سياسةمحلي

أسباب جوهرية ألغت اجتماع 64 نائباً في بكركي.. الاشكالية ليست مسيحية والفاتيكان يتحرك

جملة اقتراحات كانت وضعتها بكركي لتحديد آلية اجتماع النواب المسيحيين الذي دعا إليه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي غداة لقاء رؤساء الطوائف المسيحية وممثليهم في لبنان لحثهم في أسرع وقت لانتخاب رئيس للجمهورية، ومنها أن يصار إلى طرح كل الأسماء المرشحة لرئاسة الجمهورية خلال الاجتماع، ويتم اختيار الفائز نتيجة حصوله على العدد الأكبر من أصوات الحاضرين، على أن يتعهد النواب المسيحيون الـ 64 بهذه النتيجة، فلا يلجأون إلى تعطيل النصاب.

الفكرة لاقت ترحيبا مبدئيا من قبل رؤساء الكتل والأحزاب، لكن ثمة محاذير وضعها البعض مع التأييد التام لأي اجتماع في بكركي أو سواها “شرط أن يتمتع الإجتماع بمقومات النجاح للخروج بالنتائج المنتظرة، مفضلاً عدم انعقاده إذا لم يؤد إلى نتيجة وكان فولكلورياً فقط” كما قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وعليه توجه وفد نيابي قواتي إلى بكركي حاملا اقتراحات عكست تصورهم للآلية المناسبة للخروج بنتائج إيجابية.

حزب الكتائب المتموضع في المعارضة، رحب بدوره بالإجتماع ولم يكشف عن شروط مسبقة لأي حوار إلا أنه طالب بتحديد جدول الأعمال وشكل اللقاء. وفي حين طرح رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل فكرة اجتماع الأقطاب المسيحيين في بكركي، إلا أن الراعي ارتأى أن يكون الإجتماع موسعا ويضم النواب المسيحيين.

بناء على ما تقدم جاء قرار تريث الراعي قناعة منه بأن عدم ضمان خروج اجتماع النواب المسيحيين في بكركي بنتائج عملية سيؤدي حتما إلى تحميل بكركي مسؤولية إخفاق المسيحيين في الإتفاق على رئيس وتقزيم المشكلة لتصبح مسيحية، مما يعطي فريق الممانعة فرصة لتسجيل هدف في مرمى الموقع المسيحي الأوحد في الشرق الأوسط.

ومع انفراط عقد اجتماع النواب المسيحيين في بكركي يطرح السؤال عن الخطوة التالية التي سيتخذها الراعي لإيجاد آلية حل لعقدة انتخاب رئيس للجمهورية وما هو دور الكرسي الرسولي في تأمين الدعم الروحي والديبلوماسي وما هي خارطة الطريق التي ستعتمدها الفاتيكان للحفاظ على موقع رئاسة الجمهورية المسيحي الوحيد في الشرق الوسط؟

في هذا السياق تشير مصادر مطلعة على دينامية بكركي عبر”المركزية” أن ثمة رؤيتان في التصدّي لخطر تعميم فرط عقد الصيغة الميثاقية اللبنانية بفعل اختلال ميزان القوى، وإحكام محور الممانعة بكل مكوّناته قبضته على مسار الدولة خيارات ومؤسسات من ناحية، إلى استمرار تشتت القوى السيادية الإصلاحية التغييرية من ناحية أخرى.

الرؤية الأولى اختارت الإنجياز لضرب العملية الديمقراطية بالدعوة لحوارٍ وطني كانت تجاربه السابقة كارثية، وبنتيجة فشل مرامها، إنتقلت إلى الخطة “باء” باعتبار أن إشكالية الشغور في موقع رئاسة الجمهورية تكمن في أزمة مسيحية – مسيحية.

أما الرؤية الثانية فتنحاز للتأكيد أن لبنان يواجه أزمة كيانية في ظل إصرار فريق الممانعة على الإنقلاب على الدستور، وضرب الميثاق وترسيخ خيار تغيير هوية لبنان الحضارية، وتفكيك عروبته، وجعله في حيّز الدول الفاشلة. فأي من الرؤيتين يؤرقان البطريركية المارونية من ناحية والكرسي الرسولي من ناحية أخرى؟

وتجيب ” أن “البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يستشعر من وراء إطالة أمد الشغور الرئاسي محاولةَ تعطيل كاملة للنظام السياسي وتصفية الدستور ، بما يريد من خلاله البعض فرض مؤتمر تأسيسي يُنهي مفاعيل اتفاق الطائف الذي لم يطبق ، وهذا سيُدخل لبنان في مجهول لا يُحمدُ عقباه، وبالتالي فإن الإشكالية ليست مسيحية بل وطنية .لكن لا بد من مبادرة قد تكون بدايتها مسيحية” وتلفت إلى “أننا ما زلنا في مرحلة التشاور”.

في ما يُعنى برؤية الكرسي الرسولي لإنقاذ لبنان، سيما وأنه يحمل في ديبلوماسيته همّ القضية اللبنانية، تلفت مصادر مواكبة للحركة المتماسكة الوطنية والعربية والدولية التي يقودها الفاتيكان “أن هوية لبنان في خطر. الأكيد أن الرئاسة مدخل إنقاذي لكن بناءً على أية رؤية وأي مشروع؟. فالمسيحيون مؤتمنون على بناء الصيغة والميثاق إلا أن تحوّلهم إلى مشاريع نفوذ لاحقة مُضِرّ”.

وتختم المصادر:” آن الأوان لمعالجة المسببات بدل إضاعة الوقت في التشخيص والإغراق في العوارض”.

المصدر
المركزية - جوانا فرحات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى