المنحدرات.

إلا أن المصاريف ترتفع في شكل تصاعدي لمن يريدون تعلم اللعب، وتتضمن بدل أتعاب للمدربين، لا تقل عن 400 دولار يدفعها الأهل غالبا في موسم واحد لضمان تمكين أولادهم من اللعب، فضلا عن المصاريف الأخرى.

وينتظر عدد من الشبان والشابات موسم التزلج لتحصيل عائدات من المصاريف، بدل تعليم التزلج للمبتدئين. وهذا حال م.علاء القنطار من بلدة المتين في المتن الشمالي، الذي علّم مجموعات من الأولاد على مدارج الزعرور، ويعاونه عدد من تلامذته، وفقا لإقبال الراغبين.

ذهب أبيض مسعّر بالعملة الخضراء، ليس في متناول الجميع، ولكنه لمن يتقاضى راتبه بالدولار، بات أكثر «شعبية» من سنوات ما قبل الأزمة.

المصدر
الانباء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى