مقالات

المركزي السوري ينتهز فرصة الزلزال:حوالات التبرعات بسعر السوق السوداء

دخل مصرف سوريا المركزي على خط استغلال كارثة الزلزال، من خلال إصدار قرارين يتيح الأول التحويل مباشرة للمصرف، أموال المتبرعين الفردية الواردة من الخارج بالقطع الأجنبي للمنكوبين، بينما الثاني يعطي الأموال الواردة القادمة للمنظمات الدولية على سعر الصرف الوارد في نشرة “الحوالات والمصارف” أي ما يقارب السعر المتداول لليرة بالسوق السوداء.

وقدّم المركزي السوري في بيان الجمعة، شرحاً لطريقة إجراء التحويلات الخارجية للتبرع إثر كارثة الزلزال في سوريا، قائلاً إنه يمكن التحويل عن طريق المصارف الخارجية التي تقبل التعامل مع المصارف السورية بشكل مباشر، أو عبر مصارف وسيطة.

كما يمكن التحويل عبر جميع الشركات المرخصة أو عبر شركات التحويل العالمية مثل “ويستر يونيون” العالمية، مؤكداً للمتبرعين أنه مهما كانت طريقة التحويل، سيتم تسليم الحوالات بسعر يقارب سعر الليرة السورية في السوق السوداء، 6 آلاف و900 ليرة سورية لكل دولار، و7 آلاف و406 ليرات لكل يورو واحد.

وبالتزامن مع القرار، أظهرت وثيقة ممهورة بختم حاكم المركزي السوري أن المصرف قرّر إعطاء الحوالات الخارجية الواردة للمنظمات الإنسانية والأممية لأغراض الاستجابة الطارئة لضحايا الزلزال في سوريا، بحسب سعر الصرف الوارد في نشرة “الحوالات والمصارف”، والذي يعطي سعراً لليرة السورية يقارب قيمتها المتداولة في السوق السوداء.

وأوضحت الوثيقة أن الجهات المشمولة هي منظمة الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها، ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري، وشبكة “الأغا خان” والهيئات والقنصليات والسفارات والبعثات الدبلوماسية، موضحاً أن المعادل للحوالات بالليرة السورية سيتم تحويله إلى حساب فرعي خاص بالجهة المحول إليها، أو لحسابات أخرى معتمدة لدى المصارف السورية لصالح الهلال الأحمر السوري أو اتحادات غرف الصناعة أو التجارة.

وكان المركزي السوري يطبق سعر الصرف الوارد في نشرة “المصارف” في الحالة العادية للحوالات الواردة إلى تلك المنظمات المذكورة في الوثيقة، حيث يعطي قيمة 4 آلاف و522 لكل دولار، و4 آلاف و853 لكل يورو.

تشجيع التبرع
وتعليقاً، يقول الخبير الاقتصادي ومدير منصة “اقتصادي” يونس الكريّم أن النظام السوري يسعى إلى تشجيع التبرع لحكومة دمشق، وسحبه من مناطق شمال غرب سوريا، التي تضررت بشكل كبير بفعل الزلزال، وكذلك سحب الحوالات غير الرسمية الواردة إلى مناطق سيطرة الوحدات الكردية وتركيا.

إضافة إلى ذلك، يضيف الكريم ل”المدن”، أن النظام يسعى إلى إغلاق القنوات غير الرسمية للتبرع للمناطق المنكوبة في إدلب وشمال حلب، وذلك من خلال خلق قنوات للتحويلات الرسمية إلى دمشق، باعتبار أن كثير من شعوب الدول لا تدرك الفرق بين المناطق المنكوبة الواقعة تحت سيطرة النظام وتلك المسيطر عليها من قبل المعارضة.

ولفت إلى أن حقيقة عدم التفريق من قبل الشعوب، يعود إلى “الأداء الإعلامي المسيس لإعلام المعارضة وفقاً للرغبة التركية”، والذي كان وفق وصف الكريّم “لا يرقى إلى مستوى الكارثة والتبعات التي خلقتها”، ما سيتسبب بخسائر كبيرة للسوريين في مناطق المعارضة على المستويين السياسي والاقتصادي بما في ذلك تخفيف القيود على البنك المركزي للنظام على اعتبارها قناة رسمية للحوالات.

كما يريد النظام عبر القرارين، إظهار نوع من الشفافية في التعاملات، بعد الاتهامات الموجهة إليه بسرقة المساعدات الدولية واستغلال الأموال الدولية. وفق ما ذكر الكريم.

سرقة موصوفة
لكن الكريم، توقّع أن يصل سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار إلى 8 آلاف ليرة، موضحاً أن الأموال الواردة عبر الحوالات بالقطع الأجنبي ستنحصر بخزينة المركزي السوري، بينما سيتم تسليم المنظمات بقيمتها ليرة سورية، ما سيدفع الشركات المستوردة إلى طلب القطع الأجنبي من السوق وتسعير المستوردات وفق الفواتير التداولية.

وعليه، يؤكد أن تلك الحوالات تخسر جزءاً مهماً من قيمتها خلال تسليمها بالليرة، كما أن هذه الحوالات تتجمع لدي البنك المركزي السوري الذي يمول احتياجات مستوردين محددين لديه، وبالتالي سيقود الى استمرار سياساته المتشددة للتعامل بالدولار، معتبراً “أننا أمام سرقة موصوفة رسمية لقيمة الحوالات دون أن يدرك المتبرعون تلك الحقيقة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى