مقالات

إشتداد التأزم السياسي وسط الإعتصام النيابي

لا تبدو صورة الأيام المقبلة مرشحة لأي تطورات إيجابية لا على الصعيد السياسي ولا على الصعيد المالي والاجتماعي في ظل التسابق الحاصل بين مجريات مأزومة على المسارين معاً. فعلى صعيد المشهد السياسي أظهرت تداعيات الاعتصام النيابي الذي ينفذة نواب من “تكتل التغييريين” منذ يوم الخميس الماضي أن صورة المأزق الرئاسي وأزمة الشغور صارت من التصلب والتعقيد بحيث يعجز عن تذليل عقباتها أي تحرك داخلي منفرداً ولذا تحول الاعتصام ولو مع حركة تضامن يستقطبها إلى محاولة اختراق إعلامية ومعنوية ولكنها لم تخترق الانسداد السياسي في أي شكل. وعلى الصعيد المالي – الاجتماعي يبدو الوضع أشدّ قتامة إذ لا تظهر أي معالم جدية للجم اندفاعات سعر الدولار في السوق السوداء حيث سجل أمس سقفاً يتجاوز الـ51 ألف ليرة فيما أسعار المحروقات ترتفع باطراد بدورها وكلّ ذلك سيتدفق بانعكاسات خانقة جديدة على كل المستويات المعيشية واشتعال الأسعار الاستهلاكية.

وأما في المشهد السياسي فلم يطرأ أي عامل جديد في شأن الازمة الرئاسية في حين استمر عدد من النواب في الاعتصام داخل المجلس لليوم الثالث على التوالي. وأثارت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري اللجان النيابية المشتركة الى جلسة الخميس المقبل، وهو اليوم المعهود الثابت لانعقاد جلسات انتخاب رئيس الجمهورية أصداء وانطباعات ومواقف سلبية لكونها بدت استفزازاً للنواب المعتصمين واستهتاراً بحركة الاعتراض على نمط إدارة الجلسات الانتخابية الذي يتبعه بري. وبإزاء ذلك سارع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب إلى القول: “علمت من الرئيس بري أنه مستعد لإلغاء جلسة اللجان المشتركة وأي جلسة أخرى لتحديد جلسة رئاسية إذا لمس بوادر تفاهم أو مخرج لانتاج رئيس وجلسة اللجان ليست بديلاً من جلسة الانتخاب بل مسعى للتشريع وتسيير عمل المجلس”. ولكن ذلك لم يحجب تصاعد مستوى التعقيد في أزمة الاستحقاق الرئاسي في ظل دوامة استعصاء التوافق السياسي أما على خوض معركة انتخابية تفتح عبرها الجلسات ولا تبقىِ رهينة كسر النصاب في كل دورة ثانية انتخابية، وأما التوافق على اسم يحظى بمساحة واسعة من التأييد والدعم بما يشكل المظلة السياسية للذهاب الى انتخاب الرئيس الجديد.

وكان الاعتصام النيابي تواصل امس لليوم الثالث داخل مجلس النواب ، واشارت النائبة حليمة القعقور،لاالى أنّ “عدم دعوة رئيس مجلس النواب الى جلسة جديدة لانتخاب رئيس يشير إلى أنّه لا يهمه الاعتصام وما يريده يحصل”، مضيفةً: “لنقم بحوار منطقيّ ونحن نطالب بتطبيق الدستور”. وأكدت أننا “نريد التعاون داخل وخارج المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية ولا مكان للحوار أفضل من المجلس”.

من جهتها، أكدت النائبة نجاة صليبا ان “المجلس النيابي في حالة انتخابية فقط ومن يأتي ليقف معنا يقف إلى جانب الدستور”، مشيرة الى ان “كل إنسان منتخب من الشعب عليه تمثيل الشعب ونحن هنا لانتخاب رئيس والهدف ليس الإسم بل تطبيق الدستور”.

بدوره، اعتبر النائب فراس حمدان ان “لا إمكانية لاي إجراء إصلاحي أو خطة إنقاذية إلا من خلال انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة”.

اما النائب عبد الرحمن البزري فشدد على أن “يجب أن يكون هناك نوع من الاختراق السياسي الديمقراطي داخل مجلس النواب وهذا الحل الوحيد للازمة، مشيرا إلى أن النواب الموجودون في المجلس ليسوا معتصمين بل في موقعهم الطبيعي ويقوموا بواجباتهم. ورأى أن ما نشهد له في المجلس النيابي صرخة حقيقية ديمقراطية، الهدف منها إظهار أن دور المجلس انتخاب رئيس.واعتبر أن هذه الخطوة حرّكت المياه، مشيرا إلى أنه من الواضح أن الوضع استثنائي والهدف الاساسي حماية النظام البرلماني الرئاسي اللبناني.ودعا إلى نقاش جدي بين كل القوى السياسية من دون المراهنة على أي حسابات خارجية وإقليمية، مؤكدا أن هناك فرصة حقيقية داخلية.

وعقب المشاركة الرمزية لتكتل الجمهورية القوية في الاعتصام ليل الجمعة أكد عضو التكتل النائب جورج عقيص أن ” أن همنا الأول هو توحيد المعارضة ونعتبر انفسنا في هذا المجال أم الصبي وأن هذه الفرصة لا تزال متاحة ولو انها بعيدة المنال”. وأضاف “القوات تسعى الى إيجاد مساحة مشتركة بين كل كتل المعارضة مشدداً على أن فرصة لبننة الاستحقاق بمتناول اليد إذا صفت النيات وإذا وجدنا طريقة حوار منظمة بين الجميع”. وأوضح اننا ابلغنا نواب التغيير المعتصمين داخل مجلس النواب ان الخطوة بحد ذاتها حركة نبيلة ولكن ماذا بعد؟ إلى أين تتجهون من هذا الاعتصام؟ انتخبوا ميشال معوض”. وأكد عقيص ان نواب التغيير غير متفقين وهناك تباعد استراتيجي وايديولوجي بينهم حيث لا اتفاق على اسم واحد وبعضهم غير مقتنع بوجوب تأمين 65 صوتاً في المرحلة الأولى. أظن انهم فهموا وجهة نظرنا ونحن لم ننطلق من موقع الخصومة بل من موقع تحالفي ولو على القطعة في الموضوع الرئاسي وندعم أي فكرة يمكن ان تخدم الخروج من المرواحة. وتخوف من أن “يكون الاعتصام باباً الى مزيد من التأزم ولتعنت بري في عدم الدعوة الى جلسات انتخابية.”

ومن المواقف البارزة التي سجلت رئاسيا شدد رئيس كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط على “أهمية أن يبادر كل الأفرقاء باتجاه تحريك الملف الرئاسي لإتمام هذا الاستحقاق، وبالتالي اطلاق مسار المعالجة تدريجيا”، مؤكدا أن “كل جهد الحزب التقدمي الاشتراكي السياسي وحركة المشاورات التي يجريها، تهدف لكسر حلقة الجمود المتصلة بالملف الرئاسي وتأمين التوافق على شخصية تتولى مسؤولية الحكم بالتكامل مع الحكومة المقبلة والمجلس النيابي، لإعادة انتظام المؤسسات الدستورية والخروج من النفق المظلم، الذي يحكم البلاد ويزيد من تفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية والمالية التي تستنزف المواطنين وإرهاقهم”.

وعلى هامش استقبالات السبت الأسبوعية في قصر المختارة قال النائب جنبلاط: “إن شرذمة المواقف بين الكتل النيابية وعدم قدرة أي فريق على ايصال مرشحه، تتطلب حوارات مجدية مع الجميع ومقاربات جديدة لمصلحة الوطن أولا، من أجل الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن، إلتزاما بروح الدستور الذي نص عليه إتفاق الطائف والسعي لتطبيق كامل مندرجاته والشروع بورشة الاصلاحات المطلوبة”.

المصدر
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى