نكبة لبنان الكبرى وضرب الزعماء الموارنة
ما حصل على مستوى القضاء اللبناني، من خلال القرارات المضادة لبعضها بين القاضي العدلي طارق البيطار وبين المدعي العام التمييزي غسان عويدات ادى الى نكبة كبيرة.
بيد ان السلطة الثالثة في لبنان هي السلطة القضائية التي اصيبت بضربة في مصداقيتها وتراتبيتها ومن هو صاحب القرار حتى ان الشعب اللبناني انقسم بين مؤيد لبيطار واخر مؤيد لعويدات. والحال ان القاضي عويدات اتخذ قرارا كبيرا بالافراج عن 18 موقوفا سواء بتهمة الاهمال او غير ذلك في انفجار مرفأ بيروت حيث ان القانون يقول ان المدعي العام التمييزي لا يستطيع الافراج عن الموقوفين بل هذه صلاحيات المحقق. وخلاصة القول ان الاخير هو الذي يوقف المواطنين بعد التحقيق معهم او يقرر اخلاء سبيلهم ولاحقا يرفع تقرير التوقيف للنيابة العامة التمييزية التي تعترض او توافق على هذا الموضوع. كما ان الضابطة العدلية هي بتصرف المدعي العام التمييزي يأمرها مباشرة ومن حق المحقق العدلي ان يوقف متهمين او شهودا اثر التحقيق معهم . ولكن للاسف اختلط الحابل بالنابل بعدما تضاربت صلاحيات القضاة دون وجود حل لهذه الازمة القضائية. ذلك ان المجلس العدلي يحاكم القاضي العدلي ولكنه لا يستطيع تعيين بديل عنه ولا حتى وزير العدل يحق له تعيين بديل عن المحقق العدلي، انما الحكومة وحدها تتمتع بهذه الصلاحية. وعليه، لا يستطيع عويدات تغيير القاضي العدلي ولا يستطيع الافراج عن الموقوفين الا اذا ارسل اليه القاضي العدلي لائحة يطلب رأيه بتوقيف 17 شخصا وعندئذ يبدي رايه الرئيس غسان عويدات ويخلي سبيل من يراه مناسبا او يبقيه موقوفا.
وحقيقة الامر ان مجلس القضاء الاعلى هو المولج بحل مسالة الاشكال القائم بين المحقق العدلي وبين النائب الاول التمييزي، وهذا ما لم يفعله امس رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود، وبقي خارج الصراع. ومن خلال ما جرى، تشوهت صورة القضاء نتيجة الخلاف العميق الحاصل بين البيطار وعويدات.
اضف الى ذلك ان رئيس مجلس الاعلى للقضاء القاضي سهيل عبود تم وضعه في وجه ازمة قضائية كبرى لا يمكن حلها الا من خلال مجلس الوزراء وهو السلطة التي تتخذ القرارات بتغيير اي قاض من مركزه وبالتالي هذا القرار ليس من صلاحيات وزير العدل.
ذلك ان ملف انفجار مرفأ بيروت هو موضوع دقيق جدا فهو من اكبر انفجارات حصلت بعد القنابل النووية التي القيت في الحرب العالمية الثانية انما انفجار بيروت كان غير نووي. وعند حصوله، حضرت فرق فرنسية وبريطانية واميركية للتحقيق في انفجار 4 آب ونفذت تحقيقها لكنها لم تقدم اي معلومات للدولة اللبنانية. اما روسيا، فقد اعطت صور الاقمار الصناعية لوزير الخارجية الدكتور عبدالله بو حبيب غير ان هذه الصور لم تفدنا بشيء. وكيف ننسى انه قتل 200 مواطن لبناني من اطفال ورجال ونساء وجرح ستة الاف واصيبوا اصابات خطرة ومن بينهم من تم بتر يده ورجله ومنهم من اصابه الحريق ولا يزال يعالج حتى اللحظة.
اليوم يطالب اهالي الضحايا بحقهم ويريدون معرفة مصير اولادهم الذين لم يجدوا لهم اثرا من جراء الانفجار الكبير. اما الدولة اللبنانية فلم تقدم تعويضات كافية لثلث العاصمة بيروت التي دمرت فضلا عن انه كان يجب اعادة اعمار ثلث بيروت الحضاري ولكن الدولة تقاعست عن تنفيذ واجباتها.
وهنا لا بد من الالتفات الى جانب خطر مما حصل قضائيا وهو ان المراكز المارونية يجري ضربها وتحطيمها ولنبدأ بحاكم مصرف لبنان الذي تم تشويه صورته وتحميله الازمة المالية دون اثبات الا هجوم الرئيس السابق ميشال عون على سلامة. وهذا المركز ماروني بامتياز ومن اعلى المراكز فماذا يستطيع ان يفعل حاكم المصرف المركزي الجديد بعد رياض سلامة الا الخضوع للسياسيين ودخوله في المنظومة السياسية ومشاورة المراجع السياسية في كل قرار نقدي يريد اخذه. من هنا يطرح كثيرون التمديد لسلامة لانه وقف جبارا امام حملة تشويه صورته.
ولننتقل الى ملف ساخن اخر. المركز المهم مارونيا ايضا هو مركز قائد الجيش والخلاف الحاصل اليوم بين وزير الدفاع وقائد الجيش على تعيين ضابط خلفا للمفتش العام االواء ميلاد اسحاق الذي احيل الى التقاعد فكان ان عين وزير الدفاع المفتش العام الجديد. وقام قائد الجيش بتعيين ضابط اخر لمركز المفتش العام للجيش لمدة شهر ثم الحقها ببرقية العماد جوف عون عن تعيينه مفتش في المؤسسة العسكرية حتى اشعار اخر فكان ان صرح وزير الدفاع اللبناني موريس سليم للزميلة جريدة الاخبار بانه سيذهب الى طلب اقالة قائد الجيش العماد جوزيف عون وهذا امر خطر جدا ويضرب المركز الاول في البلاد من المناصب المارونية لان مركز قائد الجيش هو افعل مركز لتحقيق السلم الاهلي وتامين الاستقرار فضلا عن اتخاذ القرارات المصيرية عندما يدق النفير سواء من خطر على لبنان ام من محاولات لتقسيم لبنان.
نحن نعالج موضوع ملف انفجار مرفا بيروت، ولكن لا يمكن الفصل بين ما يحصل في الصراع القضائي حول الانفجار وبين ضرب ثلاثة اهم مراكز مارونية وهي حاكم مصرف لبنان ورئيس مجلس القضاء الاعلى وقائد الجيش اللبناني. وهذه المناصب يتحملون مسؤوليات جمة على عاتقهم فهل ما يحصل هو صدفة؟ ام المطلوب ضرب المراكز المارونية الكبرى من خلال تدمير المؤسسات التي يقودها المسؤولون الكبار الموارنة. وعلى سبيل المثال:
الصراع القضائي ضرب موقع رئيس مجلس الاعلى للقضاء القاضي سهيل عبود بتعطيل سلطته في ظل غياب رئيس للجمهورية.
ثانيا، ان تشويه صورة حاكم مصرف لبنان دون اي دليل كذلك هو ضربة للمركز الماروني لحاكمية مصرف لبنان وكأن المقصود ضرب شخصية مارونية عالية وواسعة الصلاحيات على غرار حاكم مصرف لبنان.
ثالثا، ان الجيش اللبناني حامي الوطن وشعاره شرف تضحية وفاء وقائد الجيش ماروني له الاهمية الكبرى وطنيا ويشكل ضمانة للجميع وتحديدا للموارنة فكيف ينشر وزير الدفاع حديثا صحافيا يقول فيه انه سيطلب اقالة قائد الجيش جوزف عون. وهل المطلوب محاولة اضعاف معنويات قائد الجيش؟
في نهاية المطاف، نقول ان ما يجري في لبنان ليس صدفة بل هنالك مخطط لضرب المؤسسات وخاصة تلك التي يترأسها مسؤولون موارنة.