سياسةعربي ودولي

فرنسا غير مرغوب بها في أفريقيا

يستعد نحو 400 جندي فرنسي لمغادرة أراضي بوركينا فاسو، خلال الأسابيع المقبلة، ليلحقوا بأكثر من 2400 من زملائهم الذين خرجوا من مالي المجاورة في ديسمبر 2022؛ وسط تصاعد مستمر في المشاعر المعادية للوجود الفرنسي في إفريقيا.

وأثارت هذه التحولات المتلاحقة أسئلة مهمة حول الأسباب التي أدت إلى تصاعد الاستياء الشعبي ضد فرنسا في مستعمراتها القديمة وحول الاستراتيجية الجديدة التي يمكن أن تتبعها باريس وطبيعة التنافس الدولي على المنطقة خلال الفترة المقبلة.

وتأتي هذه التطورات في ظل متغيرات خلال السنوات الثلاث الماضية نجمت عن سقوط وتغير أنظمة حكم في دول مثل مالي وبوركينا فاسو؛ كما تزامنت مع ازدياد المخاوف الأمنية في عدد من بلدان غرب إفريقيا.

واتسعت رقعة الأنشطة الإرهابية في دول غرب إفريقيا بشكل غير مسبوق خلال الفترة الأخيرة مما أدى إلى مقتل وتشريد عشرات الآلاف من مناطقهم الأصلية خصوصا في مالي بوركينا فاسو ونيجيريا.

وفقا لتقديرات مؤشر الإرهاب للعام 2022؛ الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام؛ فقد فشلت حتى الآن الاستجابات الدولية والإقليمية للعنف في وقف الزيادة المتواصلة في مستويات الإرهاب.

وزاد عدد الهجمات الإرهابية المنفذة في المنطقة بمعدل 55 بالمئة، وارتفعت حصة المنطقة من مجمل وفيات العالم الناجمة عن عمليات إرهابية من 1 بالمئة في 2007 إلى 35 بالمئة.

يرى مراقبون أن من أبرز الأسباب التي أججت الغضب الشعبي في المنطقة هو اتهام القوات الفرنسية بالفشل في وقف الهجمات الإرهابية المتزايدة التي تتعرض لها عدد من بلدان المنطقة؛ خصوصا مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

ويسود اعتقاد واسع أيضا بعدم اهتمام فرنسا بالعلاقات الاقتصادية؛ حيث تبلغ حصة بلدان غرب إفربقيا أقل من 2 بالمئة من تجارة فرنسا الخارجية؛ كما لا تتعدى استثمارات فرنسا في تلك البلدان 1 بالمئة من إجمالي تدفقاتها الخارجية.

من غير المتوقع أن تتخلى فرنسا كليا عن نفوذها الأمني الكبير في المنطقة.

وفي الواقع أولت فرنسا أهمية كبيرة لاستراتيجياتها العسكرية في سياساتها تجاه إفريقيا؛ حيث وقعت اتفاقيات تعاون عسكري مع أكثر من 40 دولة إفريقية؛ ولديها قواعد عسكرية وبحرية في مواقع استراتيجية مختلفة في القارة.

ونفذت فرنسا خلال العقود الست الماضية أكثر من 60 تدخلاً عسكريا في إفريقيا.

ويرى مراقبون أن فرنسا تسعى؛ بعد انسحابها العسكري من مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى في 2022 والانسحاب المتوقع من بوركينا فاسو بنهاية فبراير؛ إلى تبني استراتيجية عسكرية جديدة تتيح لها وجود أكثر فاعلية بعدد أقل من الأفراد.

كما يتوقع أن تعمل على الحفاظ على نفوذها من خلال آلية أوروبية مشتركة؛ حيث تشير تقارير إلى مباحثات مكثفة بين باريس ولندن وعواصم أوروبية أخرى من أجل بلورة آلية مشتركة تنفذ فرنسا من خلالها المزيد من المهام والسلطات الأمنية في غرب أفريقيا.

المصدر
skynewsarabia

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى