مقالات

ميثاقية باسيل: “بيع وشراء” بحقوق المسيحيين و”صيف وشتاء” تحت سقف الشغور!

بمعزل عن الأجواء المسربّة و”المعلّبة” التي تتحدث عن خوض رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل كباشاً نيابياً مع رئيس المجلس نبيه بري لتحديد جدول أعمال الجلسة التشريعية المزمع عقدها الأسبوع المقبل، وبمنأى عن محاولات حرف الانتباه عن جوهر صفقة المقايضات التي يخوضها الجانبان برعاية “حزب الله” على طاولة التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم عبر اختلاق “أزمة رديفة” متصلة بالتمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، لم يعد خافياً خلف “بارافان” المناوشات الإعلامية والسياسية على خط ميرنا شالوحي – عين التينة، حقيقة أنّ باسيل تعهّد للثنائي الشيعي بتأمين الميثاقية المسيحية للتشريع وتغطية عملية القفز فوق الاستحقاق الرئاسي في الهيئة العامة… والباقي تفاصيل!

فعشية انعقاد هيئة مكتب المجلس بعد ظهر الاثنين للاتفاق على جدولة أعمال الجلسة التشريعية، بدت صورة استقبال برّي أمس ابراهيم، بنظر مصادر نيابية معارضة، بمثابة رسالة متعددة الاتجاهات تتمحور في عنوانها العريض حول عبارة “ما كُتب قد كُتب” في جدول الأعمال، بحيث يتربّع التمديد للمدير العام للأمن العام “إلى يمين” رئيس المجلس على رأس أولويات تشريع الضرورة، و”إلى يساره” عملية تمرير مشروع قانون “كابيتال كونترول” يدفن “قدسية الودائع” ويحمي المصارف من ملاحقات المودعين القضائية في الداخل والخارج… وفي المهمتين، اعتبرت المصادر أنّ رئيس “التيار الوطني” وجد الفرصة مؤاتية للغوص في “بازار مقايضات” مفتوح على عمليات “البيع والشراء” باسم حقوق المسيحيين.

وإذ لم تستغرب أن يبادر باسيل كما درجت العادة عند كل استحقاق إلى أن “يشهر سلاح الميثاقية لقنص المكاسب والمناصب”، لكنها توقفت هذه المرة عند حجم “الانفصام الفاضح في موقفه إزاء شرعية ودستورية انعقاد كل من مجلسي الوزراء والنواب في زمن الفراغ الرئاسي، معتمداً سياسة “الصيف والشتاء” في مقاربة هذه المسألة تحت سقف الشغور، فيذهب من جهة بعيداً في الاستقتال لحجب الميثاقية المسيحية ومنع انعقاد الحكومة لإقرار بنود حياتية طارئة ومُلحّة للناس بذريعة عدم دستورية التئامها في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية، ويذهب من جهة مقابلة بعيداً أيضاً في تأمين الميثاقية المسيحية لدفن أولوية انتخاب رئيس الجمهورية على جدول أعمال المجلس النيابي وفقاً للقاعدة الدستورية التي تفرض تحوّل المجلس إلى هيئة ناخبة حتى انتخاب الرئيس”، فضلاً عن تسجيل المصادر انفصاماً كبيراً كذلك بين أداء باسيل الإعلامي في مواجهة المصارف وعمليات تهريبها الأموال إلى الخارج، وبين مضيه قدماً في تغطية صفقة “الكابيتال كونترول” لحماية مافيا السلطة والمال من أي تبعات قضائية على ارتكاباتها بحق المودعين منذ العام 2019.

وفي السياق نفسه، برز أمس تصويب رئيس حزب “القوّات اللبنانية” سمير جعجع على ازدواجية المعايير التي يعتمدها “التيار الوطني الحر” في مسألة تغطية “جلسة تشريعية لم يعط الدستور حقاً بالتئامها”، بينما كان رئيس “التيار” يهاجم طيلة الأشهر الماضية الحكومة لاجتماعها بغياب رئيس الجمهورية “في الوقت الذي أعطاها الدستور إمكانية الاجتماع في الحالات الطارئة والمستعجلة”، واضعاً هذا الأداء المتخبط بـ”الفجور واللامنطق”… وسرعان ما ردّ “التيار” بمهاجمة جعجع في الشكل متهماً إياه بـ”تدمير موقع الرئاسة وصلاحيات الرئيس لأحقاد شخصية”، لكنه في المضمون بدا في بيانه كمن يتحسس الانعكاسات السلبية لمشاركة نواب “التيار الوطني” في الجلسة التشريعية على الساحة المسيحية من خلال الإيحاء بأنّ المعلومات التي تتحدث عن المشاركة من عدمها في الجلسة “مغلوطة”.

تزامناً، استرعى الانتباه على مستوى المواقف الخارجية من الأوضاع اللبنانية، إصدار بعثة الاتحاد الأوروبي والبعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والنرويج وسويسرا في لبنان بياناً، وضعه بعض المراقبين في خانة الاندفاعة الديبلوماسية المرتقبة باتجاه البحث عن حلول للملف اللبناني في ضوء نتائج وخلاصات اجتماع باريس الخماسي. إذ أعرب البيان عن “عميق القلق حيال الوضع الراهن في لبنان”، ودعا مجلس النواب إلى “الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية يوحّد الشعب اللبناني في إطار المصلحة الوطنية، كخطوة أولى لاستعادة قدرة مؤسسات الدولة اللبنانية على صنع القرار على المستويين الإداري والسياسي”، مع التشديد في الوقت عينه على جملة أولويات ضرورية في هذا المجال يتقدمها وجوب تنفيذ “كامل الخطوات التي سبق أن تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي”، مقابل الإعراب عن “استعدادنا لدعم لبنان على مسار الاستقرار الاقتصادي الكلي والمالي الذي يتطلب إصلاحات بنيوية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى