مقالات

من الوردة حتى السهرة: عيد الحب… بلا عشاقه

يوم جديد من الفوضى عاشها اللبنانيون وسط الأزمات المتلاحقة، تزامنا مع احياء ذكرى الثامنة عشرة لإستشهاد الرئيس رفيق الحريري والتي لها وقع خاص في مسقط رأسه صيدا، وبين عيد العشاق حيث تلاشى الحب وتراجع تحت تأثير الضائقة المعيشية من الغلاء وارتفاع الاسعار والتي أضيف إليها الإرباك مع الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار الأميركي في “السوق السوداء”.

وجنون الدولار، أحدث إرباكاً في صيدا، أجبر محطات الوقود على الاقفال ورفع خراطيمها فجأة، برر أصحابها الأمر بخسارتهم الكبيرة، لم تصدر وزارة الطاقة الجدول اليومي بسبب العطلة الرسمية بينما الجدول الأخير صدر الاثنين على سعر يقارب 68 الف و200 ليرة لبنانية.

تلاشي مظاهر عيد العشاق في صيدا

والإرباك، امتد إلى محلات الصيرفة على طول شارع رياض الصلح الرئيسي، التي استنكفت العمل بيعاً وشراء، بسبب التقلّبات الكبيرة نزولاً وصعوداً وفي أوقات متقاربة، تكاملت مع المصارف المقفلة منذ أيام عديدة بسبب الإضراب المفتوح إحتجاجا على الدعوى والأحكام القضائية، ودائع الناس وجنى أعمارهم بات في “خبر كان” مع تطيير جلسة في “الكابيتال كونترول”.

والحال نفسه، وصل إلى الأسواق، كثير من المحلات التجارية أصيبت وجدت صعوبة بالغة في تحديد الاسعار، وإلى السوبرماركت التي شهد بعضها ازدحاما غير مسبوق، بدا مشهد الناس في سباق محموم مع الزمن للشراء على السعر الأرخص ومحاولة توفير مئات آلاف الليرات اللبنانية.

تلاشي مظاهر عيد العشاق في صيدا

“يوم جنوني لم نعيش فصوله منذ وقت طويل”، يقول أبو علي المصري وهو يغادر السوبرماركت، “لقد اعتقدنا أن التسعير على الدولار أفضل، اليوم تبين انه أكثر ظلما، لأن الأسعار غير مقبولة وفيها فرق كبير جدا بين الأمس واليوم، لم استطع شراء اي غرض على السعر القديم والسبب الجشع والإصرار على الربح الوفير؟

على أن الأكثر مرارة وأشد مضاضة، هو تلاشي مظاهر عيد العشاق، الذي كان العاشق يحسب له ألف حساب ما بين مفاجأة وهدية ليدخل الفرح الى القلب.. بات الآن من الماضي ومجرد ذكرى جميلة في حياة اللبنانيين الذين طووا عيش الرفاهية بلا رجعة، بدء من الوردة حتى السهرة.

تلاشي مظاهر عيد العشاق في صيدا

في الأسواق، قلة من المحال أحضرت هدايا المناسبة، والدببة التي كانت تحتل واجهات المحال بأحجامها المختلفة تلاشت، بينما لم يعد بمقدور الكثير شراء الساعات والعطور وسلاسل الذهب، فيما بلغ سعر الوردة الحمراء الواحدة المئة الف ليرة لبنانية وحدها دون أي باقة أخرى.

وتقول “أم كريم” وهي صاحبة محل لبيع الهدايا “الازمة المعيشية فرضت نمطا جديدا في حياة الناس، قبل أن تضيف “الدببة لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وكأنها تنظر بشغف لعاشقيها وتنتظر مكانه الجيد، مثل هذه الايام كان محلي يعج بالزبائن، لا بل كان العاشق او العاشقة توصي قبل شهر على هديتها… فلا دببة بيعت ولا أي هدايا أخرى حتى الشموع الحمراء انطفأ نورها وخفت وهجها”.

يعزو أصحاب هذه المحال السبب إلى تبدل الاولويات وباتت المناسبات على أنواعها مجرد ذكرى، ويؤكدون ان كل شيء بالدولار أو ما يوازيه بالليرة اللبنانية لقد حرمونا في هذه المناسبة من البيع والربح، بعدما اصبحنا نعتمد على الأعياد والمناسبات فقط دون التسوق اليومي الذي لا يجيب همه”.

ويقول أبو رامي سبليني صاحب محل لبيع الهدايا والتذكرات التراثية وهو ينفض الغبار عن مجسمات ألبسة الرقص “لقد كان العاشق يشتري لعشيقته كل شي… حتى فستان الرقص، لتهز له خصرها، اليوم لقد هزّ انخفاض قيمة الليرة اللبنانية الجيوب”… وبسخرية “لقد سحب النمل عيد العشاق لانه طعمه حلو”.

سمير الحلو وصف نفسه بالعاشق السابق، يقول “توقفت عن العشق والغراميات والسهر… ليس كرهاً انما بسبب الاوضاع المالية… أنا أحب السهر والمناسبات الجميلة، مثل “فالنتين”، لكن ما في مصاري انها في المصرف محجوزة، لقد شطبنا الاحتفال من جدولنا، قبل أن يتساءل ويجيب، هل نحتفل على نكدنا وعيشتنا التي أصبحت سوداء مظلمة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى