مقالات

أي اغتيال كبير ينتظرنا؟!


لسنا بحاجة الى دليل آخر على تداعي الجدران الأخيرة للهيكل. الصراع بين بعض القوى الخارجية حول لبنان البديل في ذروته. أي اغتيال كبير، أي انفجار كبير، ينتظرنا لتفتح بوابات الدم. لا داعي للضجيج العبثي حول القصر. أي رئيس جمهورية لأي جمهورية؟

نجوم الطبقة السياسية يعلمون ذلك. لماذا هم باقون في مواقعهم، ولم يحزموا حقائبهم، ويرحلوا الى حيث ثرواتهم، وأموالهم المنهوبة، وعائلاتهم التي، لرهافة أحاسيسها، لم يعد بامكانها العيش بين تلك الحثالة التي لا تتوقف عن الأنين، وقد ذهب الصراخ أدراج الرياح ؟

لا دولة ولا شعب. هل حقاً أن القوى الخارجية التي تمسك بكل الفضائح المالية، وحتى الفضائح السياسية، للأوليغارشيا الحاكمة أرغمتهم على البقاء كأدوات في تنفيذ السيناريوات التي تتلاءم ومصالحها الجيوسياسية، وحتى مصالحها الايديولوجية؟

أكثر من سيناريو هناك، وفي حال تصادم في ما بينها. اما تفكيك لبنان، أو اقامة نظام بديل يليق بكهوف تورا بورا، أو تغيير الصيغة الدستورية، والديموغرافية، لدولة لم تكن يوماً لأهلها. للقهرمانات التي بخدمة هذا البلاط أو ذاك البلاط…

شيء ما يشبه «الجوراسيك بارك». حتى «الفيغارو» تقول ذلك. حديقة الديناصورات. ليعذرنا ستيفن سبيلبرغ لاستعمالنا عنوان سلسلة أفلامه الشهيرة. مثلما يستنسخ الديناصورات في السلسلة، يستنسخ نواب التغيير…

أي مؤسسة عسكرية وأي مؤسسة أمنية حين تعتمد، حتى في قوتها اليومي، على المعونات الخارجية. ولقد آن الأوان للسفيرة دوروثي شيا أن تخجل في ظهورها اليومي في الاعلانات التلفزيونية لتعرض لنا أنواع الفتات الذي تقدمه بلادها الينا. لاحظوا بأي طريقة مهينة يتم استنطاق المستفيدين من هذا الفتات!

نأخذ تعبير خوسيه ساراماغو «بروباغندا العار» حين تقرع الطبول من أجل 72 مليون دولار للجيش ليبقى ضباطه، وجنوده، على قيد الحياة، أو ليبقوا في مواقعهم ولا ينقضّوا، بببنادقهم، وبدباباتهم، على القصور التي يفترض أن تتحول الى مقابر لمن دفعوا بنا الى ما بعد، ما بعد، جهنم…

أيها العسكريون الأعزاء، عن أي دولة وعن أي شعب تقضون ليالي الصقيع في العراء؟

لطالما ثابرنا على الكتابة أن «اسرائيل» تراهن على زوال الدولة في لبنان، لتستأثر بالغاز الذي في مياهنا، وربما لستأثر بمياهنا التي تذهب هباء الى البحر المتوسط، وربما الى بحر مرمرة (هل تعلمون أين يصب نهر العاصي)؟

المرة تلو المرة نعود الى «الكوميديا الالهية» لدانتي الذي رأى في الجحيم أناساً لا يعيشون ولا يموتون. هذه حالنا بالتمام والكمال. ماذا حين لا يستبعد ديبلوماسي مصري مخضرم الصلة بين ما يفعله الحاخامات (بملابس الجنرالات) بالفلسطينيين، وما يحدث في لبنان، وفي سوريا أيضاً.

ذاً، افتحوا الأبواب ليخلو ما تبقى من فلسطين من الفلسطينيين، وليخلو لبنان من اللبنانيين، ليخرج دافيد بن غوريون، أو تيودور هرتزل، من قبره، ويعلن تنفيذ الوعد الالهي باقامة… أمبراطورية يهوه!!

ها اننا ندخل الى القرن بنجومنا في مهرجانات العرب وفي مقاهي العرب. هذه بضاعتنا، بدل الأفيون والكبتاغون. أين ذاك اللبنان الذي صنعه الخيال الرحباني ودمره من هم بخيال الأبالسة؟

ويبقى رهاننا ـ رهاننا الفولكلوري دوماً ـ على مؤتمر باريس. لا نستبعد وجود بند وحيد على جدول الأعمال. كيفية تأجيل موت لبنان الى اللحظة التي يبرز فيها السيناريو الذي سينفذ على الأرض. أية أهوال تنظرنا حين تتصادم السيناريوات فوقنا؟ هذا ما جرى، تحديداً، على الأرض السورية، ليستكمل على الأرض اللبنانية…

اذًاً، نجوم الطبقة السياسية باقون على أكتافنا حتى آخر لبناني. ولندع نجوم التغيير (يا لعبقرية هؤلاء!) يبحثون عن موطئ قدم داخل تلك المتاهة، وهم يرقصون، ويتراقصون، على الشاشات.

ركام عجيب كلبنانيين. وصلنا على صوت فيروز الى القمر ولم نتمكن، بصراخ الشوارع، من الوصول الى غرفة نوم أحد أوثاننا لنلقي به في «طنجرة المردة»، وحيث القراصنة يضعون (أو يطهون) أشياءهم القذرة…!

المصدر
نبيه البرجي - الديار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى