مقالات

القضاء في مهبِّ العاصفة والعدالة هي الضحية..!

عواصف الإنهيارات المتنقلة التي تهز مقومات الدولة اللبنانية، وصلت أخيراً إلى القضاء، عبر الإشتباك الحاد بين قضاة النيابة العامة التمييزية والمحقق العدلي في ملف الإنفجار الزلزالي في مرفأ بيروت.
العودة الصاخبة للقاضي طارق البيطار في تحريك التحقيق بإنفجار المرفأ، كانت مبالغ فيها، وتجاوزت أهداف العدالة في كشف حقيقة ما جرى في ذلك اليوم الأسود من الرابع من آب ٢٠٢٠، إلى إفتعال ضجة سياسية، وتسعير الخلافات القضائية، وتعطيل التحقيق بطريقة غير مباشرة، بسبب ردود الفعل العنيفة المنتظرة على القرارات الكبيرة التي صدرت دون سابق إنذار، ولا من خلال التنسيق في الحد الأدنى مع النيابة العامة التمييزية، المعنية أولاً بدعوى كف اليد المرفوعة ضده، وهي المرجع الأول لتنفيذ قرارات الإدعاء والتبليغ.
إيصال التحقيق إلى شاطئ الحقيقة في الإنفجار الذي دمّر أحياء كبيرة في العاصمة، هو مطلب وطني بإمتياز، ومدار إهتمام دولي أيضاً، ولكن الإستعراضات الشخصية، والأساليب الشعبوية، وتجاوز الأصول القانونية والتراتبية القضائية، لا تخدم القضية، بل تزيد الأمور تعقيداً، وتخلق بلبلة في الجسم القضائي تزيده وهناً على وهنٍ، على إيقاع الإنقسامات بين المرجعيات القضائية الأساسية، وخلفياتها السياسية والطائفية المعروفة.

يدرك القاضي البيطار أكثر من غيره، أن قراراته المفاجئة بالإدعاء على رئيس حكومة ووزراء سابقين وقادة أجهزة أمنية، «ستُقيم الدنيا ولا تقعدها»، والتغطية الدولية، بكل ما تضمنته من جرعة دعم قوية، لن تنفع في تنفيذ هذه الخطوات على الأرض، لأن الدعم الخارجي سيبقى مجرد كلام بكلام، وتبقى بيانات التشجيع أو الإستنكار مجرد حبر على ورق، لن يُقدم شيئا في تقدم التحقيق نحو الحقيقة.
ويعرف القاضي البيطار أنه لا يستطيع أن يأخذ الدعم الأميركي أو الفرنسي على محمل الجد، بعد أن تبلغ من الدوائر الأميركية والفرنسية المعنية رداً على مطالبته بصور الأقمار الصناعية لموقع الإنفجار لحظة حصوله، بأن الأقمار العائدة للبلدين كانت مُطفأة… ولم تسجل شيئاً عن ثالث أكبر أنفجار في العالم!!
القضاء في مهب العاصفة القضائية الأوروبية.. والعدالة هي الضحية الأولى في هذه الحرب الباردة التي ألهبت أجواء قصر العدل في بيروت!

المصدر
صلاح سلام - اللواء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى