إقتصاد

مصرف لبنان يواجه وحيدا “حيتان المال” في حربه ضد ارتفاع الدولار

اذا يمكن لمصرف لبنان ان يفعله ولم يقم به في مواجهة “حيتان المال ” اللاهيثين وراء العملة الخضراء على حساب ليرتهم اللبنانية التي فقدت ٩٥ في المئة من قيمتها ؟
كثيرون يواجهون مصرف لبنان بطريقة مباشرة او غير مباشرة اولهم المضاربون الطبيعيون الذين يستغلون الفرص للانقضاض على فريستهم وتحقيق الارباح دون اي رادع اخلاقي او انساني او حتى وطني، الصرافون الذين يتلاعبون بالعملة كوظيفة او استثمار في الوقت الضائع وفي غياب اي رادع بعد ان فشلت الدولة في الاقتصاص منهم في ظروف سابقة، الموظفون في القطاع العام الذي سمح لهم بتحويل اموالهم اللبنانية الى الدولار لتحقيق ربح قليل، السياسيون الذين تستمر مناكفاتهم غير عابئين بمصير وطن في ظل الفراغ ان كان على صعيد انتخاب رئيس للجمهورية او تشكيل حكومة اصلاحية، المصارف التي تحاول لملمة بعض العملة الخضراء مع القحط في الممارسة، القضاة الذين ظهرت خلافاتهم علنا واثرت في المشهد النقدي والمالي، واخيرا بعض الذين يديرون مواقع الكترونية في الخارج والتي تؤثر في ارتفاع الدولار، الخبراء العرافون الذين يطرحون ارقاما مستقبلية لسعر صرف الدولار وذلك بغض النظر عن عدد الاعداء الذين يريدون اسقاط رياض سلامة ولو سقطت معه الليرة اللبنانية اضافة الى الدعاوى المقامة ضده وتلهيه عن القيام بواجباته.

تجاه هؤلاء ماذا يمكن ان يفعل مصرف لبنان بإصداره التعاميم والقرارات والاجراءات “والمنصات “؟

جنون الدولار يضرب كل شيء ولا يوجد احد من يردعه حتى مصرف لبنان الذي هو المسؤول عن ضبط سعر الصرف ولجم الدولار بعد ان باءت محاولاته كلها بالفشل، صحيح انه تمكن من تخفيضه في بعض الاحيان ولكن يدا واحدة لا تصفق لان مصرف لبنان ليس الوحيد المسؤول عن الاستقرار النقدي بل هناك مسؤولون يجب ان يعاونوه ومنهم وزير المالية الملتهي بفرض المزيد من الضرائب على القطاع الخاص ومنهم سياسيون يمكنهم مساعدة مصرف لبنان بتخفيض نسبة التوتر بتصاريهم التي تبقى اقوى من اي سلاح يمكنه ان يستخدمه ومنهم الخبراء الذبن اصبحوا منجمين يتحدثون عن اسعار مستقبلية مرعبة عن سعر صرف الدولار .

ولم تستغرب مصادر مصرفية مطلعة استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار وتخطيه الارقام القياسية، معتبرة ان “الاسباب باتت معروفة واهمها عدم قدرة مصرف لبنان على لجمه بعد فشل تدخله عبر منصة “صيرفة” وبدلا من اقتراب هذه المنصة من السوق السوداء اصبحت اليوم تلاحقها ولا تستبعد هذه المصادر ان يتم رفع منصة صيرفة الى اكثر من سعرها الحالي وهو ٣٨ الف ليرة.

وتتابع: اضافة الى ذلك، لا يمكن للدولار ان يتراجع في ظل وجود ارض خصبة للتعامل معه خصوصا انه متفلت من اي قيد ولم يعد يهاب اي تدابير ردعية تواجهه، مع العلم ان حتى المطالبة بإقرار الكابيتال كونترول ذهبت ادراج الرياح عندما تم ربط اقراره ببقية المواد الاصلاحية ولا يعرف متى يتم ذلك اذا كان المجلس النيابي هيئة ناخبة وليس هيئة تشريعية .

وتعتبر المصادر المصرفية ان “المعالجة معروفة والدواء معروف، لكن مع الاسف هناك حسابات اخرى يلجأ اليها البعض ولو كانت على حساب الليرة التي فقدت الكثير من قيمتها، وبالتالي فإن الكل متفق على مواجهة مصرف لبنان الذي بات الحصن الوحيد في الدفاع عن العملة الوطنية”.

ويتساءل معنيون عما اذا كان لدى مصرف لبنان تدابير جديدة تساعد على لجم جنون الدولار.

ولا تستبعد ان “يطرأ جديد على تطور سعر صرف الدولار المستمر في الارتفاع، بانتظار اول شباط المقبل حيث سيرتفع السعر الرسمي الى ١٥ألف ليرة وتداعيات هذا القرار.

الارتفاع المتلاحق للدولار في السوق السوداء هو خطوة متوقعة، انما قفزاته القياسية لا تزال تشكّل مفاجأة بعد ان سجّل سعر الصرف نحو 50 الفاً خلال عطلة نهاية الاسبوع، افتتح اول الاسبوع بارتفاع إلى 51 الفاً، ما لبث ان وصل الـ52 الفاً ثم 53 الفاً و400 ليرة ليصل إلى 54 و 400 الف ظهراً والاقتراب من عتبة الـ55 الفاً مساء.اي ان الارتفاع خلال ٢٥يوما طار من ٤٣الفا الى ٥٥ الفا اي بارتفاع نسبته قاربت ال٢٧ في المئة.

هذه التقلّبات السريعة للدولار تؤكد ان مصرف لبنان ومنصته فقدا السيطرة الكاملة للمركزي ولصيرفة في السوق لا سيما بعد فشل تدخّله الاخير الذي حصل نهاية العام الماضي، إذ لم يفلح في تهدئة السوق أكثر من ايام معدودة، بتداول كثيف تخطّى المليار و200 مليون دولار؟ مع العلم ان ميزانية مصرف لبنان الصادرة في النصف الاول من شهر كانون الثاني اظهرت ان مصرف لبنان ما زال محافظا على الاحتياطي المقدر ب١٠مليارات دولار.

في هذا الوقت يبدو ان اسعار المحروقات اصبحت تنافس الدولار في صعودها وكذلك اسعار السلع. وتحمل المزيد ايها المواطن.

المصدر
جوزف فرح - الديار

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى