مقالات

المفقودون اللبنانيون في تركيا… الأهالي يروون حكايا الوجع والإنتظار

باسل حبكوك وهو من بلدة مغدوشة، وإيلي حداد من حاريصا، عبد النور حجاج وعائلته من قضاء زغرتا، فاطمة رامز زكريا من باب التبانة طرابلس، انقطع الاتصال بهم جميعهم وهم كانوا موجودين في منطقة هرمان – مرعش وأنطاكيا.

تحت الأنقاض، مئات الأرواح تصارع للبقاء حيّة بعد الزلزال الذي ضرب تركيا و سوريا، الخوف يكبر لأن الوقت عدو شرس في كوارث مماثلة، الهواجس تتفاقم والألم يزداد قساوة لمعرفة أي خبر عن المفقودين. تنتظر عائلات وأقارب المفقودين اللبنانيين على السكة الأخرى، ينتظرون أمام الهاتف ليرن وتبرّد المكالمة المنتظرة نار قلوبهم.

تمرّ الساعات ولا خبر عنهم، لا إرسال في المنطقة المنكوبة، وبعض المناطق مقطوعة الأوصال عن غيرها ولا يمكن لأحد الدخول إليها. الانتظار حرب نفسية موجعة، أخبار كثيرة متناقلة، لا يعرف الدقيق منها من الكاذب. 

تعمل السفارة اللبنانية في تركيا مع السلطات التركية والجهات المعنية للكشف عن مصير المفقودين اللبنانيين، وكما أكد السفير اللبناني في تركيا غسان المعلّم أننا “تبلغنا بوجود حوالى 10 إلى 15 لبنانياً معظمهم في حالة جيدة، ونجحنا في التواصل معهم، في حين أن هناك حوالى 4 إلى 5 أشخاص موجودين تحت الأنقاض”.

ومع ذلك، لا يوجد إحصاء دقيق لعدد اللبنانيين الموجودين في تركيا، لأن بعضهم غير مسجلّ وهو في رحلة سياحة أو عمل.

ويصف المعلّم الوضع بالـ”صعب جداً”، والمشاهد “أقسى بكثير مما نراه على شاشات التلفزة، بعض الطرقات مقطوعة ولا يمكن الدخول إليها نتيجة الدمار الهائل، وتعمل طواقم الإنقاذ التركية على تلبية النداءات، وننتظر جواباً عن مصير اللبنانيين المفقودين”.

وأشار إلى أن “فرق الإنقاذ تحاول الوصول إلى المنطقة التي يوجد فيها اللبنانيون المفقودون نظراً للمساحة الشاسعة التي ضربها الزلزال وقطع فيها طرق الإمداد والمواصلات. ولقد أبلغنا السلطات التركية وهيئة الإغاثة “آفاد” ووزارتي الداخلية والخارجية عن المفقودين اللبنانيين تحت الأنقاض في انتظار الحصول على أي جواب وهم في عملية بحث مستمر. كما وصل وفد لبناني مؤلف من 72 شخصاً من فوج الهندسة في الجيش والإطفاء والصليب الأحمر وهيئة الكوارث للمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ في تركيا، وسنبقى على تواصل مع عائلات المفقودين لإعلامهم بأي جديد”.

تستغيث عائلة باسل حبكوك بالسلطات التركية واللبنانية لمعرفة مصير ابنها المفقود في تركيا، ويؤكد شقيقه فادي أن “باسل وصل فجر الأحد عند الساعة الواحدة فجراً إلى منطقة انطاكيا أي قبل ساعتين من حدوث الزلزال. وعند وقوع الزلزال كان في الفندق وقد علم من السائق الذي أوصل شقيقه إلى هناك أن بعض طبقات الفندق مهدمة ولا إرسال في المنطقة ويتعذر التواصل مع شقيقه”.

باسل، البالغ من العمر 45 عاماً، كان في رحلة عمل برفقة صديقه إيلي حداد الذي يعمل أيضاً في الباصات، وكانا يتحضران للذهاب في اليوم التالي إلى المدينة الصناعية القريبة من الفندق لشراء بعض القطع. ويوضح شقيقه فادي “أننا لم نتبلغ حتى الساعة أي خبر عنه وعن صديقه، ونحن في تواصل دائم مع الأشخاص هناك وننتظر بفارغ الصبر أن نعرف أي معلومات تبرّد نار قلوبنا، خصوصاً أنه متزوج ولديه ولدان يتراوح عمراهما بين 8 و10 سنوت”.

صرخة فادي شقيق باسل تتشابه بوجعها مع صرخة ابن خال المفقود عبد النور عجاج، الحسرة والخوف نفساهما ولا خبر يخفف من وطأة الكارثة.

ويوضح محمد هاشم العبدالله ابن خال المفقود عبد النور عجاج أن “لا إرسال في المنطقة التي يسكن فيها عبد النور مع شقيقه مصطفى (21 عاماً)  وشقيقته ماريا (30 عاماً)  ووالدته منى جودر عجاج ( في الأربعينيات)  في هرمان – مرعش. وقد انتقلوا إلى هناك منذ 4 سنوات في حين يعيش شقيق آخر في ولاية أخرى لاستكمال دراسته الجامعية. ويحاول الشقيق الذي نجا من الزلزال الوصول إلى المنطقة المنكوبة ولكنه يحتاج إلى 3 أيام حتى يتمكن من الوصول إليها نتيجة الدمار الهائل الذي أصاب المنطقة”.

عبد النور عجاج 

ويضيف أن “عبد النور وعائلته يعيشون في الطابق الخامس في بناية مؤلفة من 10 طبقات، ولم نعرف حتى الساعة أي خبر عنهم ولم نتمكن من التواصل مع أحد في المنطقة لإطلاعنا على أي جديد. ونتوجه إلى السلطات اللبنانية والتركية المساعدة لمعرفة مصيرهم المجهول”.

هذا وتستمر حصيلة ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب أجزاء من تركيا وسوريا في الارتفاع مع تواصل عمليات الإنقاذ.

وأعلنت الهيئة العامة لإدارة الكوارث في تركيا، اليوم، ارتفاع عدد القتلى إلى 3381 قتيلاً، ما جعل إجمالي الخسائر البشرية المؤكدة في البلدين يصل إلى 4890 قتيلاً جراء زلزال يُعدّ الأقوى في المنطقة منذ نحو قرن.

في حين أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها تتوقع الأسوأ وتخشى أن تكون “الحصيلة أعلى بثماني مرات من الأرقام الأولى المنشورة”.

المصدر
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى