مقالات

لبنان خارج الخريطة العالمية

لن نتوقف كثيرًا عند إعلان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أن فنزويلا ولبنان وجنوب السودان متأخرة عن سداد مستحقات لميزانية تشغيل الأمم المتحدة، وهي من بين 6 دول فقدت حقوقها في التصويت في الجمعية العمومية المكوّنة من 193 عضوًا. فالمشكلة، وإنْ تكررت، تبقى آنية، يمكن حلّها بسداد مبلغ مقدور عليه لبنانيًا، وإن تأخر بسبب إهمالٍ وترهلٍ أكثر من كونه سببًا ماليًا، ما دام لبنان سارع الى التعجيل في اجراءات الدفع.

الخطورة تكمن في أن لبنان يخرج شيئًا فشيئًا من روزنامة اهتمامات الدول إلا في ما ندر. وحدها فرنسا لأسباب تاريخية ونفعية، لا تزال تجهد لتوفير حلول، ولو مرحلية. ومع ذلك فهي تتعثر في مساعيها التي لا تحظى بغطاء دولي وعربي. الولايات المتحدة حركت ماكيناتها قبيل توقيع اتفاق الترسيم مع اسرائيل، وقد يكون لبنان تراجع بعد ذلك عن دائرة اهتماماتها. اوروبا غارقة في حرب روسيا – اوكرانيا، وتداعياتها على مجمل الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

اما الدول العربية، فتعاني هي الاخرى من مشكلاتها. وغالبيتها وضعت لبنان على لائحة “دول الممانعة” التي يقودها النظام الايراني عبر “الحرس الثوري” و”حزب الله”، وبالتالي صارت تنظر الى لبنان كدولة “خصمة” اكثر منها شقيقة، وقد ابتعدت عنه إلا في الحد الادنى من المساعدات الانسانية، وباتت تتفرج على دول “محور الممانعة” التي تتخبط في صراعاتها وأزماتها من ايران والعراق وسوريا ولبنان، وتنتظر “ارتداد” بعض هذه الدول للعودة اليها جزئيا بعدما فقدت دورها الفاعل على مختلف الصعد.

ولعل حفل توزيع الجوائز الذي شاهدناه ليل السبت من المملكة العربية السعودية، خير دليل على فقدان هذا الدور. فالمملكة لم تكن وطئت باب الفنون قبل ذلك، وكانت الوجهة بيروت. لكن سياسة الانفتاح التي اعتمدتها المملكة جعلتها قبلة اهل الفن ايضا، ولن يتمكن لبنان من منافستها نظرًا الى الامكانات الكبيرة المتوافرة لديها. وما حدثُ كأس العالم الكروي الذي نظمته دولة قطر إلا مثال اضافي على عدم امكان لبنان استعادة دوره السابق.

لبنان يتحول دولة فاشلة بكل المعايير، دولة لا تنتخب رئيسًا، ولا تؤلف حكومة، ولا تضبط حدودها، مصارفها تبلغ حدّ الافلاس، ومستشفياتها تحتاج الى تجهيزات وأدوية، ومدارسها وجامعاتها تطلب الاعانات الخارجية. دولة تفتقد الحد الادنى من التضامن المجتمعي في اكبر جريمة معاصرة ألا وهي انفجار المرفأ، ويعجز قضاؤها عن المضي في تحقيق العدالة، كيف لها ان تحتل موقعًا على الخريطة العالمية، إلا إذا ورد اسمها على “لائحة الدول الفاشلة”!

فهل يعي المتصارعون وأهل الحلّ والربط خطورة الوضع، فيبادرون الى الاتفاق على حد ادنى من الحلول وليس من الترقيع والصفقات؟ حتى الساعة لا يأمل اللبنانيون خيرًا، ذلك انهم يراقبون الاداء الفاشل على كل المستويات.

المصدر
نايلة تويني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى