محلي

الانتخابات البلدية بين “حكي السرايا” و”كلام القرايا”… الصمد: المهمة الأصعب تأمين المبلغ المطلوب

يوميا تبعث حكومة تصريف الاعمال على لسان وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي برسائل تبدي فيها استعدادها وجديتها لاجراء انتخابات المجالس البلدية والاختيارية في الموعد المبدئي المحدد بعدما مُدّد لها عام اضافي.

لا بل ان الوزير المولوي يؤكد اصراره على انفاذ هذا الاستحقاق لانه لا هو ولا الحكومة ولا الأوضاع يتحملون بعد تبعات فراغ اضافي في واحدة من الادارات العامة ومن اكثرها التصاقا بحياة الناس وشؤونهم اليومية.

وفي معرض الافصاح والتأكيد على جاهزية الوزارة لتأدية هذه المهمة المولجة بها، اسهب المولوي امام لجنة الدفاع والامن النيابية في مجلس النواب في الحديث عن توافر الاستعدادات اللوجستية اللازمة لديها لضمان انفاذ نزيه وشفاف لهذا الاستحقاق محددا المبلغ المطلوب بـ11 مليونا و350 ألف دولار كلفة اجمالية.

من خلال “كلام السرايا” هذا يستشعر المتابعون ان هذه الحلقة المهمة من لعبة تداول السلطات المحلية آتية ساعتها لاريب، وان احدى محطات اللعبة الديموقراطية في البلاد ستُنجز كضرورة لتأمين سير المرفق العام واثبات حضور الدولة وقدرتها على انجاز ما هو مطلوب منها. لكن “اجواء القرايا” تبدو امرا مختلفا، فلا الناس يظهرون حماسة ولا القوى والاحزاب والتيارات وضعت قواعدها وانصارها في مناخات الاستعداد، بما لا يوحي ان الامر اخذ طريقه نحو التنفيذ العملاني في الموعد المبدئي على جاري العادة مع دنو موعد هذا الاستحقاق الذي يفترض ان يتم مرة كل ستة اعوام. وزاد الشك شكاً حين أُبعِد بند رصد المبالغ المطلوبة للانتخابات في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء ما أثار الشكوك في ترجيح احتمال تأجيلها وترحيلها.

ومن البديهي ان الوزير المولوي قد اسهب خلال اجتماعه مع اللجنة في الحديث عن امر معروف وهو الاحوال غير الطيبة التي آلت اليها المجالس الحالية بعد سبع سنوات على انتخاباتها، موحيا ان ما يقارب من ربعها هو في حال شلل وقعود عن القيام بأدوارها نظراً الى حل المجالس او توقفها بفعل الخلافات التي تعصف بين اعضائها، في حين ان ما تبقّى يعمل بالحد الادنى او آيل الى الشلل حتما.

وعليه، فان الوزير قدّم كل ما في جعبته من مبررات موضوعية تبرر اجراء هذا الاستحقاق لا بل توجبه، كما توسع في التأكيد على جاهزية وزارته ولم يتبقَّ الا ان يؤمّن له المبلغ المطلوب.

لكن رئيس لجنة الدفاع والامن النيابية جهاد الصمد لا يجزم بان الامر محسوم ومقضيّ وان الانتخابات جارية في موعدها، ويقول: “صحيح ان وزير الداخلية قد ابدى امام اللجنة استعداد الوزارة لتأدية كل ما هو مطلوب منها لوجستيا وامنيا لامرار هذا الاستحقاق الذي لا ينكر احد اهميته، وصحيح ايضا ان ثمة حاجة لاجراء الاستحقاق نظرا الى الدور الحيوي للمجالس البلدية في عمليات الانماء المحلي. واللافت ان كل المشاركين في اجتماع اللجنة بما يمثلون من كتل وقوى قد ايدوا توجهات الوزير ولم يبدِ اي منهم اعتراضا، ولكن على رغم اجواء الحكومة الواعدة وعلى رغم اجواء الكتل المشجعة والداعمة لاجراء هذا الاستحقاق المهم، الا اننا ما زلنا على شك من أمرنا، أو بمعنى آخر ما زلنا غير مطمئنين كل الاطمئنان الى امراره، اذ ثمة عوائق اساسية ما زالت تلوح في الافق خصوصا لجهة تأمين المبلغ المطلوب الذي حددته وزارة الداخلية. فبحسب ما بلغنا من مؤشرات ان وزير المال ابلغ من يعنيهم الامر ان هذا المبلغ غير متوافر في احتياط وزارة المال حاليا، وتاليا فهو يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء لفتح اعتماد اضافي في الوزارة يخصص لتأمين تمويل الانتخابات، ويحتاج في الوقت عينه الى تشريع في مجلس النواب، وكلا الامرين متعذران او دونهما صعوبات، اذ ان الحكومة هي حكومة تصريف اعمال في حين ان المجلس النيابي لا يمكنه حاليا ان يشرّع، فضلا عن ان الاحوال العامة التي تعيشها البلاد واستغراق الناس في همومها اليومية المعيشية المتفاقمة ووتيرة الانقسام الداخلي الفارضة نفسها كلها عوامل لا تشجع ولا تبشر بامكان اتمام هذا الاستحقاق بسلاسة في موعده المبدئي”.

“ولقد تناهى الى علمنا”، يستطرد النائب الصمد، “ان ثمة اصواتا تعترض بشدة على صرف هذا المبلغ المطلوب وانفاقه على هذا الاستحقاق، في حين ان ثمة حاجة ملحّة لان يصرف مبلغ معادل لأمر اكثر الحاحا وهو توفير تغطية مالية لازمة لتأمين وزارة الصحة العامة ادوية الامراض السرطانية وبعض الامراض المستعصية والمزمنة”.

ولا ينفي الصمد ان المشكلة التي لا يستهان بها هي “مرحلة ما بعد اجراء انتخابات المجالس البلدية في ظل الازمة المالية والاقتصادية الخانقة التي ترزح البلاد تحت وطأتها والمفتوحة على مزيد من التدهور والاحتدام. فالسؤال المطروح بالحاح: كيف ستقوم هذه المجالس البلدية المنتخبة حديثا بما هو مطلوب منها من مهمات انمائية وادوار اغاثية وهي الآن كما يعلم الجميع تبدو قاصرة عن القيام بأبسط ما هو مطلوب منها، فهي لا تملك على سبيل المثال من الاموال ما يمكنها من تغطية نفقات شاحنات جمع النفايات، فضلا عن ان الكثير من المجالس البلدية عاجزة عن تأمين رواتب العاملين فيها والمتعاقدين معها”.

وعليه يستطرد الصمد “ان كلاًّ من حكومة تصريف الاعمال والنواب على علم تام بكل هذه العقبات والمصاعب التي من شأنها ان تعرقل اجراء هذا الاستحقاق حاليا، لكنني ارى انهما يتشاطران ويتذاكيان بعضهما على بعض، اذ ان كلاًّ من الفريقين المعنيين يتحاشى الامساك بكرة النار ويتجنب مغبة الدعوة الى تأجيل هذا الاستحقاق والتمديد ثانية للمجالس الحالية، لان ايا منهما لا يريد ان يتحمل التبعة والنتائج ولا يريد تحديدا الظهور بمظهر المعرقل او البادىء بالدعوة الى التأجيل وينتظر الآخر ليطلق النفير ومن ثم يعلن تغطيته والالتحاق بالدعوة”.

ويخلص الصمد: “نحن في لجنة الدفاع والامن النيابية قمنا بما يتعين ان نقوم به، اذ استمعنا جميعا الى وجهة نظر وزير الداخلية وخريطة الطريق التي وضعها لاجراء الانتخابات واستمعنا ايضا الى مطالبه، ويبقى ان تأمين المبلغ المطلوب هو بيت القصيد او هو التحدي الملقى على عاتق الحكومة والمجلس ونحن بالانتظار”.

المصدر
ابراهيم بيرم - النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى