سياسة

الهزات السياسية تتعاظَم وعمليات الإنقاذ متوقفة!

إذا كان «زلزالُ القرن» في تركيا وسوريا وما خلّفه من فواجع بشرية ومادية وفرْضه أولوياتٍ جديدة على ضفتيْ الإغاثة والسياسة وإعادة الإعمار لاحقاً، لم يهزّ شعرةً في الرؤوس الحامية في لبنان التي تمْضي في دفْع البلاد نحو المزيد من الانهيارات تحت سقف شغورٍ رئاسي يفرّغ سائر المؤسسات الدستورية، فإن لا شي سيوقف مسارَ انحدار الوطن الصغير نحو ارتطام مريع يُمْسِك اللبنانيون وحدهم بأيديهم حبْل النجاة منه.

هذه الخلاصة تعبّر عنها أوساط واسعة الاطلاع أعربت عن صدمتها من أن كارثة مروّعة بحجم التي ضربت تركيا وسوريا، وكان يمكن أن يكون لبنان مسرحها وهو «مرشح دائم» لمثلها، لم تدفع أياً من المعنيين بالأزمة الكبرى التي تضرب «بلاد الأرز» إلى إعلاء أولوية تصفيح الواقع اللبناني سياسياً كمدخلٍ لردم التشققات المالية «الموصلة» إلى جهنم، بل استمرّ التمترس الحاد على تخوم صراعٍ يخفت ويشتدّ منذ نحو عقدين ولكنه بلغ في 2023 ذروته بعدما تَشابَكَ الفراغ الرئاسي مع «العاصفة الكاملة» المالية – الاقتصادية – المصرفية – النقدية – المعيشية ومع وجود حكومةٍ مستقيلةٍ انتقلتْ إليها «كرة النار».

وفيما كانت أعمال الإغاثة في تركيا تحمل أنباء دراماتيكية عن انتشال جثث 3 أطفال لبنانيين ووالدتهم ووالدهم من تحت الأنقاض (عائلة ابرهيم خلف) وجثة سوزان سهيل الأحمد، وسط تقارير عن أن عددَ الضحايا اللبنانيين يناهز 20 حتى الساعة (مقابل 40 ناجياً) فيما لا يزال نحو 34 في عداد المفقودين، بدت عمليةُ «الإنقاذ السياسي» للاستحقاق الرئاسي عالقة تحت ركام المكاسرة الداخلية ذات الامتداد الاقليمي والتي حوّلت البلاد منذ 2005 ساحةً لحرب النفوذ في المنطقة وترسيماتها فوق الخرائط المدماة.

وإذ تتصدّر الأسبوع الطالع الذكرى 18 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري التي يحييها «تيار المستقبل» غداً أمام الضريح (وسط بيروت) في ظلّ انطباعٍ بأن هذه المناسبة ستتحوّل «استفتاءً شعبياً» تحت عنوان «ما خلصت حكاية» الحريرية السياسية، من دون أن يعني ذلك بأي حال، أقله في المرحلة الراهنة، كسْر الرئيس سعد الحريري (يفترض أن يكون عاد الى بيروت) قراره بتعليق العمل السياسي، فإن الانسداد الكامل في الأفق الرئاسي بات ينذر بمزيد من العصف في اتجاهات عدة، وسط خشيةٍ من «صواعق» إضافية ستستجلبها الدعوةُ لإطلاق عجلة العمل التشريعي في كنف الشغور الرئاسي (بين الموالاة وغالبية المعارضة)، بعدما كان إدارة حكومة تصريف الأعمال محركات اجتماعاتها أحدث جَلَبةً وتصدّعات بين ركنيْ الموالاة «حزب الله» و«التيار الوطني الحر».

ويسود ترقُب لِما إذا كان «التيار الوطني الحر» سينسحب من تغطية جلسة البرلمان تحت عنوان «تشريع الضرورة» ما لم يحمل اجتماع هيئة المكتب اليوم تقليصاً لجدول الأعمال الفضفاض من 67 بنداً لمصلحة حصره ببنود طارئة، ولا سيما بعدما رسم بيان النواب الـ 46 من المعارضة (بينهم القوات اللبنانية وكتلة الكتائب ومن النواب المستقلين المسيحيين) سقفاً عالياً حيال أي استسهالٍ للقفْز فوق أولوية انتخاب الرئيس والتطبيع مع الشغور، وهو ما لاقاه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أمس معلناً «ان عدم إلتئام البرلمان والتمادي في الشغور لا يبرّر مخالفة المادّتين 74 و75 من الدستور اللتين تعلنان المجلس النيابي هيئة إنتخابيّة لا تشريعيّة«، معتبراً ان مخالفتهما تنسحب على مخالفة المادّة 57 المختصّة بصلاحيّة رئيس الجمهوريّة، ومعوّلاً على حكمة رئيس مجلس النواب للحفاظ على وحدة المجلس.

المصدر
الراي الكويتية

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى