ثورة إجتماعية أم فوضى أمنية..؟
ما سرّ هذا التمادي الرسمي في تجاهل هذا الجنون، المتفلت من أي قيود، للإرتفاعات المضطردة في أسعار الدولار ساعة بعد ساعة، وليس يوماً بعد يوم؟
الناس تلهث وراء لقمة العيش الهاربة مع الأسعار الصاروخية للسلع الغذائية، المصارف مستمرة في عدوانها على حقوق المودعين من خلال الإضراب المفتوح منذ الإسبوع الماضي، السنة الدراسية على كف عفريت مع تعقيدات إضرابات المعلمين، جلسات مجلس النواب معلقة بإنتظار نزول «باراشوت» التوافق حاملاً كلمة السر من الخارج، مجلس الوزراء معطّل قسراً بحجة الضغط لتسريع إنتخاب رئيس الجمهورية الجديد، والشغور الرئاسي يتمدد من شهر إلى آخر، رغم كل الإنتقادات الروحية والمناشدات الخارجية!
يصور أحد الظرفاء الواقع اللبناني المتدهور ببوسطة الضيعة التي يفلت الفرامل فيها فجأة، على كتف الوادي، فيقفز منها السائق تاركاً الركاب لمواجهة المصير المحتوم، ويكتفي بالتفرج على البوسطة وهي تتقلّب في مهاوي الوادي مع ناسها، وكأن الأمر لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد!
المشكلة أن الإنقسامات الداخلية، وحالة العجز المتفاقم على مستوى القرار الرسمي، قد فتحا الطريق أمام هذا الإرتفاع الهستيري في سعر الدولار، الذي أضحى بلا سقف، ويكاد يبلغ المائة ألف ليرة، دون أن تكون هناك مؤشرات على إمكانية توقفه عند ذلك الحد، في حال إستمرار غياب المعالجات الجدية لوقف الإنحدارات المتتالية، ليست في قيمة الليرة وحسب، بل في كل نواحي الحياة اليومية والمعيشية.
نزول الناس إلى الشارع والتظاهر وقطع الطرقات لم يعد ينفع، مع منظومة سياسية تركب أذن من طين وأخرى من عجين، ومستمرة في حالة الإنكار للواقع الدرامي الذي يهدد ليس حياة العائلات وحسب، بل ويشكل خطراً على الأمن الإجتماعي كله.
فهل نحن أمام ثورة إجتماعية من نوع آخر..، أم أن تسونامي الفوضى الأمنية سيجرف ما تبقى من مقومات الإستقرار المتهاوي؟