محلي

من سيختار القاضي عبّود لاستجواب البيطار؟

يقف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت في المنطقة الرمادية منذ إرجاء المحقّق العدلي طارق البيطار جميع جلساته التي حدّدها لاستجواب المُدّعى عليهم “حتى إشعار آخر”. وتفيد معلومات أنّ البيطار أبلغ بعض أهالي ضحايا المرفأ أنّ “تعليق” الجلسات لن يستمرّ أكثر من شهر، لكنّ المعطيات تشي بغير ذلك.
يؤكّد مصدر مطّلع أنّ أيّ حلّ للمراوحة القائمة في ملفّ المرفأ لا يمكن أن يتجاوز واقعاً قضائياً غير مسبوق يحصل للمرّة الأولى في تاريخ العدلية تُرجِم من خلال ادّعاء المحقّق العدلي المكفوفة يده في قضية المرفأ على أعلى مرجعية قضائية جزائية هي مدّعي عامّ التمييز، إضافة إلى ثلاثة قضاة، ثمّ ادّعاء النائب العامّ التمييزي لاحقاً على المحقّق العدلي بجرم “اغتصاب السلطة”.
لا يمكن سحب دعوى عويدات
في مقابل التسريبات التي تحدّثت، عقب تأجيل المحقّق العدلي جلسات الاستجواب، عن احتمال حصول سحب دعاوى متبادل بين البيطار وعويدات، يوضح المصدر: “قانوناً لا يمكن سحب دعوى مدّعي عام التمييز ضدّ البيطار على قاعدة “تبويس اللحى”. صحيح أنّ ما حصل في الأيام الماضية غابت عنه لغة القانون والمنطق، لكنّ هناك أمراً واقعاً بات يفرض نفسه ويستحيل تجاوزه. فبالنسبة إلى مدّعي عامّ التمييز هناك جرم جزائي ارتكبه البيطار خلال التحقيق مستقلّ يتجاوز تحقيق المرفأ لا يمكن التغاضي عنه. لذلك تعيين قاضي تحقيق من قبل رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود أمر مفروغ منه وإلزامي. هنا يحضر سيناريوهان: إمّا منع المحاكمة عن البيطار وتصديق الهيئة الاتّهامية على القرار أو إدانته بجرم اغتصاب السلطة”.
في هذا السياق، تنصّ المادة 6 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على الآتي: “تتولّى النيابة العامّة مهامّ ممارسة دعوى الحقّ العامّ، ولا يجوز لها أن تتنازل عنها أو تصالح عليها”.
توضح أوساط قضائية: “حين يَستدعي قاضي التحقيق أيّ شخص بصفة مدّعى عليه، تكون وضعيّته كأيّ شخص ادّعت عليه النيابة العامّة، أي لا إمكانية للتعامل معه بغير هذه الصفة، ويبقى الوضع على ما هو عليه إلى حين صدور القرار النهائي عن قاضي التحقيق”.
بموجب ورقة طلب ادّعاء عويدات على البيطار لم يُبادِر الرئيس الأوّل لمحكمة التمييز القاضي عبود حتى الآن إلى تعيين قاضٍ (أعلى رتبة من البيطار) لاستجوابه في الجرائم المدّعى عليه بها، وهي اغتصاب السلطة وإساءة استخدام السلطة والنفوذ المُستمدّين من وظيفته كمحقّق عدلي وفق موادّ في قانون العقوبات تصل إلى حدّ السجن لسبع سنوات.
يرى كثيرون أنّ القاضي عبود سيسعى بطبيعة الحال إلى تعيين قاضي تحقيق يعلم مسبقاً أنّه يتبنّى وجهة نظر رئيس مجلس القضاء الأعلى والبيطار في تحقيقات المرفأ ومسارها والدعاوي المتبادلة.
هي خطوة ستستدعي أيضاً تعيين هيئة اتّهامية يعيّنها مجلس القضاء الأعلى (لا يجوز أن تشمل في عضويّتها أيّاً من أعضاء المجلس) مهمّتها النظر في الاستئناف بقرار قاضي التحقيق في حال حصل.
في مطلق الأحوال سيتطلّب هذا المسار وقتاً لبتّه مع العلم أنّ البيطار ربط بشكل غير مباشر استئناف عمله بإزالة “لغم” الدعوى بحقّه تحت عنوان “ضرورة التعاون بين المحقّق العدلي والنائب العامّ التمييزي”.
هل يجتمع مجلس القضاء الأعلى؟
أمّا لناحية دعوى البيطار على عويدات، وإن تسلّم مرجعيات قضائية بارزة بأنّها خطوة غير قانونية، فهي قائمة بمفاعيلها بالنسبة إلى البيطار. وفي مقابل استحالة مثول عويدات أمامه سيُضمّن المحقّق العدلي قراره الظنّي الادّعاء على عويدات والقضاة الثلاثة. لكنّ المؤكّد أنّ هذه النقطة تحديداً ستكون ساقطة حكماً بالنسبة إلى المجلس العدلي بسبب مخالفة البيطار الفاضحة بادّعائه على مدّعي عامّ التمييز، وفق مصدر قضائي.
تكتسب قضيّة الادّعاءات المتبادلة بعداً أهمّ إذا تمّ ربطها باستحقاق إحالة القاضي عويدات إلى التقاعد في 22 شباط من العام المقبل ومعضلة تعيين قاضٍ آخر مكانه في حال بقيت الأزمة السياسية على ما هي عليه ولم يُنتخب رئيس جمهورية ولم تشكَّل حكومة جديدة.
يُعتبر هذا التاريخ، بالمعيار الزمني، داهماً ربطاً بمسار قضية المرفأ وانتهاء التحقيقات فيها وصدور القرار الظنّي ومحاكمات المجلس العدلي التي لن تبدأ بالتأكيد قبل موعد الإحالة إلى التقاعد. هذا إذا تمّ التسليم أصلاً بأنّ القاضي البيطار سيبقى في موقعه كمحقّق عدلي ويصدر قراره الظنّي وتبدأ المحاكمات على أساسه بعد تجاوز مطبّ مطالعة النيابة العامّة التمييزية وإبداء رأيها الإلزامي في القرار.
أمّا لناحية انعقاد مجلس القضاء الأعلى قريباً فتؤكّد المعطيات أنّ هذا الأمر سيُحسَم بداية الأسبوع المقبل في ظلّ “مقاومة” مستمرّة من قبل القاضي عبّود لخيار المحقّق العدلي الرديف أو أيّ إجراءات قد تحاصر البيطار في ظلّ ميزان قوى داخل المجلس لا يطبش لمصلحة عبّود.

المصدر
ملاك عقيل - اساس ميديا

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى