مقالات

ست الدنيا تريد أن تعرف الحقيقة

هل أُسدلت الستارة على جريمة تفجير مرفأ بيروت بحيث لن يعود ممكنا ان نعرف حقيقة واسباب ذلك الإنفجار الضخم!!؟؟
بدا واضحا في البداية اهتمام المجتمع اللبناني ومعه المجتمع الدولي بهذه الجريمة التي وقعت في 4/آب/2020 الذي صنف انفجارها الضخم بأنه ثاني انفجار غير نووي في العالم.
لكن الأمور تعثرت منذ بداية التحقيقات اذ انهالت طلبات رد المحقق العدلي الخاص الذي عينته الحكومة للتحقيق في اسباب هذا الإنفجار. وقد جرى رده فعلا واستبدل بآخر والذي تعرض هو الآخر وما يزال لطلبات رد مماثلة.
لقد واكبت هذه الهجمة القانونية هجمة سياسية تطالب بعدم التوسع في جريمة هذا الإنفجار والإكتفاء باعتباره اهمالا ليس اكثر. قد بلغ هذا الموقف مداه عندما بدأ قاضي التحقيق يستدعي شخصيات رسمية وقادة اجهزة امنية وعسكرية.
لقد كانت نية المحقق من وراء استدعاء من ذُكر هي على ما نعتقد تطبيق قاعدة مسؤولية الرئيس التسلسلي عن اعمال مرؤوسيه هذه النظرية التي اخذت بها وطبقتها محاكم نورمبرغ الشهيرة التي انعقدت بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية وحاكمت وادانت قادة عسكريين في الجيش الياباني عن اعمال حربية ارتكبها جنود هؤلاء القادة.
لذلك كان التمسك بالحصانات القانونية من قبل المدعوّين الى المحاكمة في جريمة تفجير مرفأبيروت والمبالغة في استعمال هذا الحق قد منع التحقيق من معرفة الكثير من المعلومات الهامة المتعلقة بجريمة التفجير،وكذا الأمر في ما يتعلق بالوثائق الخارجية التي تعذر الحصول عليها لأسباب غير معروفة.
زيادة على ذلك برزت مواقف بعضها كان صريحا تحذر من التوغل بالتحقيق والتفتيش عن بعض التفاصيل الدقيقة بحجة الإرتياب بشخص القائم بالتحقيق.

كل هذه الأسباب مجتمعة وكذلك المعطيات ادت الى تكوين فكرة ان ثمة من لا يريد ان تُعرف اية تفاصيل تتعلق بجريمة التفجير والإكتفاء بذلك القدر القليل الذي امكن الحصول عليه.
ان ما اثار الريبة والشك هو ان ذلك الستار الكثيف من التعتيم حول الجريمة حال دون معرفة بعض الحقائق الهامة التي لو عرفت لكان الأمر مختلفا مثل معرفة لماذا وصلت مادة النيترات التي انفجرت الى بيروت, ولماذا ابقيت في المرفأ طيلة سبع سنوات من دون ان يُسأل عنها احد، ولماذا لم يتم التصرف بها سيما وانها مواد شديدة الإنفجار، والى ما هنالك من تساؤلات مقلقة.
ومؤخرا، وبطريقة اقل ما يقال عنها انها مشبوهة جرى اطلاق سراح جميع الأشخاص الذين كانوا موقوفين في القضية على ذمة التحقيق وذلك نتيجة الضغوطات القوية التي مارستها احدى الدول. وهذه العملية التي تخلت عنها السلطة السياسية قد تكون قد حرمت التحقيق من معرفة بعضٍ من الأمور الهامة.
يظهر من كل ما تقدم ان ثمة رغبة او نية في عدم وصول التحقيقات الى كشف الحقيقة والتي ربما كانت ستلقي الضوء على جوانب هامة وخطيرة ليس من مصلحة من يهتم بالأمر ان تُعرف نظرا لما تشكله هذه الحقيقة من تسليط الضوء على وقائع سرية يجب ان تبقى بعُرف اصحابها سرا لا يُعرف.
بيد انه ليس مسموحا ان تبقى هذه الجريمة، جريمة تفجير بيروت ومرفئها مقيدة ضد مجهول ومنسوبة الى مجرد اهمال او قلة انتباه لأن ارواح الضحايا البريئة لن ترتاح ولن يرتاح اهلها ولا اللبنانيون ان تبقى هذه الجريمة غير معروف حقيقتها خصوصا معرفة من فجر المادة المتفجرة ولماذا فجرها.
لذلك سوف تبقى ست الدنيا بيروت عيناً ساهرة ومتابعة مستمرة لمعرفة حقيقة ما حصل في مرفئها لأن الحقائق لا تموت بمرور الزمن.

المصدر
القاضي الدكتور حاتم ماضي - اللواء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى